بسبب القواعد الجديدة، "أطباء بلا حدود" تترقب اليوم قرارا إسرائيليا بوقف عملها في غزة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على موسكو    الاختبارات الإلكترونية لبرنامج الدبلوماسية الشبابية تجذب آلاف الشباب المصري    وخلق الله بريجيت باردو    محكمة تونسية تؤيد حكم سجن النائبة عبير موسى عامين    وزارة الرياضة تواصل نجاح تجربة التصويت الإلكتروني في الأندية الرياضية    بداية تحول حقيقي، تقرير صادم عن سعر الذهب والفضة عام 2026    ولفرهامبتون يحصد النقطة الثالثة من أرض مانشستر يونايتد    ذخيرة حية وإنزال برمائي.. الصين توسع مناوراتها حول تايوان    مصرع طفل دهسه قطار الفيوم الواسطي أثناء عبوره مزلقان قرية العامرية    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    قوات التحالف تنشر مشاهد استهداف أسلحة وعربات قتالية في اليمن وتفند بيان الإمارات (فيديو)    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    رئيس جامعة قنا يوضح أسباب حصر استقبال الحالات العادية في 3 أيام بالمستشفى الجامعي    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    محافظ القاهرة: معرض مستلزمات الأسرة مستمر لأسبوع للسيطرة على الأسعار    «قاطعوهم يرحمكم الله».. رئيس تحرير اليوم السابع يدعو لتوسيع مقاطعة «شياطين السوشيال ميديا»    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    شادي محمد: توروب رفض التعاقد مع حامد حمدان    نتائج الجولة 19 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. تعادلات مثيرة وسقوط مفاجئ    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    قيس سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية يناير 2026    نتنياهو يزعم بوجود قضايا لم تنجز بعد في الشرق الأوسط    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    طرح البرومو الأول للدراما الكورية "In Our Radiant Season" (فيديو)    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    أمين البحوث الإسلامية يلتقي نائب محافظ المنوفية لبحث تعزيز التعاون الدعوي والمجتمعي    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منظمات حقوقية ترفض قانونيّ مكافحة الإرهاب: يسمحان ب"القمع الأمني".. وندعو "منصور" لسحبهما
أزمة مواجهة الإرهاب ليست في غياب القوانين وإنما في "انعدام" كفاءة الأجهزة الأمنية
نشر في الوطن يوم 13 - 04 - 2014

أصدرت عدد من المنظمات الحقوقية دراسة مفصّلة تعليقًا على مشروعيّ قانونيّ مكافحة الإرهاب، اللذين تم إرسالهما لرئاسة الجمهورية، معربة عن رفضها المشدد لمشروعيّ القانونين، الذي وافق عليهما مجلس الوزراء وأحالهما لرئاسة الجمهورية تمهيدًا لإصدارهما، وذلك بعدما أرسل قسم التشريع بمجلس الدولة ملاحظاته للحكومة مساء أمس.
وأكدت المنظمات الحقوقية أن مواجهة العمليات الإرهابية بقوانين تتعارض مع الدستور وتقنن الممارسات القمعية ليس طريقاً لمكافحة الإرهاب، وتحذر المنظمات الموقعة مجددًا من أن تنحية سيادة القانون جانبًا والاستمرار في تغليب المعالجات الأمنية القمعية التي تشكل انتهاكًا فظاً لحقوق الإنسان والحريات العامة سوف يسهم في اتساع نطاق ظواهر العنف والإرهاب المسلح، لذلك فإنها تدعو رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور لأن يبادر على نحو فوري بسحب مشروعيّ القانونين اللذين وافقت عليهما الحكومة من حيث المبدأ- مشروع تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، والمشروع الثاني بشأن الأحكام الإجرائية لمكافحة جرائم الإرهاب والتعاون القضائي الدولي- وذلك لما يحملانه من إهانة للدستور، وإهانة لإرادة المواطنين الذين شاركوا في الاستفتاء، وأن يقوم بالتحقيق في أوجه القصور الفادح لأداء الأجهزة الأمنية.
ونوهت المنظمات الموقّعة بأن المشروعين كان يجمعهما من قبل مشروع واحد أعدّته وزارة الداخلية واعتبرته المنظّمات الموقعة في نوفمبر 2013 تطورًا خطيرًا من شأنه أن يقنن عودة مرتكزات الدولة البوليسية إلى سابق عهدها قبل 25 يناير ويفاقم في الوقت نفسه من ظواهر العنف والإرهاب.
