هناك أشخاص يعبرون أسوار حياتنا في هدوء وسكينة، يتوغلون فيها وينتشرون في جنباتها يتنقلون من طوابقها ويصعدون من طابق إلى أعلى بصفاتهم وأرواحهم الطيبة ونقائهم الشفاف بمواقفهم وأفعالهم يتربعون في مراتب أعلى في حياتنا. نقر أننا نحتاج هؤلاء في حياتنا، فمقاعدهم التي صنعت خصيصًا لكي تكون لهم لا يمكن أن تحمل غيرهم، فهنا لا تتبدل الأدوار ولا يحل أحدًا مكان آخر، هنا يتوقف الزمن عندما يغيب هؤلاء عن المشهد.. ربما لا نعطيهم الفرصة أن تكون حياتهم مثالية بعيدًا عنّا لأننا ربطنا أوتار حياتهم بقلوبنا، عندها نقرر أننا يجب أن نصنع لهم مكانة خاصة في قلوبنا وحياتنا كالكوخ الصغير المبتعد عن براثن الخطايا وتقلبات العلاقات الوقتية. نحافظ عليهم من كل ما هو دنيوي نقاتل من أجل بقائهم.. فكرة الرحيل ترهبنا، نبعدها عنا كما تبعد الأم صغارها عن لهيب النار وهي تعد لهم الطعام، نخاف عليهم من أنفسنا من أن نكون أول من يضع مسمارًا في نعش العلاقة. البقاء عنوان والرحيل يلوح في الهامش نتجاوز أن نستعين به ما بين السطور؛ لذلك نخاف ونخاف من تقاليد الحياة وقيودها الخداعة.. نحبهم ولكن كغير الحب نعشقهم ليس كشعق العاشقين ونخاف عليهم من كلما يقرب فكرة الرحيل، نظل نترنح بين تطور العلاقة إلى ما يؤدي إلى الرحيل فنخاف!، وما بين بقائهم في حياتنا فنصر على التظاهر بالثبات لأجلهم سنبقى أصدقاء.. سنبقى رفقاء لأجلهم سنبقى فوق كل العلاقات التقليدية.. لأجلهم لن نعشقهم كما العشق.. لأجلهم سنبقى ولن نرحل.