هروبًا من وقف الحال وانقطاع مصدر الرزق، حمل "عم راضي" حاله هو وأسرته المكونة من 3 أبناء وزوجته إلى أحد أقاربه في المنشية، بعد أن طارده انقطاع الكهرباء داخل بقالته -التي يتخذها مسكنًا ومصدرًا لكسب قوت يومه منذ 40 عامًا- طيلة الأسبوعين الماضيين قرابة 6 ساعات في اليوم الواحد، فلم يكن أمامه سوى حل من اثنين أما أن يتحمل انقطاع الكهرباء ويمتنع عن سداد الفاتورة كشكل من أشكال العقاب أو يلوذ بالفرار كمعظم أهالي منطقته مشعل بالهرم. بضائع أوشكت على التلف، وثلاجات مهددة بالانفجار إذا ما عاد التيار أعلى بفولت أقوى، رعب يومي يلاحق راضي فهمي حسين، على أعتاب محله بشارع زغلول في الهرم يلازم الرجل الخمسيني كرسيه الخشبي، ضاربًا كفًا بكف على محله الذي لم تنقطع عنه الحياة إلا في الأيام الأخيرة: "كنت بفتح طول الليل والنهار دلوقتي حتى النهار لما بفتح ببيع على القد، منهم لله قالولنا ساعة في اليوم، واتضح في النهاية إن الساعة دي هي اللي بيجي فيها النور مش العكس". التظاهر والاحتجاج سلوكيات ليست من شيم راضي الذي يفضّل "المشي جنب الحيط" لأن في حالة امتناعه عن سداد الفواتير ستلاحقه الغرامات التي ستعود عليه بمديونات تفوق قدرته على السداد: "بدفع الفواتير بالممارسة يعني كل 3 أشهر بدفع 780 جنيهًا ولو كترت عليا مش هلاقي فلوس أكل بيها لأني معنديش دخل ثابت". المحل الذي يتحول في المساء إلى حجرة تأوي أسرته أصبح لا يسكنه سوى الثلاجات المعطلة والرطوبة العالية الناتجة من ارتفاع معدل درجات الحرارة: "إزاي أنام وعيالي، إحنا ممكن نموت من الخنقة.. حسبي الله ونعم الوكيل".