وأعربت المنظمات عن تفهمها لمسؤولية الدولة في مواجهة الأعمال الإرهابية، إلا أن المنظمات الموقعة تلاحظ في الوقت نفسه أن السياسات والممارسات المنتهجة تحت مظلة ما يسمى بمكافحة الإرهاب تسهم بدورها بصورة مباشرة في تغذية النشاط الإرهابي.
وأشارت دراسة المنظمات الحقوقية، الموقعة أدناه، إلى أنه من المؤسف أن هذين المشروعين الجديدين لمكافحة الإرهاب يعاد طرحهما مجددًا بعدما أضفت عليهما وزارة العدل تعديلات أكثر خطورة تكاد تعصف بكل الضمانات الدستورية للحقوق والحريات العامة.
وأوضحت أنه على الرغم من تضمن دستور 2014 لتقدم ملحوظ في مجال الحقوق والحريات، وخصوصاً تأكيده على حقوق المتهم في مراحل التحقيق، وتأكيده في المادة 237 على التزام الدولة بمواجهة الإرهاب مع ضمان الحقوق والحريات، إلا أن واضعي هذين المشروعين تجاهلوا تلك الضمانات واقترحوا مشروعين يسيران على نفس فلسفة المادة 179 من دستور 1971 المعدّل في عام 2007 والتي أطلقت يد الدولة لمواجهة الإرهاب دون الالتزام بعدد من الحقوق والحريات الواردة في الدستور، الأمر الذي كان أحد أسباب نزول المواطنين في الشوارع والميادين في 25 يناير 2011.
وشددت المنظمات الحقوقية على تعدي مشروعيّ القانون على الدستور، فقد سارا في اتجاه معاكس تمامًا للتوصيات القيمة المقدمة للحكومة المصرية من المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب والتي جاءت في تقريره المنشور عقب زيارته الرسمية لمصر في عام 2009، حيث شدد على ضرورة الأخذ بتعريفات منضبطة للفعل الإرهابي، وأن لا يؤدي أي قانون لمكافحة الإرهاب إلى فرض حالة طوارئ دائمة بشكل غير مباشر.
وأشارت المنظمات الحقوقية إلى إن الحكومة بطرحها لمشروعين القانونين، تسعى إلى التغطية على فشلها الفادح في مواجهة هجمات الإرهاب، والتي طالت أحد أهم المقار الأمنية في مصر (مديرية أمن القاهرة) والتي طالت مؤخراً محيط جامعة القاهرة، وأدت تلك الحوادث إلى سقوط ضحايا مدنيين وقيادات أمنية.
وأكدت إن أزمة مواجهة الإرهاب- كما ذكرنا مراراً- ليست في غياب القوانين، بل في انعدام كفاءة الأجهزة الأمنية في حماية أرواح المواطنين بل وحماية مقارها، فنتيجة اللجوء الدائم والسهل إلى الإجراءات القمعية فقد العديد حياتهم، وتم الزج بآخرين أبرياء في السجون وتعرضهم للتعذيب، بينما الجناة الحقيقيون بعيدون عن أعين الأمن ومستمرون في عملياتهم الإجرامية.
ونوهت المنظمات الحقوقية بإدراك المنظمات الموقعة أن جماعات العنف والإرهاب المحسوبة على بعض فصائل الإسلام السياسي قد اندفعت باتجاه العنف والترويع للخصوم السياسيين لنظام حكم الإخوان المسلمين، غير أنه لا يمكن تجاهل أن التصاعد الهائل لأعمال العنف السياسي والأنشطة الإرهابية الإجرامية قد اقترن وواكب الاستخدام المفرط للقوة المميتة والقتل خارج نطاق القانون، منذ الإقدام على فض اعتصاميّ رابعة العدوية والنهضة، باستخدام القوة المميتة، وفي غيرها من التجمعات الاحتجاجية اللاحقة لمناصري الإخوان المسلمين وغيرهم، فضلاً عن الاتساع الهائل لحملات القبض العشوائي، وتحول الحبس الاحتياطي من أداة قانونية تستلزمها ضرورات التحقيق في بعض القضايا إلى سلاح عقابي، بالمخالفة للقانون، يستهدف تغييب الآلاف داخل السجون من دون توافر أدلة أو قرائن جدية على ارتكابهم أفعالاً يؤثمها القانون، وكذلك اتساع نطاق إساءة معاملة المحتجزين وحرمانهم من حقوقهم القانونية، وتوظيف القانون لسد منافذ التعبير السلمي ليس فقط بحق مناصري الإخوان المسلمين، بل أيضًا بحق النشطاء والسياسيين المناوئين للإخوان.
