مع كل نفس من هوائها، أو خطوة فوق ترابها، يستشعر المواطن المصرى أن بلاده تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية ومالية خانقة، تتجلى فى انفلات الأسعار، وتضاؤل الدخول وتدنى مستوى الجودة فى الخدمات والمنتجات فى جميع المجالات، وفى الجزء الثانى من هذا التحليل، تواصل «الوطن» محاولتها للانتقال من حالة الإحساس العام بالأزمة، إلى توصيفها، استناداً إلى بيانات ومعلومات واقعية ملموسة، وتركز فى هذا الجزء على عرض الوضع الاقتصادى والمالى للبلاد، وخلاصة ما تقدمه الأرقام فى هذا الصدد أن جوهر الأزمة الاقتصادية والمالية بالبلاد يتجسد فى أنها تعيش بين بحر من الديون يكاد يكون بلا ضفاف، ولا يتوقف عن الاتساع، وعن ضخ مياهه المالحة فى أفواه الناس طوال الوقت، ونهر من الإيرادات أصابه الجفاف، وتتدهور حالته باستمرار، حتى كاد ماؤه يصبح غوراً صعب المنال، وتقدم «الوطن» هذه الأرقام لتضع صورة مصر بلا رتوش أمام الجميع، سواء كانوا مرشحين يسعون إلى رئاستها، أو ناخبين سيذهبون لاختيار رئيسها، وقد اختارت «الوطن» هذ النهج فى معالجة قضية الانتخابات الرئاسية انطلاقاً من قناعتها بأن الانتخابات تأتى فى وقت تواجه فيه البلاد معضلات وأخطاراً تهدد كيان الدولة، ومستقبل الوطن تهديداً مباشراً بعيد المدى بصورة غير مسبوقة، وهى حالة لا نملك فيها ترف الإسراف فى الحديث عن هذا المرشح أو ذاك، بل تفرض أن نجتهد جميعاً فى أن نعرف حقيقة الأوضاع فى مصر لحظة انتخاب الرئيس، حتى يصبح كل من المرشح والناخب أمام مسئولياته الوطنية، باعتبار الجميع شريكاً فيما يجرى، سواء أدى بنا ذلك إلى السقوط من الحافة التى نقف عندها، أو عاد بنا إلى الأرض الصلبة المستقرة التى يمكن البناء عليها.