قضايا الدولة تُهنئ الرئيس السيسي ب عيد الأضحى المبارك    حين تصبح التجارة بابًا للبركة.. عجل "لأهل الله" في العيد الكبير    إيطاليا: عمليات إسرائيل في غزة وصلت أبعادا لا يمكن قبولها    الناتو: اتفقنا على سلسلة أهداف طموحة للقدرات الجديدة    تصفيات كأس العالم 2026.. وسام وصيام يقودان منتخب فلسطين للفوز على الكويت في عقر داره    «صاحب أبوريدة».. أحمد مجاهد يفجر حيرة الجماهير في نهائي كأس مصر    مسجد نمرة وجبل الرحمة.. ما أبرز معالم مشعر عرفات؟    أهل الفن والإعلام يقدمون واجب العزاء في سيدة المسرح العربي سميحة أيوب | صور    هند صبري تهنئ متابعيها بعيد الأضحى    مها الصغير تروج حلولها ضيفة مع منى الشاذلي | صور    «ردّدها الآن».. الصيغة الشرعية لتكبيرات عيد الأضحى ومتى تتوقف؟    كل ما تحتاج معرفته عن ذبح الأضحية في عيد الأضحى    طوارئ بمستشفى كفر الشيخ الجامعي خلال عيد الأضحى المبارك    نصائح مهمة للتعامل مع الُمصاب بضربة الشمس خلال مناسك الحج    مباشر مباراة إسبانيا ضد فرنسا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    مصطفى محمد يدعم الزمالك من مدرجات ستاد القاهرة في نهائي الكأس    غرفة ملابس الزمالك قبل مواجهة بيراميدز في نهائي كأس مصر (صور)    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    قرار هام بشأن أسئلة امتحانات الثانوية الأزهرية في مطروح (تفاصيل)    بروتوكول تعاون بين «التضامن» و«التعليم العالي» ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    أول زيارة للمستشار الألماني للولايات المتحدة    زلزال بجنوب إيطاليا يتسبب في انهيار جزئي بموقع بومبي الأثري    ورش وعروض فنية في احتفال ثقافة المنيا بعيد الأضحى    مخرجة «ريستارت» عن انتقادات مشهد ارتداء تامر حسني ملابس داخلية: أشكره على جرأته    الهلال يُغري نابولي بعرض خيالي لضم أوسيمين    مدحت بركات: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تعكس التزام مصر بالتعاون العربي    صلاة عيد الأضحى 2025.. موعدها وطريقة أدائها وفضلها العظيم    أستاذ تمويل: المنصة الإلكترونية لتراخيص الاستثمار مهمة لتعزيز بيئة الأعمال    بعد إطلاق ال5G.. مطالب برلمانية بإلزام شركات المحمول بعدم زيادة الأسعار    في العيد.. طريقة عمل لحمة الرأس بخطوات سهلة وطعم مميز    استشاري تغذية يحذّر من الإفراط في تناول اللحمة خلال عيد الأضحى- فيديو    "التنظيم والإدارة" يتيح استعادة كود التقديم في مسابقاته عبر بوابة الوظائف الحكومية    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    إعلام إسرائيلى: مقتل جندى إسرائيلى متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها فى غزة قبل 8 أشهر    وزير الخارجية الألماني يجدد مطالبته لإسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة    المجمع المقدس يؤكد على الرعاية المتكاملة ويُطلق توصيات جديدة للرعاية والخدمة والأسرة    نادي قطر يُعلن نهاية إعارة أحمد عبد القادر وعودته للأهلي    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تنبيه بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى العيد    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    120 جنيه وخناقة بخرطوم تنهي عشرة "نقاش العمرانية" وزوجته.. ما قرار الجنايات؟    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    توريد 173ألف و821 طن قمح إلى الشون والصوامع بسوهاج    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    أجمل صور يوم عرفة.. لحظات تتجاوز الزمان والمكان    فقد وتشتت.. فرحة الأضحى تغيب عن نازحي مخيم جنين (تقرير)    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة الرئيس أم الجماهير؟
نشر في الوطن يوم 18 - 05 - 2012

من سمات مرحلة التحول الديمقراطى التى دخلت فيها مصر منذ ثورة يناير أنها تعيد صياغة علاقة السلطة بالجماهير، وكذلك نظرة الجماهير للسلطة؛ بما يحول مصر فى نهاية المطاف إلى دولة تفرز كل سلطاتها بالانتخاب الحر المباشر وتتجدد فيها العلاقة التعاقدية بين النخب الحاكمة والجماهير عبر نجاح الأولى فى تلبية مطالب الثانية، مع خضوعها كذلك للمساءلة من ممثلى الشعب فى البرلمان، وهو تحد جديد فى دولة قديمة كمصر التى عرفت عبر تاريخها نمطين لعلاقة السلطة بالجماهير.
