لأ دي مش أغنية شيرين، ده طلب كل المصريين! إذا بحثت في الأمثال المصرية الشعبية البسيطة، فستجد غالبًا ضالتك في كل شيء، فكثيرًا ما تجد أصولًا في الأمثال المصرية لما تحتويه كتب علوم الإدارة وعلم النفس وغيرها من العلوم الإنسانية، وتكون تلك الأمثال واجزة ناجزة مٌبهرة وفي الصميم. المثل المصري الشهير: "الملافظ سعد" هذا المثل يٌقال لمن لا يٌحسن انتقاء ألفاظه، فمثلًا تجده يتحدث عن أحداث دامية في فرحٍ من الأفراح، او يوجه كلمات جارحة لشخص ما يٌحدثه، وهنا موضوع مقالة اليوم. النقد ... من منا لم يتعرض له، سواء كان موجهًا منه لغيره او من غيره إليه، يٌعرف النقد على أنه وسيلة تٌمكن صاحبها من إظهار إيجابيات وسلبيات شيئًا ما "وهو المٌنتقد"، وفي بعض الأحيان لا يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما يتعدى ذلك لاقتراح حلول للمسألة نفسها. هو وسيلة من الوسائل التي من خلالها نتمكن من إصلاح الأخطاء وتلافيها في المستقبل، المشكلة هنا أن يُصبح النقد في حد ذاته خطأ يستوجب النقد، فكلنا سمعنا عن النقد البناء، وهو الذي يدفع للأمام، وبالمنطق المحض وبالتعريف اللغوي يمكننا استنتاج ما هو عكسه؛ وهو النقد الهدام، يهدم كل شيء في طريقه، يهدم الأفكار والأشخاص، ويهدم صاحبه قبل كل شيء. لنتعرض الآن لشكل من أشكال النقد التي نسمعها كثيرًا، ثم نتناولها بالتحليل: - ايه اللي انت عملته إمبارح ده، إنت هتفضل طول عمرك مابتفهمش كده؟! - وانت مالك، هو انت واصي عليا، انا حر اعمل اللي انا عايزه، وبعدين ماتشوف نفسك الأول! من اهم قواعد النقد البناء أن تتعرض للموضوع، وتبتعد عن الشخص نفسه؛ وذلك لأنك تنتقد الفعل وليس الفاعل، يتضح عكس ذلك تمامًا من اول سطر في الحوار: ايه اللي انت عملته إمبارح ده، إنت هتفضل طول عمرك ما بتفهمش كده؟! ... تعرض صاحبنا هنا للشخص نفسه وألصق به صفة قبيحة: إنت ما بتفهمش، هذه الكلمة تجمع في طياتها كل الصفات الحيوانية، فكر فيها قليلًا، فقد ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل الذي يفهم به، فإن قلت لأحدهم أنه لا يفهم فكأنك نزعت عنه صفة الإنسانية! ويجب ان ينتبه الناقد هنا أن عليه أن يٌراعي بعض الأمور أثناء توجيه النقد منها: أن يكون مٌحددًا في موضوعه وألا يجعل كلامه عامًا، وأن يحاول دائمًا أن يجد شيئًا إيجابيًا يتحدث عنه إلى جانب السلبيات فهذا يزيل أغلب الآثار السلبية من نفس الطرف الآخر، والأهم من كل ذلك أن تنتقي الألفاظ المٌناسبة التي توصل المعنى دون تجريح أو إهانة. - وانت مالك، هو انت واصي عليا، انا حر اعمل اللي انا عايزه، وبعدين ما تشوف نفسك الأول! خطأين جوهرين هنا صدرا من الشخص المٌوجه إليه النقد: أولًا: سمح هذا الشخص لنفسه أن ينحدر لمستوى الحوار الذي فرضه عليه الطرف الأول، وتحدث بنفس أسلوبه بل وساعد في تحويل المناقشة إلى مسار شخصي:"ما تشوف نفسك الأول! " وهنا يجب أن ننبه صديقنا بأن تٌحافظ دائمًا على مستوى حواراتك حتى وإن انحدر الطرف الآخر. ثانيًا: "انا حر اعمل اللي انا عايزه" .. هنا يرفض الطرف الثاني ضمنيًا ان يوجه إليه النقد، ويكون الأمر أسوأ عندما يكون هذا الرد على شخص يوجه نقدًا بناءً، وهنا نذكر صديقنا أنه لا أحد فوق النقد، وأنه وسيلة للتحسن. هذا كان مجرد مثال على الأخطاء التي نقع فيها وطريقة حلها، ولكن تذكر دائمًا، الأخطاء لن تختفي، فإذا وجه إليك أحدهم كلامًا يحتوي أخطاءً مما ذكرنا، خذ منها ما يفيدك ولا تلتفت إلى ما يضرك. أخيرًا: أرجوكم جميعًا وانا أولكم "ما تجرحوش الناس أكتر من كده!"