آفة من آفات العصر الحديث تعصف بالمجتمع كبيره وصغيره، فنحن لا ندرك أشكاله ولا نؤمن بخطورته طالما أننا المتنمرون. مع بداية حملة يونيسيف مصر والمجلس القومي للطفولة والأمومة في النصف الثاني من العام الماضي، بدأ مفهوم وأشكال التنمر بالتكشف، فمن يمارس العنف مع ولدي في المدرسة هو متنمر، ومن يسخر من نشأة محمد صلاح البسيطة متنمر، ومن يكره الخير لك هو أيضاً متنمر، وتعدي مجموعة من الطلاب سيئي السمعة على طالب لمجرد تفوقه ورغبته في الترشح للكليات العسكرية تنمر، ومداومة السخرية من الآخرين لمجرد نجاحهم واختلافهم بلا شك هي تنمر، والتحرش اللفظي تنمر حتى إطلاق النيران بالمدارس هو أيضاً تنمر. تأذت البشرية كثيراً من جراء حرية التعبير غير المُعرفة تعريفاً صحيحاً ومن انعدام الرقابة الذاتية والتربية داخل الأسرة، فكثر المتنمرون، وتاهت المعايير ولم نفكر في أسباب الظاهرة الاجتماعية التي تُهلك المجتمعات الآن، هل هو انعدام الدور الأسري أم انحلال الأخلاق أم غياب القدوة السليمة أم انتصار التطلعات في مواجهة الاجتهاد، أم غياب الرقابة على السماوات المفتوحة، أم كلهم مجتمعون، وإذا كان هناك خط لنجدة الطفل في حالات التنمر فلمن نلجأ نحن الكبار ولمن يلجأ الناجحون، ، فلم يعد الأمر خاصا بالطفل فقط، فهي حالة من اللاوعي واللا أخلاق تشمل مختلف الأعمار، فلم يسلم اللاعب والطفل والشاب والكهل والسيدة من المتنمرين. يجب أن نبحث في داخلنا عن أسباب التنمر فلربما سرنا متنمرين دون أن نشعر، لربما علمنا أولادنا أنهم الأسمى والأعلى من دون حساب فأصبحوا متنمرين، لربما لم نزرع فيهم حب الخير والآخر، لربما غيبنا عنهم في رحلة جنى الأموال دون أن نرهق أنفسنا بمراجعة بذورنا التي تنمو في أحضان الثقافات الأخرى دون تهذيب أو تقليم، قد نكون أفرطنا في الحقد أو الحسد للآخرين أمام أبنائنا، قد نكون أسأنا اختيار المسلسل الدرامى أمامهم، وقد نكون أغفلنا تقويمهم في مواقف وجب علينا فيها التقويم والتوجيه، فيظل بيننا متنمر ينتظر اللحظة المناسبة لخروج الوحش من داخله ليفتك بالإنسانية. نور الشيخ عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين