سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير الخارجية الأسبق ل«الوطن»: إذا لم يطلق «السيسى» كل قوى الإبداع فى مصر ف«ستتآكل شعبيته» سريعاً أحمد أبوالغيط: إسرائيل تعيش شهر عسل طويلاً بعد أن قضت ثورات «التدمير العربى» على الأمة
المنطقة تتعرّض لمؤامرة كبرى هدفها تفكيك دولها الرئيسية لكانتونات مطيعة لواشنطن يحكمها الإسلاميون وتهيمن عليها إسرائيل. هذا ما يؤكده وزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط وأحد أقطاب الدبلوماسية المصرية، وسبق غيره فى التحذير منه منذ عام 2009، واليوم يواصل -فى حواره مع «الوطن»- دق أجراس الخطر الذى يحدق بمصر وباقى الدول العربية التى لم تسقط بعد على طريقة سوريا والعراق وليبيا، كما يخطط لها الغرب. ويعتقد «أبوالغيط» أن الرئيس القادم سيواجه سنوات صعبة تتطلب تتضافر الجميع لمواجهتها. ويرى أبوالغيط أن ملف مياه النيل يجب أن يتصدر رأس أولويات الأمن القومى، ويقترح على الرئيس المقبل أن يستعين بنائب له تكون مهمته الوحيدة، تأمين حقنا فى مياه النيل. ويطالب «أبوالغيط»، الرئيس المقبل بقطع العلاقات مع قطر إذا أصرت على التدخل فى شئوننا وإعلان الحرب الباردة عليها. وأوضح الوزير السابق -الذى ينتمى إلى جيل من الدبلوماسيين من أصحاب الثقافة الرفيعة- أن القطريين خدعوا «مبارك»، وأن السلطات المصرية لديها ملفات موثّقة بكل تحركاتهم على أراضينا، «أبوالغيط» الذى عبّر تكراراً عن دعمه للمشير عبدالفتاح السيسى رئيساً لمصر ينصحه بتأسيس حزب أو تيار سياسى، كما فعل الرئيس الروسى «بوتين»، وقبله الرئيس الباكستانى برويز مشرف، حتى لا يجد نفسه وحيداً وبلا سند داخل البرلمان.. وإلى التفاصيل.. ■ الرئيس القادم سيواجه مجموعة من التحديات ربما لم يسبق لرئيس مصرى آخر أن واجهها.. فهل لك أن تقدم مجموعة من التوصيات له؟ - بداية: على الرئيس القادم، وآمل أن يكون هذا الرئيس هو المشير عبدالفتاح السيسى، أن يدرك جيدا أنه لا يمكن لنا أن نخترع سياسة خارجية جديدة؛ لأن هناك 3 اعتبارات أساسية حاكمة لهذه السياسة، هى: الجغرافيا والتاريخ والثقافة، فضلاً عن التطورات الجارية، ما يعنى أننا لن نخترع العجلة أو نكتشف النار؛ فالقوى الدولية المؤثرة على الساحة هى كما هى وليس من المتوقَّع اختفاء الولايات المتحدة أو الصين أو روسيا. ولن يحدث تغير درامى فى المنظومة الدولية، ومن هنا فإن أولويات أمننا القومى ما زالت كما كانت وإن تغيرت التحديات والظروف. لذا أقترح على الرئيس الجديد أن يعيد منصب مستشار الأمن القومى الذى كان موجودا فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، لكنه اختفى مع الأسف فى عصر «مبارك». على أن يعطى هذا الرجل، الذى يجب أن يكون صاحب خبرة كبيرة، مهام محددة، منها: أن يكون أميناً عاماً لمجلس الأمن القومى الذى أعلن عنه منذ أيام، ويتولى جمع وفرز