فجأة ومن علوم الله أطل علينا وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان، وهو -كما تعلم- واحد من أعمدة نظام «مبارك»، واتُّهم فى العديد من قضايا الفساد التى نظرها القضاء المصرى وبت بأحكام إدانة فى بعضها، استضافه الإعلامى «خالد صلاح» على إحدى القنوات الفضائية، بمناسبة صدور كتاب ل«سليمان» بعنوان «وتبقى الحقيقة»!. بالطبع من حق أى شخص أن يحاول «غسل» وجهه أمام الرأى العام، ومن حق من يقتنع أنه يستحق ذلك أن يسهم فى عملية «الغسيل»، ويبقى بعد ذلك للمشاهد حق تصديق أو تكذيب ما يسمع، وأن يحتفظ برأيه بعد ذلك أو يغيره، فهذا شأنه، لكننى أريد أن أتوقف عند بعض ما ورد فى هذا الحوار على لسان «محمد إبراهيم سليمان». أولاً- تحدث «المهندس» عن قطعة أرض تم تخصيصها لنجله، ودافع عن ذلك قائلاً: خصصتها لابنى لأن القانون يمنع أن أخصص كوزير إسكان قطعة أرض لى. وأشار إلى أن قطعة الأرض تلك بنى عليها البيت الذى يعيش فيه. وقال إنه من الطبيعى ألا يحرم من الحصول على أراضٍ لمجرد أنه وزير إسكان، وإلا فمن الواجب أن نحرم وزير الكهرباء من استعمال الكهرباء، ووزير المياه من استخدام «الميّة» وهكذا.. «شوف الحكمة»؟!. ثانياً- ذكر أنه دفع تعويضات حكمت بها المحكمة فى قضايا تم الحكم فيها بشكل بات، بلغت قيمتها على ما أذكر 34 مليون جنيه فى قضية و4.5 مليون دولار فى قضية، وقال إن ما دفعه من «فلوسه» التى جمعها من جهده كأستاذ لهندسة الإنشاءات بجامعة عين شمس، وإن لديه أراضى وشاليهات وعقارات اقتناها قبل دخول الوزارة، كل هذا من عمله كأستاذ للجامعة، وقال أيضاً إن له حساباً فى سويسرا!.. «شوف العلام بيكسب إزاى»؟!. ثالثاً- امتدح حسنى مبارك والمشير طنطاوى والمرحوم عمر سليمان والسيد زكريا عزمى والسيد صفوت الشريف وكافة أعضاء من أطلق عليهم الحرس القديم ب«الحزب الوطنى»، واتهم الحرس الجديد الذى كان يقوده جمال مبارك بمحاولة التدخل فى شئون الجيش، والأهم من ذلك أنه وصف «أحمد عز» بأنه ضحية، والأرجح أنه كان يقصد بذلك أنه كان ضحية جمال مبارك، كما كان «مبارك الأب» ضحية «الابن».. «شوف الابن عمل إيه فى أبوه وأصحابه؟!». زمان كان هناك مسحوق للغسيل اسمه «رابسو»، ربما يذكر أبناء جيلى تلك العبارة الشهيرة التى كانت تستخدم فى الإعلان عنه، عبارة: «يغسل أكثر بياضاً»، وقد اختفى «المسحوق» وبقيت العبارة، والمتجول بين البرامج التليفزيونية هذه الأيام يلمح أكثر من «رابسو»، يلتقط الأشخاص والقضايا والأحداث التى ارتبطت بمصر «مبارك» فى محاولة منه لتنظيف وجه النظام الذى قامت ضده ثورة 25 يناير، فبعد الفراغ من القيام بدور «الزبّال» فى إهالة كل ما هو قبيح على الكثير من حسنات هذه الثورة، أصبح الدور المطلوب حالياً هو دور «رابسو». لست أتحدث عن شخص بعينه، لكننى أتناول حالة، حالة يمكن وصفها بأن فيها «استحالة».. حالة نظام ساقط يحاول العودة، متناسياً أن عودته تحتاج معجزة.. وإحنا فى زمان يا عالم مفيهشى معجزات!