يقف متوتراً على الخط، حبات العرق تتكاثر فوق جبينه، الإدرينالين يتصاعد فى جسده، والدقائق تمر بسرعة وكأنها تفر من أسد طليق، ها هى الدقائق الخمس تمضى، يُحدّث نفسه قائلاً: «يبدو أن اللحظة حانت.. سأغادر بعد هذا الخروج»، ولكن يأتى «البديل» محمد جدو بكرة عرضية للمهاجم أحمد رؤوف ليضعها فى المرمى قبل ثوانٍ قليلة من انتهاء وقت المباراة الإضافى، لتنفجر معها حنجرة المدرب الشاب من الصراخ، ويعلن عودة الأهلى إلى البطولة العنيدة على الأندية المصرية من جديد. «أنا أفهم قواعد اللعبة»، هكذا حدث محمد يوسف المدير الفنى السابق للأهلى نفسه، والذى تولى تدريب الفريق خلفاً لحسام البدرى فى مايو 2013، لكنه كان مخطئاً تماماً، حيث فشل الرجل فى فهم قواعد اللعبة، لم يعرف ما هو «ممنوح»، وما هو «ممنوع»، فبعد تصريحات «طاهر الشيخ» عضو مجلس إدارة النادى الأهلى، التى هاجم فيها محمد يوسف، قائلاً: «المدرب الأجنبى أفضل للأهلى من الوطنى، لأن اللاعب لا يحترم إلا المدرب الأجنبى»، فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ النادى الأهلى، قابل «يوسف» التصريحات باستياء شديد لكشف أوراق الفريق وانتقاد أدائه. بشكل مفاجئ تم اتهام «يوسف» بالخروج عن قواعد النادى العريق فكان الثمن التضحية به فى صراع كان الطرف الأقوى فيه عضو مجلس الإدارة المنتخب طاهر الشيخ. اتخذ مجلس إدارة النادى الأهلى بقيادة محمود طاهر قراراً غير متوقع، وضحى بالمدير الفنى الذى قبل تولى المسئولية فى وقت هرب فيه الكل من تحملها، مع أن أعذار ومبررات خسارة اللقب الأفريقى كانت جاهزة ومقبولة من أى مدير فنى، لكنه فعلها وحقق لقب «دورى الأبطال»، وشارك فى مونديال الأندية، وأبقى الأهلى حياً وسط مجموعة من الأندية المصرية «الميتة إكلينيكياً». محمد يوسف اللاعب الأعسر، الذى قضى فى الأهلى 30 عاماً، ما بين ناشئ ولاعب ومدرب، انضم إلى الجهاز الفنى للأهلى لأول مرة عام 2009 مساعداً ثانياً لمانويل جوزيه، ثم مساعداً لحسام البدرى، ثم مديراً فنياً للفريق. 33 عاماً ومحمد يوسف يتردد على القلعة الحمراء، ولكنه فشل فى استيعاب حقيقة «إذا اقتربت احترقت»، حقيقة عرفها من قبله نجوم كبار، بداية من «الجوهرى» ومروراً بطاهر أبوزيد والتوأم حسن، اقترب وهاجم الإدارة واستخدم حقه الطبيعى فى الدفاع عن كبريائه، فكانت النتيجة التضحية به لإرضاء المجلس الجديد، الذى ورث الإمبراطورية الحمراء بعد سنوات من الاشتياق والتمنى، وكانت النتيجة رحيل «يوسف» بعد الصعود إلى دورى مجموعات «بطولة الكونفيدرالية»، ومنافسته على الدورى العام بعد تحسّن نتائجه فى المباريات الأخيرة، ليعود إلى صفوف المشجعين حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً.