الصديق وقت الضيق، وقد أثبت الأشقاء فى دول الخليج صلابتهم فى مواجهة من يعادى الشقيقة الكبرى مصر. ففى تطور غير مسبوق منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجى قبل ثلاثة عقود، والذى يضم ست دول عربية هى المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والكويت، وسلطنة عمان، وقطر، أعلنت ثلاث دول هى السعودية والإماراتوالبحرين سحب سفرائها لدى الدولة المارقة قطر بسبب دأب هذه الدويلة على التدخل فى شئون الدول الأخرى، واتخاذها كل ما يهدد أمن واستقرار دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر. وتأتى هذه التطورات غير المسبوقة على صعيد العلاقات الخليجية لتعكس الاستياء من السياسة الخارجية لدولة قطر وقناتها الحقيرة (الجزيرة سابقاً) التى تبث سمومها وأكاذيبها على الصعيدين الخليجى والعربى، وكذلك احتضان دولة قطر ودعمها غير المبرر لجماعة الإخوان المارقة. وكان قد سبق لدولة الإمارات العربية أن استدعت السفير القطرى للاحتجاج على إسفاف يوسف القرضاوى، كما سبق للمملكة السعودية أن أصدرت قراراً بتجريم الانتماء لتيارات حزبية، ويبدو فى الأفق أن قطر ستشهد قطيعة من دول عربية أخرى خلال الفترة المقبلة ما لم تتراجع عن سياساتها الخرقاء تجاه التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى وخاصة مصر، وعدم التزام قطر بالاتفاقات التى تهدف إلى تعميق التعاون، والتأكيد على وحدة المصير العربى، وقد يؤدى ذلك إلى خروج قطر من منظومة مجلس التعاون الخليجى والمنظومة العربية عموماً، ويدفع بها إلى عزلة عربية غير مسبوقة. وتأتى هذه الخطوة تعزيزاً لموقف مصر من استبقاء سفيرها فى قطر بالقاهرة احتجاجاً على تدخلات قطر فى الشأن المصرى، وامتناعها عن تسليم المصريين المطلوبين للمحاكمة الجنائية. وجاء هذا الموقف من الدول الخليجية الثلاث بمثابة إنذار شديد اللهجة لدولة قطر لكى تستفيق من غيبوبتها، وتبتعد عن السياسات التى تؤجج الفرقة، وتفتت وحدة الصف العربى، وإن كان ذلك ليس بغريب على نظام حكم ينتهج المكائد والانقلابات، ويذكر التاريخ انقلاب الشيخ خليفة بن حمد آل ثان على حكم ابن عمه أحمد بن خليفة آل ثان عام 1972، ثم انقلاب ابنه حمد بن خليفة آل ثان عليه فى عام 1995، ثم تنازله عن الحكم لابنه تميم فى ظروف غامضة قبل عدة أشهر، فهى إذن دولة المكائد والمؤامرات. وبعد 48 ساعة من سحب سفراء الدول الثلاث، سارعت المملكة العربية السعودية بتوجيه ضربة قاصمة لجماعة الإخوان الإرهابية، حيث أعلنت وزارة الداخلية السعودية تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية مع تنظيم داعش، وجبهة النصرة، وحزب الله السعودى، وجماعة الحوثيين اليمنية، وأقرت الوزارة عدداً من الإجراءات القانونية لمواجهة الجماعات الإرهابية ومؤيديها والمنتمين إليها، ومن بينها تجريم أى مبايعة لأية جماعة فى الداخل أو الخارج، وتجريم كل من يؤيد أو ينتمى أو يتعاطف مع جماعات إرهابية، وتجريم إصدار فتاوى للقتال فى الخارج، أو جمع التبرعات، أو إيواء من ينتمى إلى جماعات إرهابية أو يروج لها. وقد أثار قرار المملكة تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية ردود فعل واسعة على النطاق العربى والدولى، واعتبرت مصر هذا القرار انعكاساً لرفض السعودية كل مظاهر التطرف والإرهاب، وأنه ضربة قوية للتنظيم الدولى للإخوان سوف تؤدى إلى تفتته بعد سقوط الإخوان فى مصر، ووصفت وسائل الإعلام العالمية هذا القرار بأنه بمثابة استئصال للجماعة، وتصعيد خطير ضدها منذ ثورة 30 يونيو، ومن جانبه طالب السيد نبيل فهمى، وزير الخارجية المصرى، وزراء الخارجية العرب بتفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وتجنب إيواء الإرهابيين أو الداعين للإرهاب، أو توفير التمويل للعناصر الإرهابية، كما أكد وزير الخارجية السعودى القدير، الأمير سعود الفيصل، موقف بلاده الثابت مع مصر قلباً وقالباً، وأدان الأعمال الإرهابية التى تشهدها مصر والبحرين واليمن، وقال إن السعودية لم تألُ جهداً للتصدى لهذه الآفة الخطيرة، وعبّرت عن ذلك بالفعل لا بالقول فقط بإصدارها القوانين والتشريعات المجرمة للإرهاب والتنظيمات التى تسانده. مصر لن تنسى مواقف السعودية، فلها كل التقدير والاحترام.