وأوردت المنظمات الحقوقية المشاركة في هذه الدراسة ملحوظاتها على مشروعيّ قوانين مكافحة الإرهاب فيما يلي:
أولاً: استمرار تجاهل المشرّع للانتقادات العديدة التي تقدّمت بها مرارًا المنظمات الحقوقية المصرية والدولية بشأن التعريفات غير المنضبطة للأفعال والجرائم الإرهابية، والتي يسهل توظيفها في قمع الخصوم السياسيين وفي النيل من حريات الرأي والتعبير والتنكيل بمدافعي حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن الاعتماد على الإجراءات الاستثنائية وإدخالها في نطاق القانون العادي.
فرغم أن المادة 86 من قانون العقوبات الحالي قد توسّعت في تعريف العمل الإرهابي، الأمر الذي كان مصدر قلق المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، كما سبق وأوضح في تقريره عقب زيارته الرسمية لمصر في عام 2009 ، فقد عمد التعديلات التي أدخلت على هذه المادة إلى توسيع رقعة الأفعال التي تعتبر من قبيل العمل الإرهابي، كما عمد المشروع إلى توسيع التعريف بصوره تسمح بتطبيق أحكام القانون على نطاق أوسع من الجرائم أو حتى الأفعال المشروعة، مستخدما تعبيرات تستعصي على الضبط القانوني من قبيل "الإخلال بالنظام العام", "والأضرار بالوحدة الوطنية" أو الإضرار بالاتصالات والنظم المعلوماتية"، كما لم تكتفي التعديلات بهذا بل توسعت لتجرم كل "سلوك" –دون تحديد- بقصد تحقيق أحد الأغراض "الإرهابية". وكذلك تعطيل تطبيق أي من أ حكام الدستور أو القوانين أو اللوائح" (تعديلات على المادة 86 من قانون العقوبات) وهذه تعبيرات تسمح باستهداف الجماعات السياسية وحركات الاحتجاج السياسي والاجتماعي ومنظمات المجتمع المدني حتى لو كان سلوكها سلمياً، فقد ترى الحكومة تظاهر بعض القوى السياسية ضد قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية من قبيل تعطيل أحكام القانون.
ثانيا: إن النزوع الأصيل للتنكيل عبر مظلة مكافحة الإرهاب بالمعارضة السياسية السلمية وبمنظمات حقوق الإنسان يتبدى على وجه الخصوص في تعديلات المادة 86 مكرر (أ) من قانون العقوبات والتي تجيز عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد لمجرد إنشاء أو إدارة جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة دون أن ترتكب جرائم إرهابية، وبالتالي يقرر المشروع عقوبة الإعدام على النوايا وليس على أساس الجرائم المرتكبة، كما يعاقب بالسجن المؤبد لكل من أنشأ أو أدار أيًا من الأشكال التنظيمية يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، وتسمح هذه التعبيرات بمعاقبة الأشخاص أو المنظمات التي تطالب بإصلاحات دستورية أو قانونية حتى لو كان ذلك في إطار سلمي، وكذلك المنظمات التي تعمل بصورة سلمية لمناهضة التمييز الديني أو حماية حقوق الأقليات.
وعلى صلة بذلك فإن الضمانات الدستورية لحماية حرية الرأي والتعبير والإعلام تتحول عملياً إلى لغو فارغ، حيث تجيز المادة 86 مكرر (أ) من تعديلات قانون العقوبات المعاقبة بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات لكل من روج بالقول أو الكتابة أو بأي وسيلة أخرى للأفعال التي تؤثمها هذه المادة.