النمط الأول هو نمط الدولة التسلطية الذى عززه وجود مكون جغرافى كنهر النيل، فبحسب ما أشار الفيلسوف البريطانى برتراند راسل فى كتابه (السلطة والفرد)، فإن النيل قد عزز تماسك مصر منذ أقدم الأزمنة لأن حكومة تسيطر فقط على أعالى النيل يمكنها القضاء على خصوبة مصر الدنيا. فتماسك الدولة هنا قد ارتبط بتسلط النظام السياسى وقدرته على البطش بمعارضيه؛ وهو ما بلور مفهوم المستبد الشرقى فى مصر شأنها فى ذلك شأن باقى الدول التى تعتمد على مياه الأنهار فى الرى.
وقد أدى هذا إلى حدوث تحول عميق فى مفهوم الدولة التى تشكلت وفقا للنموذج الذى يطلق عليه عالم الاجتماع الألمانى الشهير ماكس فيبر (الدولة الكاريزمية) الذى يتمركز حول شخص الزعيم الملهم ذى الطبيعة الكاريزمية الطاغية، وهو النموذج الذى حول العلاقة بين تلك الدولة التسلطية والجماهير إلى علاقة أسطورية وأبوية. ومن ثم فإن بزوغ زعامة كبرى كجمال عبدالناصر فى مصر لم يبلور فى النهاية مفهوم الدولة الخادمة، أو المعيلة، التى تعمل لصالح مواطنيها برغم ما قدمه الرجل من خدمات اجتماعية كبرى للمصريين، نظرا لغياب إطار مبدئى تشكل السلطة التنفيذية فيه عبر آلية الانتخاب الحر ومحاسبة تلك السلطة أمام البرلمان.
أما النمط الثانى، والذى يمثل استثناء تاريخيا فيما يتعلق بطبيعة الدولة المصرية ونظامها السياسى، فهو النمط الديمقراطى الليبرالى الذى تبلور فى مصر خلال الفترة ما بين اندلاع ثورة 1919 واندلاع ثورة 1952؛ فتماسك الجماعة الوطنية المصرية وقتها قد تمحور حول مطلب سياسى واحد هو جلاء المحتل البريطانى، وحدث التعبير عن ذلك عبر ثورة شعبية كبرى أفرزت فيما بعد دستورا وبرلمانات منتخبة، إلا أن هذا النمط الديمقراطى الليبرالى لم يفلح هو الآخر فى بلورة مفهوم الدولة الخادمة؛ فالتركيبة الطبقية للنخبة الحاكمة وقتها حالت بينها وبين إحداث نقلة اجتماعية وتنموية شاملة تراعى البعد الاجتماعى وتخدم الطبقات الفقيرة والمعدمة التى شكلت السواد الأعظم من المصريين خلال تلك الفترة.
مغزى ذلك أن نجاحنا كمصريين فى اجتياز هذا التحدى التاريخى يتطلب إنهاء الجدلية التاريخية بين مفهومى الحرية والعدل الاجتماعى، وهو ما حدث على المستوى النظرى خلال ثورة يناير التى عبرت بجلاء عن مضامين نموذج الدولة الخادمة (يختار فيها المواطن سلطاته بحرية تامة، وتؤدى هذه السلطات دورها الرعائى والاجتماعى على أكمل وجه) عندما زاوجت بعبقرية فريدة بين كلا المفهومين.
لكن النجاح فى إنجاز نفس التغيير على أرض الواقع هو الأكثر صعوبة وتعقيدا، نظرا للارتباك الرهيب فى مسار الفترة الانتقالية، التى كان يتوقع أن يتم خلالها الانتهاء من بناء مؤسسات سياسية منتخبة وقادرة على تمرير مفاهيم وأهداف الثورة عبر قنواتها الدستورية، إلا أن ما حدث هو العكس، فهشاشة البناء المؤسسى التى ولدها ارتباك المسار الدستورى والقانونى وحالة القطيعة الممنهجة والمصنوعة التى حدثت ما بين شرعية الميدان وشرعية البرلمان أدتا فى النهاية إلى عجزنا التام عن اجتياز هذا التحدى، وخصوصا مع استمرار النخبة السياسية -وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين- فى ممارسة نفس أخطائها التى تعرقل عملية تحول مصر إلى دولة طبيعية، مثل توظيف البرلمان كأداة للصراع السياسى وانحرافه عن دوره الأساسى فى رقابة الحكومة والتشريع بما يخدم مصالح الجماهير، والدخول فى صدام مع مؤسسات الإعلام التى مارست دورها فى الرقابة الشعبية والمجتمعية على الدولة طوال عهد مبارك، والتقاعس عن إجراء تغييرات جذرية فى البنية الاجتماعية والاقتصادية بما يحقق مطالب الفقراء والمهمشين؛ وهو ما يعنى نهايةً أن تحول مصر إلى دولة خادمة قد أصبح مرهونا بتخلص النخبة السياسية من أمراضها المزمنة بعد أن أدت الجماهير مهمتها التاريخية وخلعت نظام مبارك المستبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.