للمرأة دور بارز في النضال والكفاح ضد الظلم والطغيان، عبر تاريخنا الطويل، لم يقتصر على جانب معين، بل يشمل مختلف جوانب الحياة وخصوصاً عند الأزمات. كما لم يقتصر دور المرأة ضد الاستبداد على زمن معين، فالتاريخ مَلىء بنساء ضربنّ أروع الأمثلة في التضحية والصمود. برز دور النساء في ثورات عدة، مرت بها مصر على مدار تاريخها، ورغم تعرضهن للاستشهاد والسحل والتحرش لم يستطع ذلك محو قوتهن أو دورهن في التاريخ المصري، وبعد إثناء كبير على دور المرأة المصرية من كثيرين مثل سعد زغلول عندما عاد من المنفى في عام 1919 وقال: "شاركت المرأة المصرية بجهد كبير في الثورة وأثبتت شجاعتها، وعلينا جميعًا أن نقول تحيا المرأة المصرية". انطلقت ثورة 1919 برجال ونساء ك"الرجال" مرددين هتاف "تحيا مصر" ببطولة 300 امرأة بقيادة هدى شعراوي، رافعات أعلام الهلال مع الصليب للإعراب عن تأييدهن لثورة 1919 واحتجاجًا على نفي سعد زغلول ورفاقه، وبعد حصار الإنجليز للنساء لثلاث ساعات، وسقطت شهيدات كانت من بينهن شفيقة محمد وحميدة خليل، ليسطرن بحروف من دم أول منادٍ بالحرية في وقت كان كثير من المصريين استسلموا للأمر الواقع ببقاء الإنجليز. بين نساء ثورة 1919.. والنساء الآن عديد من الفروقات، ف "حميدة وشفيقة" من رموز ثورة 1919 ضحتا ل"تحيا مصر" وسط تهليل المصريين آن ذاك للثناء على دورهما في الثورة التي آمنوا بها، أما الآن فالمرأة المصرية يتم التطاول عليها من أبناء وطنها، إضافة إلى تعرضها للعنف الجسدي، من منا ينسى واقعة "ست البنات" في أحداث مجلس الوزراء عقب ثورة يناير 2011. تفاجئ الجميع بمشاركة المرأة في أحداث ثورة 25 يناير، مثلما لم يتوقع أحد قيام الثورة، فما لبست أن اندلعت شرارة الثورة حتى خرجت المرأة جنب إلى جنب مع الرجل في ميادين التحرير، وبدت الثقافة المتعلقة بالهيمنة الذكورية تتلاشى لتحقيق أهداف مشتركة، تمثلت في القضاء على الظلم والاستبداد، والمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، وتنفست النساء المصريات الصعداء بقيام ثورة يناير لرغبتهن في القضاء على الصورة المعتادة في المجتمع تجاهها، لكن سرعان ما عادت ثقافة المجتمع تفرض نفسها بقوة عبر التطورات التي شهدها مسار الثورة خلال ما يقرب من ثلاثة أعوام. ما زالت المرأة المصرية تعاني من الثناء على دورها في المجتمع المصري بالاجتماعات والمؤتمرات فقط، لكن على أرض الواقع تحاصر بانتهاكات عديدة لحقوقها تبدو غريبة على مجتمعنا، لكنها واقعية مثل تعرضها للتحرش، وفي نفس الوقت إلقاء اللوم عليها وليس على المتحرش بها. يشهد التايخ على أن المرأة لم تتخلف عن مسيرة التغيير، ولم تمنعها التقاليد المحافظة، التي تحكم مجتمعنا.. تقدمن الصفوف ليقفن إلى جانب الرجال داعيات إلى تحقيق تحول ديمقراطي.. فهل يستجيب لهم المجتمع.