«ابنى مات جعان.. مات علشان معرفش يجيب كام رغيف عيش يسد بيهم جوعه».. تلك الكلمات قالتها والدة هانى آخر ضحايا معارك الخبز فى الإسكندرية. لم يمض 4 أشهر على تسلم الحاجة سناء شقتها الجديدة التى منحتها لها المحافظة فى منطقة توشكى بعد انهيار العشة التى كانت تسكن فيها بمنطقة كرموز بعد احتراقها، لتفاجأ بخبر مقتل نجلها هانى فى طابور الخبز. البداية حينما ذهب هانى إبراهيم عباس (25 سنة) مقيم بمساكن توشكى بالعامرية لمخبز المساكن التى انتقل إليها حديثا لشراء 10 أرغفة من الخبز لتنشب مشاجرة بينه وبين محمد عبدالمنعم شكرى (32 سنة) عامل بالمخبز بسبب دخول الأول المخبز، ونشبت بينهما مشاجرة قام على أثرها عامل المخبز بضربه مستخدما فرد خرطوش مطلقا منه طلقة استقرت فى رأس هانى ولفظ أنفاسه فى الحال. بالدموع تروى والدة القتيل الحكاية وتقول: «فى هذا اليوم تركت هانى فى توشكى وذهبت إلى الشقة التى كنا نستأجرها لجلب باقى متعلقاتنا استعدادا لنقل إقامتنا نهائيا، وتركت له 5 جنيهات كى يفطر بها، وفوجئت بمكالمة هاتفية من جارتى تقول لى تعالى بسرعة عشان بيقولوا إن هانى انضرب عليه نار فى الفرن وبينزف، هرولت أنا وأخوه الأكبر هشام إلى المستشفى (ولم تستطع أن تكمل الأم وانخرطت فى البكاء)، وهنا تدخل ابنها الأكبر هشام ليخفف عنها وقال: دخلت على أخى فى المستشفى فوجدته ملقى على تروللى، وينزف سيلا من الدماء فصرخت فى الممرضين الذين تركوه ينزف، حتى أغرقت دماؤه ملابسى. وقال هشام «اكتشفت بعدها أن هانى حينما أصيب لم يجد أهالى المنطقة سيارة إسعاف لنقله للمستشفى، فحمله أحد جيراننا على توك توك وحاول نقله لأقرب نقطة إسعاف على الطريق الصحراوى، لكنهم رفضوا تسلمه، ثم نقل إلى مستشفى العامرية، وطالب الأطباء هناك بنقله إلى مستشفى جامعة الإسكندرية المركزى لعدم توافر الإمكانيات فى المستشفى». وأضاف: «بعدها بساعات وصلت سيارة إسعاف لمستشفى العامرية لنقل هانى إلى مستشفى الجامعة الذى رفض استقباله بعد الكشف عليه علشان مايموتش عندهم». وتابع: ثم عاد بعد ذلك لمستشفى العامرية ليلفظ أنفاسه الأخيره وسط الإهمال الطبى. أم القتيل حمَّلت «الوطن » أمانة توصيل رسالة إلى الرئيس محمد مرسى قالت فيها «يا سيادة الرئيس.. أنا ابنى مات وهو جعان عشان كان عايز يشترى عيش، أرجوك أنا مش عايزة ابنى التانى يموت عشان رغيف عيش، ومش عايزاه يتقتل فى مشاجرة بينه وبين أهل اللى قتل شقيقه، يا ريس خدوا منى شقة توشكى اللى مش حقدر أقعد فيها بعد ما ابنى اتقتل وادونى شقة تانية أربى فيها عيالى فى حضنى، بس يا ريت يا ريس تكون فى حته فيها عيش». ويقول محمد أبوزيد، أحد أصدقاء القتيل: «هانى ميستحقش يموت بالشكل ده لأنه كان جدع، وراجل وكل الناس كانت بتحبه، وهو مش أول واحد يتخانق فى الفرن لأن كل يوم تحصل خناقة بسبب العيش اللى الناس مش بتلاقيه عشان تسد جوعها». وأضاف: «هانى شقيان وكان جعان وراح الفرن علشان يشترى عيش، لقى نفسه بينضرب بالنار». وتقول آمنة بخير، من سكان منطقة توشكى وجارة القتيل: «والله العظيم هانى كان رايح يشترى 10 أرغفة عيش، يقتلوه ليه؟ حرام إحنا هنا كلنا بنموت كل يوم علشان نعرف نجيب رغيف عيش ناكله ويسد جوعنا». ويقول حمدى محمود (60 سنة) من سكان المنطقة: «الفرن مش بيفتح أكتر من ساعة ودى مدة مش كفاية عشان أهالى المنطقة تقدر تشترى العيش اللى بتسد الجوع بيه، ودى مش أول مرة تحصل مشاجرة بسبب الخبز فى المنطقة دى». وأضاف: «بيع الدقيق فى السوق السوداء، وعدم ضخ كميات إضافية من الدقيق سبب هذه الأزمة التى يعيشها أهالى توشكى بسبب ندرة الخبز». وطالب سكان المنطقة بإغلاق هذا المخبز نهائيا لأنه لا يسد جوعهم، ويتسبب فى نشوب المشاجرات والخلافات بينهم، بسبب ضعف رقابة التموين عليه. ويقول عبدالعزيز إبراهيم أحد سكان المنطقة «إن المخبز لا يوجد عليه أى رقابه حقيقية، وشرطة التموين لا تقوم بواجبها، وتباع كميات كبيرة من الدقيق المخصص لهذا المخبز فى السوق السوداء». يذكر أن منطقة غرب الإسكندرية شهدت سقوط 4 قتلى حتى الآن بسبب معارك الخبز إذ تعانى هذه المنطقة من نقص فى كميات الخبز والدقيق الذى يتم ضخه للمواطنين.