شغلت قضية مقتل الشاب السورى «محمد حسن» فى منزل المطربة اللبنانية «نانسى عجرم»، على يد زوجها طبيب الأسنان الشهير «فادى الهاشم»، الرأى العام العربى خلال الأيام الماضية، وذلك بعد أن ظهرت روايتان متناقضتان حول مقتل الشاب وأسباب الحادث، فالرواية الأولى تتبناها أسرة «نانسى عجرم»، وتفيد بقيام الشاب السورى باقتحام منزل أسرة الفنانة بهدف السرقة وخطف أولادها مع تأكيد الأسرة على عدم معرفتهم بالضحية من قبل، فى حين تتبنى أسرة القتيل رواية تفيد بوجود تعمُّد فى قتله من قبَل زوج نانسى عجرم، وتؤكد أسرة القتيل أنه لم يقتحم المنزل وأنه كان موجوداً بمكان وقوع الحادث ليطالب الأسرة بمستحقاته المالية لديهم نظير عمله كبستانى فى حديقة المنزل لفترة زمنية محددة. ونتيجة الروايتين قررت المدعية العامة الاستئنافية فى جبل لبنان، القاضية «غادة عون»، فتح تحقيق موسع فى قضية مقتل الشاب السورى، خاصة بعد أن رفضت أسرة القتيل تسلم جثة المجنى عليه اعتراضاً على إطلاق سراح زوج نانسى عجرم بضمان محل إقامته.. وهو ما جعلنا نفتح أوراق القضية للبحث عن الحقيقة الغائبة فى مقتل الشاب السورى داخل منزل الفنانة الشهيرة. 18 رصاصة تستقر فى جسده.. وإحالة المطربة للطب الشرعى مع دقات الساعة الثانية من فجر يوم الأحد 5 يناير الماضى تشابك طبيب الأسنان فادى الهاشم، زوج الفنانة نانسى عجرم، مع شاب سورى اقتحم منزله يُدعى «محمد حسن الموسى»، بهدف السرقة وخطف أولاده، بناء على أقوال «الهاشم» فى تحقيقات النيابة، وأدى الاشتباك لمقتل الشاب بتفريغ 18 رصاصة فى جسده. وسردت نانسى عجرم وقائع الحادث من جانبها، خلال مؤتمر صحفى أقامته فى منزلها بمحافظة جبل لبنان، قائلة: «مساء يوم السبت الموافق الرابع من شهر يناير، كنا نقيم حفل عشاء لعدد من أفراد أسرتنا، ومع الساعات الأولى من صباح يوم الأحد ذهبنا وخلدنا للنوم، ومع دقات الساعة الثانية صباحاً، شعرت بصوت جنزير يتحرك، فأخبرت زوجى فادى، فخرج من غرفتنا ليطلع على ما يحدث، وفى ذلك الوقت سمعت فادى يقول (سأنفذ ما تريده)، فعلمت وقتها بوجود لص فى منزلى، فأسرعت إلى الحمام فى حالة انهيار واتصلت بوالدى ثم حراس المنزل». وخلال الساعات التى تلت الحادث، حضرت النيابة للتحقيق فى المنزل، وتم على أثر ذلك إصدار قرار من القاضية غادة عون، بالقبض على «فادى» للتحقيق معه، وتم إيداعه فى «قسم شرطة» مخفر قوى الأمن الداخلى، بمنطقة «زوق مصبح» فى محافظة جبل لبنان، وبعد ساعات تم نقله لأحد المستشفيات الموجودة هناك، بعد إصابته بحالة نفسية وعصبية، وفى صباح يوم الثلاثاء تم إطلاق سراحه بضمان محل إقامته ومنعه من السفر.