وعلاوة على ذلك فالنص المقترح للمادة 98 ب مكرر من قانون العقوبات يجيز السجن لمدة سبع سنوات على الأقل لكل من "روّج بصورة مباشرة أو غير مباشرة لأي وسيلة من وسائل الإرهاب بأي من وسائل البث أو النشر أو الوسائط أو المواقع الإلكترونية أو بأي وسيلة نشر علانية" بل يمتد الأمر لأن تسري هذه العقوبة المغلظة على الترويج لأفكار أو معتقدات ينظر إليها باعتبارها تدعو لاستخدام العنف، كما تسري أيضًا هذه العقوبة بحق أي شخص حاز محررات أو منشورات أو مطبوعات تتضمن هذا الترويج.
وعلاوة على ذلك فإن التعديل المقترح بموجب المادة 92 مكرر (أ) من قانون العقوبات يقضي بعقوبة السجن المشدد لخمس سنوات على الأقل لكل من أنشأ موقعًا إلكترونيًا بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات التي يمكن تصنيفها باعتبارها تدعو للإرهاب بل وتشمل هذه العقوبة كل من يبث مواد من شأنها "التأثير على سير العدالة في جرائم الإرهاب"، وتجيز هذه المادة لسلطات التحقيق وقف هذه المواقع الإلكترونية أو حجب محتواها.
ثالثًا: إن نزوع المشرع لتبني تعريفات غير منضبطة للعمل الإرهابي والنزوع لتوسيع نطاق التجريم على أفعال لا تشكل بالضرورة جريمة إرهابية، يضع نصوص القانون بشقيّه العقابي والإجرائي خارج إطار قواعد المشروعية الجنائية، ويزيد من خطر ذلك عدم تناسب العقوبات مع الأفعال المجرمة، ويتبدى ذلك على وجه الخصوص في المادة 88 مكرر (ج) التي تعاقب على مجرد الشروع في أي من الجنايات والجنح في جرائم الإرهاب بالعقوبة ذاتها المقررة للجريمة التامة.
ففي الوقت الذي يتجه فيه المجتمع الدولي لإبطال عقوبة الإعدام أو على الأقل الحد من الجرائم التي تقضي التشريعات الوطنية بتطبيق عقوبة الإعدام فيها، أجاز المشرّع عقوبة الإعدام في عشر حالات تضمنتها التعديلات المقترحة لقانون العقوبات، ومن الملفت للانتباه أن عقوبة الإعدام في العديد من الحالات تسري حتى وإن لم يترتب على الفعل وفاة أشخاص، وذلك دون تفرقة في العقوبة بين الأفعال التي تستهدف القتل العمد أو إلحاق أكبر ضرر بالأرواح، وتلك الأفعال التي قد يترتب عليها بصورة غير متعمدة أو مخطط لها سقوط الضحايا.
رابعاً: جاءت المادة الخامسة عشرة من مشروع القانون الثاني "بشأن الأحكام الإجرائية لمكافحة جرائم الإرهاب والتعاون القضائي الدولي" والمتعلّق بالجوانب الإجرائية في مكافحة الإرهاب لتمنح لرئيس الجمهورية أو من يفوضه رخصة استثنائية في مواجهة مخاطر الإرهاب أو حتى الكوارث الطبيعية أو البيئية تجيز له "اتخاذ التدابير المناسبة" للحفاظ على الأمن والنظام والسكينة، بما في ذلك إجراءات القبض والتفتيش والاحتجاز وإخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجوال فيها، على أن يعرض الأمر على مجلس النواب خلال 15 يومًا من اتخاذ هذه التدابير، ويلاحظ أن نص هذه المادة يسمح بفرض هذه التدابير الاستثنائية بقيود أقل من تلك التي يتطلبها دستور 2014 بشأن إعلان حالة الطوارئ الاستثنائية. حيث يستوجب إعلان حالة الطوارئ بموجب المادة 154 من دستور 2014 أخذ رأي مجلس الوزراء، وعرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال أسبوع ليقرر ما يراه بأغلبية عدد أعضاء المجلس، في حين تجيز المادة 15 من مشروع القانون سالف الذكر تمرير هذه التدابير الاستثنائية بأغلبية الحضور من أعضاء مجلس النواب.
