تهتم الدول المتقدمة بالعلم ومؤسسات العلوم باعتبارها الركائز الاساسية لتحقيق نهضة الشعوب والارتقاء بمستوي معيشتها وتحقيق الرفاهية لمواطنيها وتمثل مراكز البحوث العلمية المكون الرئيسي لتلك المؤسسات لذلك نجدها تحتل أولوية أساسية في الإنفاق المالي وعمليات التحديث والتطوير الاداري من جانب حكومات هذه الدول . والمتابع لأحوال المراكز البحثية المصرية يجد انها تعاني بشدة من الإهمال الحكومي سواء من الناحية الإدارية اوالمالية مما يعرضها لكثير من التحديات التي تعوق عملها البحثي والعلمي بالاضافة لوضعها الصعب نتيجة تبعيتها للوزارات المختلفة وغياب التنسيق فيما بينها والذي يصاحبه تكرار الأبحاث والمشاريع العلمية ولعل اهم وأخطر المشاكل التي تواجه المراكز البحثية في مصر هي مشكلة إدارة تلك المراكز فالإدارة اما انها تكون احد أسباب نجاح اي مركز بحثي او تكون سبب إخفاقه وعدم أدائه لدوره العلمي المنوط به. وقد عانت مراكز البحوث لسنوات طويلة من الطرق التي يتم من خلالها اختيار قياداتها التي تقود العمل الاداري بها وكانت الصدفة وحدها تلعب دورا كبيرا في نجاح بعض المؤسسات عندما يتم تعين رئيساً او مديرا ناجحا يقود باقتدار بعض تلك المراكز ولكن و في اغلب الأحيان كان يتولي زمام الادارة شخصيات غير مؤهلة ولا تمتلك الخبرات الكافية التي تسمح لها بتحقيق نجاحات حقيقية . وكل هذا يرجع اما لغياب القواعد التي يجب علي أساسها اختيار القيادات أو نتيجة التعيين من خلال الواسطة والمعرفة ومع قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير عام ألفين واحدي عشر بدات تتعالي اصوات باختيار القيادات من خلال الانتخابات وللأسف صدر بالفعل قرار جمهوري وتم تطبيق هذا النظام الذي يعتبر من أسوأ النظم التي يمكن اللجوء لها في اختيار مديري ورؤساء المؤسسات العلمية فالانتخابات لا تأتي بالأكثر كفاءة او قدرة علي الادارة وإنما تأتي بمن يعملون من خلال مجاملة الأصوات التي جاءت بهم عبر الصناديق ومن خلال المواءمات والتر بيطات وكلها امور ابعد ما تكون عن القواعد والأصول العلمية في الادارة السليمة وهذا النظام الفريد يعتبر بدعة وغير موجود في اي مؤسسة علمية في العالم . لهذا بات من الضروري مراجعة هذا القانون وإعادة صياغة قانون جديد يتم بمقتضاه تعيين القيادات التي تدير المؤسسات العلمية و ذلك من خلال مسابقات يتقدم لها السادة الأساتذة الذين يجدون في انفسهم القدرة علي إدارة المؤسسة او المركز البحثي الذين ينوون التقدم لإدارته ثم تقوم لجات تضم كبار الأساتذة المشهود لهم بالخبرة والنزاهة باستعراض التاريخ العلمي والخبرات المتراكمة للمتقدمين ثم تقوم باختيار احدهم بناء علي معايير ومواصفات محددة لمن يقع عليه الاختيار . هذا هو ما نحتاجه الفترة القادمة وهذا هو النظام الذي يمكن ان يفرز افضل العناصرالتي تتولي إدارة المؤسسات العلمية المصرية من اجل العمل علي نجاحها وتحقيق الهدف من إنشائها.