وسرعان ما انقلبت أوضاع القضية من حال الدفاع عن النفس إلى جريمة قتل عمد بعد أن وكلت أسرة القتيل عدداً من المحامين فى القضية، منهم عماد الضيقة وأشرف الموسوى، إذ قدّما مستندات قضائية تمت الموافقة عليها، إذ ضمت عدّة بنود، من بينها الاستماع مجدداً إلى فادى الهاشم، وتفريغ الهواتف المحمولة التابعة للقتيل والمدعى عليه، وسحب جميع الكاميرات الموجودة داخل المنزل والتى توضح تفاصيل الجريمة، وعرض نانسى عجرم على الطبيب الشرعى للتأكيد على مكان وجودها خلال وقت الحادث وفهم إصابة قدمها، واستدعاء زوجة القتيل والاستماع إليها لناحية علمها بوجود تواصل مع المدعى عليه فادى الهاشم. وفجّر تقرير الطب الشرعى مفاجآت عدّة فى القضية، بعدما أثبت وجود 18 رصاصة فى جسد القتيل، . زوجة القتيل تتهم الطبيب "فادى" بالقتل.. وتؤكد: زوجى كان سيعمل مع الأسرة مقابل 800 دولار شهرياً.. وعائلته ترفض دفن الجثمان قبل القصاص وقررت النيابة فتح تحقيق موسع مع الجهات كافة، والتى على أثرها تم الاستماع لأقوال «فاطمة» زوجة القتيل محمد الموسى، والتى أكدت فى التحقيقات بأن زوجها أخبرها أكثر من مرة بالعمل لدى فادى الهاشم، كما أنه وعده بمرتب شهرى 800 دولار ومسكن عائلى، ووجهت تهمة القتل العمد له، فضلاً عن رفضها تسلم جثته ودفنه، إلا بعد أن يتم حبس الطبيب فادى، نظراً لقواعد العشيرة. من هو القتيل "محمد حسن الموسى"؟ محمد الموسى هو شاب سورى من مواليد قرية «بسقلا» فى بلدة «كفرنبل» بمحافظة «إدلب» السورية، ومن مواليد 1989، ومتزوج من سيدة تُدعى «فاطمة» ولديه طفلان، الأكبر «حسن» يبلغ من العمر 3 سنوات، والثانى «جواد» لم يكمل عامه الثانى بعد. لم يكمل محمد الموسى مراحله التعليمية، وتوقف عند المرحلة الثانوية، وبعدها سافر للعاصمة اللبنانيةبيروت للبحث عن عمل. وتؤكد المعلومات التى حصلت عليها «الوطن» أن الشاب القتيل اشتغل بأكثر من صنعة فى بيروت، حيث عمل كفنى صيانة، وعامل فى مطعم، وبستانى حدائق، وبسبب تنقله الدائم بين الوظائف لم يكن يخبر أسرته عن تفاصيل عمله، وكان يخبر زوجته فقط بتفاصيل حياته وعمله، لأنها كانت تسافر معه فى أى مكان يذهب إليه، واستقرت معه فى «بيروت» بعد اندلاع الحرب السورية، وكان من بين تلك التفاصيل أنه سيذهب لمنزل الفنانة نانسى عجرم للحصول على مستحقاته المالية لدى أسرتها وزوجها الطبيب «فادى الهاشم». محامى المتهم: موكلى أصيب بحالة عصبية فور رؤيته "الشاب السورى" قال جابى جرمانوس، محامى الطبيب فادى الهاشم، المتهم بقتل الشاب السورى محمد حسن الموسى، إن موكله كان فى حالة دفاع عن النفس، وإن أى شخص مكانه كان سيفعل ما فعله من أجل الدفاع عن بيته وأسرته. وشرح «جرمانوس» القضية، قائلاً: «أود، فى البداية، التأكيد أن موكلى وزوجته الفنانة نانسى عجرم ليسا على صلة مع القتيل، ولم يشاهداه من قبل، إلا مع وقوع الحادث، وكذلك بالنسبة للعاملين فى المنزل، والجريمة بأكملها تمت وتم تصويرها بكاميرات المراقبة التى أثبتت أن القتيل دخل المنزل عنوة وهو ملثم ويرتدى قفازات فى يده ويحمل سلاحاً. وأضاف: «شخص غريب فى منزل فى ساعة متأخرة من الليل، ودخل بطريقة غير شرعية، ماذا كان يريد؟ ما فعله فادى الهاشم كان طبيعياً لأنه أب ومسئول عن أسرته، فلو أى أب شاهد (حرامى) يريد سرقة منزله ويجرى على غرفة أولاده من أجل خطفهم أو قتلهم ماذا كان سيفعل؟ هل سيظل واقفاً يشاهد الخطف أو القتل؟». وتابع: «الفيديو الذى ظهر كان واضحاً بأن فادى عرض على القتيل مبلغاً من المال، ولكن الأخير كان يريد غرفة الأولاد، ولذلك أسرع فادى وأحضر سلاحه وأطلق النار». وعن سبب قيامه بضرب 18 رصاصة فى جسده، قال: «فادى طبيب وليس خبيراً عسكرياً فى مهمة حربية ينفذ ما يُطلب منه، إنما هو أب كان فى حالة عصبية، ويخشى على أولاده ويرى سارقاً يحمل فى يده سلاحاً، فما كان منه إلا أن فعل ذلك، ولو كان معه 100 طلقة لكان ضربها فى جسده». وعن تفاصيل أقوال موكله فى التحقيقات، قال: «تفاصيل التحقيق لا يمكن ذكرها الآن طالما أن الموضوع قيد النظر أمام جهات التحقيق، وأؤكد أن وسائل الإثبات التى قدّمناها فى القضية تؤكد مشروعية الفعل الذى قام به فادى الهاشم». وقال جابى جرمانوس إن فادى الهاشم بات ضحية مؤامرات إعلامية، ومادة خصبة لإطلاق الشائعات طوال الوقت، مطالباً منصات الإعلام المُختلفة، بضرورة تحرى الدقة فى تناول الأخبار، مؤكداً أن وسائل الإثبات التى أبرزت فى القضية، تؤكد مشروعية الفعل الذى قام به فادى الهاشم. جيجى لامارا: نثق فى البراءة.. ونطالب الآخرين باحترام القضاء وحول سير التحقيقات، قال «جيجى لامارا»، مدير أعمال نانسى عجرم، ل«الوطن»: «نطالب الإعلام بالحيادية فى تلك القضية، فنحن وافقنا على أن يُقبض على فادى من قبَل قسم الشرطة، كما أنه سلّم نفسه لهم من أجل سير التحقيقات بشكل عادل وسليم، وظل هناك لمدة يومين، فمثلما نحن نحترم القضاء، على الآخرين احترام القضاء». فادى الهاشم: وقع فى غرام نانسى من أسنانها.. وتزوجها مدنياً فى 2008 اشتُهر طبيب الأسنان اللبنانى فادى الهاشم فى الأوساط الفنية بعدما تزوج من الفنانة اللبنانية نانسى عجرم، وأصبح الاثنان من أفضل ثنائيات الحب فى الوسط الفنى بسبب عدم ذكر مشكلة أو أزمة واحدة طيلة حياتهما الزوجية الممتدة حتى الآن لما يقرب من 12 عاماً، وشهدت إنجاب 3 بنات، بالإضافة لابتعاده الدائم عن التصريحات الإعلامية واكتفائه بالظهور نادراً فى المناسبات الهامة التى تشارك بها زوجته. علاقة «فادى» و«نانسى» بدأت بعد أن ذهبت الأخيرة له فى عيادته أكثر من مرة، عام 2005، من أجل علاج أسنانها، واستمرت العلاقة والصداقة بينهما لما يقرب من 3 سنوات، ورغم أنه فى تلك الفترة كانت قد خرجت شائعات عدة تُفيد بوجود علاقة حب وارتباط بينهما فإن «نانسى» كانت دائماً ما تنفى تلك العلاقة. الأزمة الكبرى فى تلك العلاقة كانت الفارق العمرى بين الاثنين، حيث إن «فادى» يكبر «نانسى» ب14 عاماً، فهو من مواليد عام 1969، بينما «نانسى» من مواليد عام 1983. «نانسى» و«فادى» تزوجا رسمياً فى شهر سبتمبر من عام 2008، ولكن الزواج تم مدنياً وليس دينياً فى الكنيسة، رغم أن الاثنين يتبعان الدين المسيحى، فقد كان ذلك بناء على رغبة «فادى»، لأن «نانسى» من طائفة الروم الأرثوذوكس، فى حين ينتمى هو إلى الطائفة المارونية. اشتهر «فادى» بلقب «أبوالبنات»، إنه أنجب من «نانسى» 3 بنات، خلال سنوات الزواج، وهن «ميلا» التى وُلدت فى يوم عيد ميلاد أمها نفسه فى 16 مايو عام 2009، ثم أنجبا ابنتهما الثانية فى 23 أبريل عام 2011 وسمياها إيلا، أما ابنتهما الثالثة فوُلدت فى الأول من شهر فبراير عام 2019 وسمياها ليا. محامى القتيل: هناك غموض فى الحادث والقتل قد يكون على مراحل قال أشرف الموسوى، المحامى اللبنانى الموكل من قبَل أسرة الشاب السورى، محمد حسن الموسى، إن هناك تطورات سريعة فى القضية، وإن القضية لم تنتهِ كما يروج البعض. وأضاف «الموسوى»، فى تصريحات خاصة ل«الوطن»: «الغموض يحيط بالقضية من كافة جوانبها، وأهل القتيل غير مطمئنين لسير التحقيقات التى حدثت فى البداية والتى على أثرها تم إطلاق سراح الطبيب (فادى الهاشم) مرتكب جريمة القتل، وهو ما دفعنا لتقديم مستندات قضائية تتضمن عدداً من البنود نطلب تنفيذها لتحقيق العدالة فى التحقيق، ومنها تحقيقات موسعة مع زوج الفنانة نانسى عجرم والعاملين فى المنزل، بالإضافة للمطالبة بعرض نانسى على الطبيب الشرعى وتفريغ كاميرات المنزل بدون حذف أى جزء منها». وأضاف محامى أسرة القتيل: «تقرير الطب الشرعى كشف تطورات وأسراراً جديدة فى القضية ربما تغير مجراها تماماً خلال التحقيقات المقبلة، حيث إن الطلقات التى قُتل بها (محمد حسن الموسى) كانت عديدة وفى مختلف أنحاء جسده، وهذا الأمر يجعلنا نشك فى أن يكون القتل قد تم على عدة مراحل وليس مرحلة واحدة، وهو أمر غير مقبول، وربما يكون قد تم القتل بعد قيام زوج «نانسى عجرم» بتفريغ خزانة المسدس فى جسد القتيل ثم أعاد ملء خزينة الطلقات وتفريغها فى جسد القتيل مرة أخرى، نظراً لأن جسد القتيل استقبل 18 رصاصة». وتابع أشرف الموسوى قائلاً: «لو تم القتل على مرة واحدة سيكون أمراً شرعياً لزوج نانسى عجرم لكونه يدافع عن نفسه فى حال ثبوت أن موكلى اقتحم منزله وتهجّم على أسرته وهو أمر يرفضه أى شخص، ويكون أطلق هذا العدد من الرصاصات بسبب الحالة العصبية التى انتابته، خوفاً على أسرته وبناته الثلاث، ولكن لو تم القتل على مراحل فسيكون أمراً غير مقبول ولا يوجد فيه دفاع عن نفس، ويكون هناك قتل عمد». وأضاف: «كما أنه لم يتضح حتى الآن وقوع الاشتباك والقتل فى غرفة الأولاد أم فى المطبخ، وهذا الأمر سيتضح خلال الفترة المقبلة». رهاب بيطار: طلبنا منع الفنانة من السفر.. وفى حال ثبوت القتل العمد ستكون تسترت على الجريمة أما رهاب بيطار، محامية الأسرة ووالدة القتيل (فاطمة) بسوريا، فقالت ل«الوطن»: «سنطلب من القاضية (غادة عون) منع نانسى عجرم من السفر، وبدأنا فى تنفيذ طلبنا، لأنه فى حال ثبوت وجود قتل عمد ستكون نانسى قد تسترت على جريمة قتل وأدلت باعترافات غير حقيقية، كما أننا نفكر فى إعادة الكشف الطبى على الجثمان لوجود غموض كبير لم يُكشف بعد حول نوع المسدس وطلقاته التى استُخدمت فى جريمة القتل، وأيضاً عدد الطلقات الموجودة فى الحوائط، وكلها أمور ستكشف لغز جريمة القتل وطريقة وقوعها».