وبينما تنص المادة 154 من الدستور على أن إعلان حالة الطوارئ يكون لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر ولا تمدد إلا لمدة أخرى مماثلة بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، فإن المادة 15 من مشروع القانون سالف الذكر لا تقيّد رئيس الجمهورية بمدة محددة تسرى فيها التدابير الاستثنائية، إذ اكتفت في حالة تمديدها إلى مدد أخرى بالحصول على موافقة الأغلبية البسيطة للحضور من أعضاء مجلس النواب، بل والأخطر من ذلك أن المادة نفسها أعطت الحق لرئيس الجمهورية في الحالات العاجلة أن يتخذ أي من تلك التدابير بقرارات شفهية، ويتم إثباتها بالكتابة لاحقاً خلال ثمانية أيام، وهو ما يعني صعوبة الطعن على تلك القرارات نظراً لعدم إعلانها وصعوبة تحديد تاريخ اتخاذها شفهياً.
وتحذر المنظمات الموقعة في هذا السياق أنه من شأن الإبقاء على تلك المادة إعادة البلاد مجددًا للعيش في حالة الاستثناء التي تحمّل المصريون نتائجها الكارثية على مدى ثلاثين عاماً من حكم مبارك، وإن كانت هذه المرة تتم بصورة مستترة، من غير إعلان رسمي، يستوجبه الدستور وأحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تعد مصر طرفًا فيه.
وتشدد المنظمات الموقّعة على أن الإجراءات الحازمة والواجبة لمكافحة شرور الإرهاب يفترض أنها تستهدف بالدرجة الأولى حماية حقوق الإنسان والحريات العامة لجميع المواطنين، غير أن مشروع القانون الأول المتصل بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات وكذا مشروع القانون الثاني المتعلق بالإجراءات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب ينطويان على اعتداءات واسعة على تلك الحقوق والحريات، بما يشكل انتهاكًا صارخًا ليس فقط لالتزامات مصر الدولية -بموجب تصديقها على عدد واسع من الاتفاقيات الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان- بل أيضًا لنصوص دستور 2014 الذي حملت صياغاته في مجملها انحيازاً لضمان الحقوق والحريات العامة.
خامساً:تنطوي النصوص المقترحة في مشروعي القانونين على إهدار معايير المساواة أمام القانون وضمانات الحرية والأمان الشخصي وضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة. حيث تسلب العديد من النصوص من المتهمين في قضايا الإرهاب تلك الضمانات القانونية والإجرائية التي يكفلها القانون الطبيعي لغيرهم من المتهمين. ويرد ذلك على وجه الخصوص فيما يلي:
1- بالمخالفة لأحكام دستور 2014 التي تلزم السلطات في المادة 54 بإحالة أي محتجز إلى سلطة التحقيق خلال أربعة وعشرين ساعة من احتجازه، فإن المادة الثانية من مشروع القانون بشأن الأحكام الإجرائية لمكافحة الإرهاب والتعاون القضائي الدولي الإجرائي، تجيز لأجهزة الأمن القبض على المتهمين في قضايا الإرهاب واحتجازهم لمدة 72 ساعة، بل وتضيف لذلك جواز مد هذه الفترة لأسبوع أخر من دون العرض على سلطات التحقيق اكتفاء باستئذانها، ومن ثم فالمتهم يمكن أن يبقى في حوزة الشرطة لمدة عشر أيام على الأقل، الأمر الذي يسمح بإخضاعه لضغوط شتى بما في ذلك التعذيب لاستنطاقه قبل إحالته إلى سلطة التحقيق.
2- تستحوذ النيابة المختصة بالتحقيق في جرائم الإرهاب بموجب المادة (5) من مشروع القانون، بشأن الأحكام الإجرائية لمكافحة الإرهاب والتعاون القضائي الدولي، على سلطات وصلاحيات قاضي التحقيق، وكذلك السلطات المقررة لمحكمة الجنح المستأنفة المنعقدة بغرفة المشورة، ويجوز لها في قضايا الإرهاب تمديد الحبس الاحتياطي للمتهمين مدد متتالية، بما لا يتجاوز ضعف الحد الأقصى لمدد الحبس الاحتياطي في مراحل التحقيق الابتدائي، وسائر مراحل الدعوى الجنائية المعمول بها بحق المتهمين في قضايا أخرى، وهو ما يعني أن المشتبه بهم أو المتهمين في قضايا الإرهاب يخضعون لقواعد إجرائية استثنائية منذ احتجازهم، بالمخالفة لقواعد المساواة أمام القانون المكفولة دستوريًا، ولضمانات الحرية الشخصية المكفولة دستورياً وبالمخالفة أيضًا للقواعد الإجرائية العادية التي ينص عليها قانون الإجراءات الجنائية بشأن أي محتجز أو متهم.
