بعد أن توضأ وصلى ركعتين لله، جلس أمام إحدى القنوات الدينية التى تحمل اسماً من أسماء الله الحسنى، واستمع إلى برنامج يدور فيه الحوار حول «إحياء القلوب بالذكر»، وإذا بأحد ضيوف البرنامج وهو شيخ محسوب على التيار السلفى يخرج عن موضوع الحلقة ويكيل لإحدى الفنانات السباب، علاوة على مفردات حوار لم تخلُ من مصطلحات «داعرة - فاجرة- زانية»، حاول الشاب الثلاثينى أن يحول القناة غير أن صدمة الألفاظ منعته. هكذا صار حال مصطفى محمود وكثير من المصريين هذه الأيام، ممن يشعرون بصدمة أثناء مشاهدة القنوات الفضائية الدينية، وتساءل مصطفى: «هل هذا دين؟ وهل هؤلاء هم ورثة الأنبياء؟»، قبل أن يضيف متحسراً: «همّا مفكرين إن الشتيمة بتكتر الحسنات». الأمر ذاته ينطبق على محمد خليفة، الذى يهوى الجلوس أمام الإنترنت؛ سمع عن أزمة فنانة وشيخ ظن فى البداية أن الأمر لا يتعدى تصريحاً فإذا بها مجموعة من الفيديوهات هى الأكثر مشاهدة على «يوتيوب» وصلت لأكثر من مليون مشاهدة، يعدد فيها «الداعية» تفاصيل لمشاهد وقُبلات للفنانة ويتوعدها بالفضيحة، وترد الفنانة بالبكاء والنحيب، فيما يظهر شيخ شهير يتضامن مع الداعية «الأزهرى» برسالة بعث بها من إحدى دول الخليج عنوانها «أيها الداعرون.. أيتها العاهرات.. هل هذا فن؟». فيديوهات المشايخ الذين يسبون الفنانين أصبحت هى الأعلى مشاهدة وتحميلاً، ورغم نفى الشيخ عبدالله بدر اتهامه لإلهام شاهين بالزنا، فإن شباب المواقع الإلكترونية قاموا بدمج فيديو الاتهام بفيديو النفى ليصبح الفيديو الجديد الأكثر مشاهدة. الدعوة إلى الله لا تستوى سوى ب«الحكمة والموعظة الحسنة»، هكذا يعقب الدكتور محمد وهدان الأستاذ بجامعة الأزهر، معتبراً أن ذلك الشيخ «المنتسب» للأزهر قد ارتكب جرماً وأساء للإسلام ولنفسه وللمؤسسة العريقة «الأزهر»، ويستشهد «وهدان» بالرسول الذى لم يرتقِ منبراً وسب أحداً قط بينما كان قوله دائماً هو «ما بالُ أقوام يفعلون كذا وكذا»، مؤكداً أن النبى لم يسمِّ أحداً قط. وعن اتهام الداعية للبعض بالزنا، يستغرب الأستاذ بجامعة الأزهر ذلك، بحديث صحيح للرسول قال فيه: «سباب المسلم فسوق وقتاله كُفر»، مؤكداً أنه مهما زادت خطيئة المرء ففى النهاية لا يزال يقر بالوحدانية والإسلام، معتبراً أنه حتى النصيحة على الملأ لا تجوز، وأن الداعية لو كان يريد خيراً لذهب لمن أراد انتقاده فى السر، إلا أن «وهدان» يؤكد أن تلك هى عادة محبى الشهرة و«الشو الإعلامى».