دونما اهتمام يليق تمر علينا ذكرى وفاة علم من أعلام الأمة، وإمام من كبار أئمة المسلمين، هو الشيخ محمد الغزالى السقا (22 سبتمبر 1917-9 مارس 1996)، وقد جمع الدكتور محمد الصغير الطليحاتى (نسبة إلى قرية الطليحات بطهطا) نبذة مختصرة عن مؤلفات الشيخ فى كتاب سماه: (لآلى الغزالى.. إطلالة على بعض مؤلفات الشيخ الغزالى)، وكُتبت عن الشيخ عديد رسائل التخصص والدكتوراه. وقف الشيخ صلباً قوياً أمام المادية المتفلتة، والكائدين للدين، والداعين إلى عزله، فكتب «ظلام من الغرب»، و«الاستعمار أحقاد وأطماع»، و«الإسلام المفترى عليه من الشيوعيين والرأسماليين»، و«الإسلام فى وجه الزحف الأحمر». وكتب «الإسلام والاستبداد السياسى» سنة 1949 أيام النظام الملكى، معلناً بغضه للاستبداد، وأنه ليس لمخلوق أن يفرض رأيه على الأمة، كما اضطلع بدور كبير فى انتزاع معظم الجماعات الإسلامية من العنف. كما نبذ المبتدعة من الصوفيين، وانضم بداية حياته للإخوان، ولقبه الأستاذ البنا ب«أديب الجماعة»، إلا أنه وقف كالطود الشامخ فى وجه انحرافات الجماعة، وله فى نقدها كتاب «فى موكب الدعوة» (الطبعة الأولى تحديداً) وغيره. كما حارب الحرفية النصوصية، لكنهم لم يتركوه، فخرجت العشرات من المؤلفات التى تبدعه، وتفسقه، وتشوه صورته، وتتهمه فى عقيدته، فوصفه «حجازى محمد يوسف» المسمى ب«الحوينى» فى كتابه «سمط اللآلى» بأنه جاهل قبيح متعصب ضال فى العقيدة قليل الاطلاع والثقافة... إلخ، وهو ما يعبر عنه الشيخ الغزالى بقوله: رأيت الواحد منهم لم يكتب حرفاً ضد الصهيونية أو العلمانية، ومع ذلك ألف كتباً ضد مسلمين، ما أخرسك هنا وأنطقك هناك! هذه آية الخوارج فى كل عصر، وهذه ليست سلفية، هذا فكر قطاع طرق لا أصحاب دعوة شريفة. ومن أقواله الخالدة: ■ كنت أسير مع الشيخ سيد سابق (صاحب كتاب فقه السنة)، فمر بنا اثنان من جماعة الإخوان المفتونين، وأسمعانا أننا من أهل جهنم! وسقط طنين الكلمة النابية على الثرى قبل أن يتماسك فى آذاننا، إلا أننى تذكرت بعد أيام هذه الأوامر التى أوحت به، فعز علىَّ أن يُلعب بالإسلام وأبنائه بهذه الطريقة السمجة، وأن تتجدد سياسة الخوارج مرة أخرى، بيد أن تعليم هذا الجنون كان أسلوب تربية وحشد عند بعضهم. ■ سمعت خطيباً إخوانياً يقول: الدخول فى الإخوان يكفر السيئات، والخروج منها يمحق الفضائل. ■ ما غرامكم فى القول بأن الأمة فى هبوط مستمر؟ ولماذا تشتهون ذم الناس، وتنطلقون كالزنانير الهائجة تلسعون هذا وذاك باسم الدفاع عن الدين والسنة؟ إن آباءكم قتلوا «علياً» باسم الدفاع عن الوحدة، وقتلوا «عثمان» باسم الدفاع عن النزاهة، فإلى متى تتسترون بالإسلام يا أولاد الأفاعى لضرب الرجال الذين يعيشون له؟ ■ بعض الشباب التحق بجماعة دينية لأنه لم يجد عصابة لقطع الطرق يلتحق بها. ■ قال لى واحد: بلغنى أنك صليت فى مسجد الصنم! قلت: أى صنم؟! قال: مسجد الحسين، قلت: أنت مسعر فتنة، ما يجد الشيطان خيراً منك فى تمزيق الأمة. ■ وعندما قال لى أحد السلفيين: إن أبا حنيفة فى ميدان السنة ليس بشىء، قلت له ساخراً: بدعة أبى حنيفة خير من سنتكم، إنكم وبال على الإسلام، وما تصورت أناساً يسمون بالسلفيين يبلغون هذا القاع من الإسفاف، وأدركت أننا أمام خيانة عظمى انطلق فيها الأقزام والأمساخ يعرضون أفكارهم على الأمة اليتيمة، لتجرى وراءهم إلى الهاوية. ■ لو أن لى رصيداً عند الله، لكان حبى للتراب الذى يمشى عليه سيدنا رسول الله.