زيادة في أعداد المنح المقدمة للطلاب الوافدين، شهدها العام الدراسي 2019-2020 والتي بلغت 2064 منحة، إضافة لتخصيص 827 منحة من الجامعات المصرية لطلاب دول القارة الأفريقية بهدف زيادة عدد الطلاب الوافدين، وللتيسير عليهم لمواصلة تعليمهم، بحسب ما جاء في التقرير المقدم من الإدارة المركزية لشؤون الطلاب الوافدين حول حصاد وزارة التعليم العالي لعام 2019. ويعد عمل وزارة التعليم العالي على زيادة عدد المنح للطلاب الوافدين حلقة في سلسلة الجهود المبذولة هذا العام بغرض تطوير منظومة الطلاب الوافدين بناء على تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث أطلقت الوزارة تطبيق "ادرس في مصر" لمساعدة الطلاب الراغبين في الدراسة بمصر في التعرف على المؤسسات التعليمية، كما أطلقت الوزارة مسابقة "أفضل جامعة جاذبة للطلاب الوافدين". تجارب متنوعة يعيشها الطلاب الوافدون، يوميا، في مدرجات الجامعات المصرية وفي توفير أماكن الإقامة، ويعاني بعضهم من ارتفاع نفقات المعيشة واختلاف اللغة، والبعض الآخر من العادات المختلفة عن الحياة في وطنه، لكن هذا الاختلاف يراه الطلاب ميزة تثري تجربتهم ويمكن التعايش معه. إعلان قرأه على البوابة الإلكترونية لحكومة دولته، جنوب السودان، عن إمكانية التقدم بالأوراق للحصول على منحة لدراسة البكالريوس في مصر، فوجد حلمه بدراسة هندسة البترول يلوح أمامه، وبالفعل، تقدم بأوراقه أملا في الحصول على الفرصة. كول شول، طالب جنوب سوداني، حالفه الحظ ليحظى بمنحة ويلتحق بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وبدأ دراسته، قبل عامين، يروي تجربته ل"الوطن" بما وفرته له المنحة من فرص إيجابية. قال "شول" إنَّ المنحة التي حصل عليها تقدم لعدد من طلاب جنوب السودان كل عام بموجب اتفاقية بين الحكومة المصرية وحكومة جنوب السودان، لتتكفل وزارة التعليم العالي بتغطية تكاليف دراسة الطلاب الحاصلين على المنحة، ويتعين على كل طالب تغطية تكاليف الإقامة والسفر، ما جعل "شول" وزملائه ممن لا يمكن لذويهم مساعدتهم في تكاليف المعيشة في مصر يبحثون عن وظائف بدوام جزئي بجانب دراستهم حتى يمكنهم تحقيق التوازن بين ساعات الدراسة وساعات العمل، في مثابرة للدراسة داخل مصر التي فتحت أبوابها أمامهم. "شول": أتمنى العودة لوطني لأستثمر ما درسته في مصر "اللغة" مثلت عقبة أخرى يواجهها "شول" خلال دراسته، حيث يشرح الأساتذة بالكلية المواد الدراسية باللغة العربية فقط حتى يتيسر على معظم الطلاب استيعاب المحتوى، بينما يعاني "شول" وزملائه من الوافدين من صعوبة فهم المحاضرات، هنا التقوا ب"جدعنة المصري"، فاستعانوا بزملائهم المصريين ممن يتقنون اللغة الإنجليزية لمساعدتهم في الفهم والاستذكار، إلى جانب البحث على صفحات الإنترنت مستخدمين عناوين المحاضرات باللغة الإنجليزية حتى يمكنهم مشاهدة محاضرات مسجلة أو قراءة مراجع تشرح المواد العلمية باللغة الإنجليزية. "هناك جانب مضيء"، هكذا وصف "شول" ملامح إقامته في مصر حيث يشارك كعضو في أسرة "مجتمع هندسة البترول بجامعة القاهرة" ويروي أنه يشعر بالألفة بين أعضاء الأسرة، وممكن يجمعهم تخصص واحد فيتناقشون حول تطور البحث العلمي في هذا المجال وكيفية تطوير أفكارهم ومشاريعهم، كما وجد "شول" في أسر بعض زملائه ممن استقبلوه في بيوتهم وعاملوه كما لو أنه مصريا ما وصفه ب"دفء العائلة"، ما جعله يصف إقامته في مصر بأنها مدفوعة بعشقه للبلد الأشهر أفريقيا