يراهم المجتمع «عجزة»، فتحولهم الإرادة إلى «معجزة»، لا تقترب الأضواء من عالمهم، غير أنهم يجبرونها على التحول تجاههم، ما إن تقع الأعين عليهم حتى تلهج الألسن بذكر الدعاء الأثير «الحمد لله الذى عافانا مما ابتلى به أحدا من خلقه»، فيما يدور بخلدهم ما هو أسمى، فابتلاؤهم صار نعمة، ومحنتهم أضحت بطولة، وإهمالهم أصبح حافزا للانتصار، ومن كان ينظر إليهم بعين الشفقة بات يتمنى أن ينول شرف الظهور معهم فى «الكادر». 20 ألفا يتابعونها داخل الصالة من بينهم رفاق الرحلة، تمتمت بدعاء للخالق، وأشارت بالسبابة صوب السماء، فربتوا هم بأيديهم متأهبين للحظة زميلتهم الحاسمة، قبل أن تطلق صيحتها «يا رب»، نامت على ظهرها لتقبض بيديها على تلك القطعة الحديدية زنة 142 كجم، فيما لم يغب عن عينيها حلم تحطيم الرقم القياسى الذى أحرزته قبل 4 أعوام، لحظات مرت كسنين، ختمتها بزفرة تبعها تصفيق حاد رج أرجاء المكان وبكاء جماعى ممن شاركوها طموح البطولة.. إنها حكاية «فاطمة عمر» صاحبة الميدالية الذهبية لرفع الأثقال، للمرة الرابعة على التوالى منذ «بارالمبيات» سيدنى عام 2000، بطلة ضمن نجوم لم تزل تتلألأ فى سماء لندن، أحرز فريقها (رفع الأثقال) وحده 5 ميداليات «2 ذهب و3 برونزية»، فأثبتوا لكل من تابعهم أن الإعاقة فى الإعجاز وأن من يملك إرادة يحقق الإنجاز. لا يتمنى عماد الدين بهجت مدرب فريق رفع الأثقال للرجال والسيدات سوى أن يتساوى لاعبوه مع أقرانهم من «الأصحاء»، فبينما يحصل الحائز على ميدالية ذهبية فى الأولمبياد على مليون جنيه، يكافأ صاحب الميدالية نفسها فى المسابقة «البارالمبية» للمعاقين ب200 ألف جنيه فقط. «بنلعب على أرض واحدة، وبنرفع الأثقال نفسها، حتى علم مصر مبيتغيرش.. مش عارف بيفرقوا بينا ليه؟»، يستنكر «عماد» التفرقة التى يلاقيها هو و«أولاده» -ما يحلو له أن يناديهم- رغم الإنجاز الذى يحققونه، قبل أن يوضح تفاؤله فى تلك البطولة: «الريس قابلنا قبل ما نسافر وبصراحة فى دعم زيادة المرة دى حتى من الإعلام»، «بهجت» كان عضوا فى الفريق ذاته قبل 14 سنة، لم يترك اللعبة التى يعشقها، قرر أن يستمر فيها داعما للاعبيه فى تحطيم أرقام قياسية يعجز بعض من نعتبرهم «كاملين» عن اقتناصها.