3- تقضى المادة 10 من مشروع القانون "بشأن الأحكام الإجرائية لمكافحة الإرهاب والتعاون القضائي الدولي" في شقه الإجرائي بتخصيص دوائر بعينها في محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية والمحاكم الابتدائية للنظر في قضايا الإرهاب والجرائم المرتبطة بها والطعون الاستئنافية في أحكامها، وهو ما يفتح الباب لتدخّل السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل في تسيير شؤون العدالة، ويزيد ذلك من الشكوك في حياد القضاة ونزاهة المحاكمات، ويفاقم تلك الشكوك أن غياب تحديد واضح ودقيق للأفعال والجرائم الإرهابية قد يترتب عليه أعمال السلطة التقديرية للقاضي بدرجة كبيرة بما يؤدي إلى تضارب الأحكام من قاضٍ لآخر بشأن أفعال بعينها، الأمر الذي يضر أيضًا بمصداقية أحكام القضاء.
4- إمعاناً في الاستخفاف بقواعد المساواة أمام القانون، فمشروع القانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات للمحاكمين في قضايا الإرهاب يتضمن حرمانًا من فرص تخفيف العقوبة أو النزول بها لدرجة أدنى وفقًا لتقدير القاضي، حيث تقضي المادة 88 مكرر (ب) بأن قواعد تنزيل العقوبة في جرائم الإرهاب لا تسري إلا في الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، حيث يجوز النزول بها إلى السجن المؤبد، علاوة على ذلك فقد اختص القانون المتهمين في قضايا الإرهاب بعقوبات تكميلية في صورة تدابير احترازية يمكن أن تشمل حظر الإقامة في أماكن أو مناطق بعينها، وحظر التردد على أماكن بعينها، وحظر العمل في أماكن معينة أو أنشطة محددة، ويمكن أن يمتد سريان التدبير بحق المدان لمدة خمس سنوات، وإذا ما وقعت مخالفته فإنه يتعرض مجددا لعقوبات بالحبس لمدة لا تقل عن 6 أشهر.
5- قد يكون مفهومًا في إطار تعقب مصادر تمويل الجماعات والمنظمات الضالعة في الإرهاب أن تتضمن المادة 88 مكرر (ب) من مشروع القانون في شقه العقابي نصاً يجيز للمحكمة أن تقضى بمصادرة الأموال أو متحصلات الجريمة أو بمصادرة ممتلكات تعادل قيمة تلك الأموال والمتحصلات، إذا كان قد تم تحويلها أو إبدالها جزئيا أو كليا، أو اختلطت بممتلكات أخرى اكتسبت من مصادر مشروعة. لكن المدهش أن هذه المادة تعود بالبلاد قرونا للوراء وتجافى مفاهيم وقواعد الدولة الحديثة وذلك بإقرارها مبدأ توزيع الغنائم والعطايا بالنص على انه "يجوز بقرار من الوزير المختص الذى تتبعه الجهة التي قامت بالضبط، تخصيص الأشياء المحكوم عليها، بمصادرتها لتلك الجهة متى رأى انها لازمة لمباشرة نشاطها في مكافحة جرائم الإرهاب والجرائم المرتبطة بها".
وحذرت المنظمات الحقوقية من من أن إقراره مشروعي هذين القانونين لن يسهم إلا في حرث التربة وتهيئتها بصورة اكبر لإشاعة خطابات التطرف والتحريض على العنف وتفشى دعوات الثأر والأعمال الانتقامية.
وجاءت المنظمات الموقعة على هذه الدراسة كالتالي
1.مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
2.الائتلاف المصري لحقوق الطفل
3.الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
4.جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
5.الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
6.مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
7.مركز هشام مبارك للقانون
8.مصريون ضد التميز الديني
9.المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
10.مؤسسة المرأة الجديدة
11.المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
12.مؤسسة حرية الفكر والتعبير
13.مؤسسة قضايا المرأة المصرية
14.نظرة للدراسات النسوية
15.مركز الأرض لحقوق الإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.