والذي لا يزال يحبه جدا إلا أنها لم ترق لتوقعاته من حيث تعامل الأغلبية العظمى من المصريين مع أبناء الجنسيات المختلفة. "أتمنى العودة إلى وطني بمجرد انتهاء فترة دراستي في مصر حتى أستثمر شهادتي الجامعية في التخصصات المطلوبة في جنوب السودان"، هكذا وصف "شول" أهدافه بعد إنهاء دراسته في مصر، حيث يود أن يعود إلى وطنه الذي يفتقده، وينعم بجو العائلة ولا يشعر بالغربة، محافظا على العادات والتقاليد التي شب عليها. "غسان": إعلان الدراسة في مصر كان "فتحة خير" بعد تخرجه من كلية التربية الموسيقية في سوريا بتقدير مرتفع، وجد أحمد غسان، أحلامه في مواصلة الدراسة في تخصصه تتحطم بفعل ما طال كافة جوانب الحياة في سوريا من دمار ومنها التعليم العالي، فاتجه إلى البحث على الإنترنت عن الفرص والمنح المقدمة للطلاب السوريين للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه حتى وجد إعلانا على البوابة الإلكترونية لوزارة التعليم العالي السورية عن فتح باب تلقي الطلبات للحصول على منحة الماجستير والدكتوراة في الجامعات المصرية بموجب شراكة بين وزارة التعليم العالي المصرية ونظيرتها السورية، عُقدت قبل الحرب ولا تزال توفر مقاعد دراسية لعدد معين من الطلاب السوريين في كل تخصص ويجري الاختيار بناءا على المعدل التراكمي لمرحلة البكالريوس. "الإعلان كان فتحة خير وبوابة لتحقيق حلم الدراسات العليا"، هكذا وصف "غسان"، في حديثه ل"الوطن"، مشاعره تجاه الفرصة المقدمة له في مصر، حتى تلقى خطاب القبول وبدأ الإعداد لمرحلة جديدة من حياته، عقد العزم قبل الخوض فيها على ألا يدخر جهدا أو يضيع وقتا حيث تعد المدة الزمنية للمنحة ضاغطة لأي دارس، إذ تحتم عليه الانتهاء من الماجستير في 3 سنوات والدكتوراه في 3 سنوات ما يصفه غسان ب"لا توجد فرصة للرسوب أو التقاعس". "والدي موظف ولا توجد دراسات عليا في سوريا ما يجعل المنحة المصرية صاحبة الفضل الأول في تكملة دراستي"، هكذا وصف غسان امتنانه للفرصة التي حصل عليها في مصر حيث إنها كانت لتكلفه خمسة آلاف دولار حال لم توجد منحة وهي التكلفة التي لا تسمح الظروف المادية لعائلته على تغطيتها. "بنارو": حصلت على "كورس عربي مجاني" خلال عملي بجانب الدراسة في شركة مواد غذائية جوزيف بنارو، طالب جنوب سوداني يدرس هندسة البترول والتعدين في جامعة السويس، منذ عامين، يروي ل"الوطن" أنه رغم وجود بعض العقبات منذ قدومه إلى مصر مثل حاجز اللغة إلا أن العنصر البشري المصري كان الأجمل في مساعدته على التأقلم، رغم عدم فهمه للمقررات الدراسية في أثناء شرحها في المحاضرات إلا أن ما حظي به من ترحيب من أساتذته وشرحهم المواد العلمية له باللغة الإنجليزية في مكاتبهم كان العنصر المؤثر، والذي جعله أكثر تقبلا للحياة في مجتمع مختلف، مشيدا بأصدقائه المصريين الذين ساعدوه في استذكار دروسه. "ما واجهته من سلبيات كان طبيعي جدا ومتوقع"، وفقا لما قاله "بنارو"، موضحا أن استغراب البعض من لغته ولون بشرته وعاداته أحيانا يعد شيئا طبيعيا كان ليشعر به لو كان في موقفهم، كما يروي أنه وجد في بعض السلبيات جوانب إيجابية مثل عدم تغطية المنحة لأي تكاليف سوى تكاليف الدراسة، ما جعله يبحث عن فرص عمل لا تشترط تحدثه باللغة العربية، فعمل في إحدى شركات المواد الغذائية ما جعله أكثر احتكاكا بالمواطنين المصريين وأكثر قدرة على اكتساب مصطلحات من اللغة العربية واللهجة المصرية، فيما يصفه ب"كورس عربي مجاني".