المعلومات التى يحصل عليها من أجهزة الدولة المصرية المختلفة ووزاراتها، مثل: الخارجية والدفاع والداخلية والمخابرات، ويقدم التوصيات والخيارات التى يراها للرئيس كما يفعل نظراؤه فى موسكووواشنطن، ما يسهل على الرئيس مهمته. ثانياً: يجب أن تكون الأولوية المطلقة هى أمن مصر المائى مع تأكيدى أن الكلام عن الوضع القانونى والحديث عن الاتفاقات التاريخية تم تجاوزه.. وكنت أفضّل أن نبدأ هجوماً دبلوماسياً منذ وقت مبكر على المسئولين فى إثيوبيا؛ لأنهم لن يقدموا شيئاً فى المفاوضات الجارية دون ضغط، وهذا ما لا يحدث الآن أو على الأقل لا أرصده. وبما أن الرئيس القادم سيواجه تحديات هائلة، ورئيس الحكومة سيكون كذلك مكبلاً بتعقيدات الوضع الداخلى الهائلة ولسنوات مقبلة، فأنا أرى أنه يجب أن يتم تعيين نائب رئيس، على الرغم من أن الدستور لا ينص عليه وأن توكل إليه مهمة واحدة هى ملف مياه النيل. ■ ولماذا نحتاج منصباً لمهمة يتولاها بالفعل وزير الخارجية ويشارك معه وزير الرى وأحيانا رئيس المخابرات؟ - لأن التطورات فى هذا الملف أصبحت خطيرة، وهى معركة حياة أو موت بالنسبة للمصريين ولم يعد كافياً أن يجتمع وزير خارجية أو رى غير قادرين بصفتيهما على «حلحلة» الأمور مع باقى مؤسسات الدولة أو الحصول على ما يكفى من الاهتمام من صناع القرار فى الدول الخارجية. أما نائب رئيس الدولة فيستطيع أن يخاطب كل صناع القرار فى الحكومات والمؤسسات الدولية ويستطيع أن يرفع السماعة ويتحدث مع نائب الرئيس الأمريكى وكبار رؤساء الدول العربية والأفريقية وسيسمعون له ويستجيبون، خاصة لو أحسن الاختيار. ■ ما أهم أدوات الضغط التى نملكها لإجبار أديس أبابا على وقف بناء «سد النهضة» أو تعديل مواصفاته بحيث لا تهدد أمننا المائى؟ - كثيرة، نستطيع أن نذهب لمجلس الأمن ونضعه أمام مسئولياته ونخبر أعضاءه بأن هذا السد يهدد السلم والأمن فى المنطقة وعليه أن يتحرك، وقد يكلف وسيطاً دولياً بهذا الملف ونمنحه فترة 3 أشهر للمحاولة ويمكننا أن نطالب البنك الدولى بوقف بناء السد لحين الانتهاء من المفاوضات. وأهم من كل ذلك هو قوة مصر والدعم العربى لها، وهو ما كانت تخشاه إثيوبيا وتعمل له ألف حساب، لكن تأثيرنا على القرار الأثيوبى مرتبط أيضاً بتعزيز العلاقة مع السودان حتى لا يقف شقيقى التوأم على الحياد فى صراع وجود. وقد فزعت من طرح قضية حلايب وشلاتين الآن فى وقت نحتاج فيه دعم السودان لا إثارة الضغائن بيننا. ■ وما الذى يمنح إثيوبيا هذه الجرأة فى التعامل مع مصر بهذا الشكل؟ - عدم وجود حدود مشتركة، ما يجعلها تأمن رد فعل عسكريا من مصر، كما سبق أن حدث فى القرن التاسع عشر، لكن وقتها من خلال حدود الدولة المصرية فى السودان. أضف إلى ذلك تغير الظرف الدولى والمرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر الآن، ما حرم القاهرة من تعاون حلفائها فى الغرب.. وأتصور لو أن أزمة السد قد ثارت مثلاً قبل 25 يناير لكنا واجهناها بأدوات أفضل بكثير، وأعتقد أن الرئيس مبارك، بما كان يملكه من قدرة على الاتصال بكل زعماء العالم، كان يمكن أن يذهب لواشنطن ولحلفائنا فى أوروبا ويطالبهم بالدفاع عن مصالح مصر والامتناع عن تمويل السد الإثيوبى؛ فالمعركة معركة تمويل بالدرجة الأولى، ودون تمويل لا يوجد سد، وهذا لا يعنى أننا ضد تنمية إثيوبيا، على العكس، بل إن وزير الكهرباء المصرى كان يزور أديس أبابا كل 6 أشهر لدراسة التعاون فى هذا المجال من خلال سدود صغيرة تفيدهم ولا تضرنا. ■ لكن ما الذى تغير؟ فى العقود الماضية لم تكن لدينا أيضا حدود مشتركة مع إثيوبيا ومع ذلك كانت أديس أبابا تخشى رد الفعل المصرى! - فعلياً كانت لنا حدود مشتركة مع إثيوبيا من خلال السودان وإريتريا، وكان هذا الوجود يتمثل فى قوات مصرية فعلية أو من خلال حلفائنا فى هاتين الدولتين. ■ كلامك يذكرنى ببرقية تعود لعام 2010 كشفها موقع «ويكيليكس»، فحواها أن الرئيس السودانى عمر البشير وافق على طلب من «مبارك» لاستضافة قاعدة جوية مصرية فى دارفور لتُسهل للقوات المصرية ضرب سد إثيوبيا إذا فشلت الجهود الدبلوماسية للقاهرة والخرطوم فى إقناع رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل ميليس زيناوى بإعادة النظر فى سد النهضة.. إلى أى حد هذه المعلومات دقيقة؟ - لن أعلق على هذه الواقعة على وجه التحديد، لكنى أؤكد لك أن مصر فى عهد «مبارك»، ورغم كل ما يقال عن تراجع دور مصر خارجياً، فى عهده كانت تمتلك قدرات كبيرة للتأثير على القرار الإثيوبى، وقد أبلغنى زيناوى مرتين، على الأقل، أن لديهم شكوى من تدخلات يرصدونها واتصالات لنا مع جماعات معارضة للحكم فى أديس أبابا، بهدف الضغط عليهم فى ملف النيل، ونصحنا بأن نتوقف عن هذا الجهد؛ لأنه يسىء إلى العلاقات، وكثيراً ما نقلتُ هذه المناقشات والاتهامات إلى اللواء عمر سليمان الذى كان ينفى بقوة أننا نسعى للإضرار بإثيوبيا بحال من الأحوال، وأكد أننا نستقبل أطرافاً مختلفة ونسمع منها، لكننا لا نمارس أى عمل تخريبى ضد أحد. لكن النفسية الإثيوبية والشكوك المسيطرة عليها دائماً تجاه مصر كان لها تأثيرها فى عدم تسهيل بناء علاقة جيدة بالشكل المرغوب فيه، رغم كل الجهود المصرية. لكن هذا لا ينفى أننا كنا نمارس دورا حيويا فى محيطنا الأفريقى لحماية مصالحنا ومساعدة شقيقتنا السودان على مواجهة أعباء أمنها الثقيلة، إدراكا منا أن أمن السودان من أمننا القومى. ■ سمعنا مؤخراً أن إسرائيل عرضت الوساطة لدى إثيوبيا.. - لا أتصور أن مصر تقبل وساطة إسرائيل فى أمر يخص أمنها القومى فى مياه النيل. ■ وصفت تهديد حصتنا فى مياه النهر بأنها مسألة حياة أو موت، فهل يعنى هذا أن الخيار العسكرى يمكن أن يكون مطروحاً؟ - لا أعرف كثيراً عن المسائل العسكرية، ولا أحب أن أتكلم عما لا أعرفه. لكن فى غياب التفاهمات والتعاون مع السودان أتصوره خياراً صعباً لأكثر من سبب، منها أن الدول تبنى قواتها المسلحة لتتلاءم مع التهديدات المحتملة. وعموماً أنا لا أفضل هذا الخيار، لأن العدوان فضلاً عن تكلفته العالية يبقى فى نفسية الشعوب لفترة طويلة. ولا أفضل أيضاً طرح الحديث عن تحالف مصرى - إريترى وتحالف مصرى - يمنى للتأثير على القرن الأفريقى أو استخدام أراضى الصومال لتحقيق هذا الغرض، لأن ذلك ينهك الإقليم كله، والهدف هو النمو والتنمية لنا ولهم. ■ هل ترصد أصابع دول خارجية أخرى تقف وراء أزمة «سد النهضة» مثل إسرائيل أو تركيا أو قطر؟ - لست فى الحكومة الآن، وبالتالى لا أستطيع أن أقف على الصورة بوضوح، لكننى واثق فى أن الرئيس القادم سيواجه عراقيل كبيرة من جانب الغرب بسبب تعارض مصالحه ورؤيته لمستقبل المنطقة مع مصالحنا ورؤيتنا، فمصر ستبقى على دورها فى هذا الإقليم ولن تسمح مثلاً بتحلل الدولة الليبية، إذ لا يمكن أن نتحمل تبعات غياب الدولة على حدودنا الغربية، وسنقاوم هذا المخطط بمجرد أن نستعيد عافيتنا. ويجب أن تستعيد مصر مقعدها فى الاتحاد الأفريقى بمجرد انتخاب الرئيس الجديد، فقد تم تجميد عضويتنا ظلماً بدعوى أننا أطحنا برئيس «منتخب ديمقراطياً»، وبالتالى يجب أن تعود العضوية بعد انتخاب الرئيس القادم، وإذا لم يحدث هذا، فعلينا أن نمارس ضغطاً على الاتحاد الأفريقى. ■ وكيف يمكن أن نمارس هذا الضغط؟ - بوسائل متعددة، منها مثلاً سحب الجنود المصريين من قوات حفظ السلام فى أفريقيا، لكن لا أتوقع أن تساير الدول الأفريقية الغرب فى تجميد العضوية. ■ معنى ذلك أنك تعتقد أن واشنطن هى من تقف وراء قرار الاتحاد الأفريقى بتجميد عضويتنا بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسى؟ - بالتأكيد، والدليل على ذلك أن تجميد العضوية طرح بعد إجبار «مبارك» على التنحى فى 11 فبراير 2011. وبمجرد أن سمعت ذلك تحدثت مع وزيرة الخارجية الأمريكية وقتها هيلارى كلينتون وطلبت منها أن تستخدم نفوذها على دول الاتحاد وقد حدث، ورغم كل الجهد الذى بذلناه فى مخاطبة 51 وزيراً وإرسال عدد من مساعدىَّ لشرح حقيقة الموقف وتهدئة الوضع، لكن التأثير الأكبر جاء من «المعلم الكبير» فى واشنطن. والفرق بين 11 فبراير و3 يوليو أن التغيير الأول جاء وفق هوى الأمريكيين على عكس التغيير الثانى، أضف إلى ذلك أن ارتباكاً حدث بعد أحداث 3 يوليو، إذ استقال وزير الخارجية من منصبه وتاهت المسائل لمدة 10 أيام قبل أن نبدأ التحرك. ■ ما مدى تأثير الإخوان على الموقف العدائى لجنوب أفريقيا من مصر بعد 3 يوليو؟ - جماعات الإسلام السياسى منتشرة فى جنوب أفريقيا ونيجيريا ولها بعض التأثير، لكن موقف جنوب أفريقيا التى تصف ما حدث فى 3 يوليو ب«انقلاب عسكرى» لا علاقة له بالديمقراطية أو نفوذ الإخوان، ولكن برغبتها فى توجيه ضربة كبيرة لمصر حتى تضعف تأثيرها فى القارة الأفريقية والأمم المتحدة، وبالتالى تقلص فرصنا فى منافستها على الحصول على مقعد دائم فى مجلس الأمن عند طرح مشروع توسعة عضويته مجدداً، وهو الطموح الذى تشاركها فيه أيضاً نيجيريا. وبالمناسبة كانت هذه المعركة قد بدأت فى عام 2005 قبل أن يتوقف هذا المشروع وانتهت بهزيمة ساحقة لجنوب أفريقيا أمامنا، وكانت وزيرة خارجيتها وقتها «نكوسازانا كلاريس دلاميني- زوما» وهى التى تشغل حالياً منصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى. وفى تقديرى أن «زوما» وجدت فى التطورات المصرية الأخيرة فرصة هائلة لرد الصاع صاعين، وهذا هو التفسير الوحيد لموقف جنوب أفريقيا. ■ تتحدث منذ عام 2009 عن وجود مؤامرة كبرى لتفتيت دول المنطقة، ما تفاصيل هذه المؤامرة؟ - قبل أن أجيب عن سؤالك مباشرة أود أوضح أن المجتمعات العربية كانت قبل اندلاع ثورات الربيع العربى ترغب فى إحداث تغيير كبير فى حياتها بعد أن قضى الرؤساء العرب سنوات طويلة على كراسيهم، مثل «مبارك» فى مصر و«زين العابدين» فى تونس وعلى صالح فى اليمن وأسرة الأسد أباً وابناً فى سوريا. ثانياً: كل هؤلاء القادة جاءوا نتيجة تحركات عسكرية، وكان الغرب يعتبر المنطقة العربية إقليماً ساكناً وغير قابل لتبنى الديمقراطية، لكن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بدأ الغرب يفكر فى تغيير المنطقة بشكل يخدم مصالحه، خصوصاً مع توفر رغبة وعوامل التغيير لدى هذه الشعوب. أضف إلى هذه العوامل وجود دولة طموحة وغنية مثل قطر رأت واشنطن أنه يمكن توظيف طموحها واستخدام أموالها وقناتها «الجزيرة» لإحداث التغيير المطلوب. ومن هنا التقت رغبة واشنطن فى تغير المنطقة مع طموح قطر فى أن تمارس النفوذ الأكبر فى الإقليم، وهو الأمر الذى تدعمه إسرائيل ويصب فى مصلحتها. ■ هذه خلفيات المؤامرة، لكن ما أهم خطوطها وأهدافها؟ - بإيجاز شديد، تفتيت الدول القومية التى نشأت ضمن ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى وفقاً لاتفاقية «سايكس بيكو» فى عام 1916، وإعادة دول المنطقة إلى ما كانت عليه قبل الحرب العالمية الأولى، أى دويلات صغيرة وكانتونات مقسمة على أسس طائفية وعرقية... إلخ. وهذا يصب فى صالح الغرب الذى بدأ يرى بعد 11 سبتمبر فى العالم الإسلامى عدواً له يجب القضاء عليه بالتفتيت، ويصب فى صالح إسرائيل التى سوف تصبح دولة كبيرة فى محيط من الدول الصغيرة، كما يصب فى مصلحة قطر الطموحة التى لا ترغب فى وجود سعودية قوية وتتمنى أن تعود دولة الإمارات إلى إمارات منفصلة مجدداً. وهذا المخطط بدأ بالفعل، فليبيا التى كانت حتى عام 1952 مكونة من 3 أقاليم تعود الآن إلى سيرتها الأولى، ويجرى تدمير سوريا التى نحتاج إلى نحو 30 سنة لإعادة لُحمتها، والدراسات الأمريكية أوصت بتقسيم العراق إلى 3 دول؛ شيعية فى الجنوب وسنية فى الوسط ودولة للأكراد فى الشمال. وهذا المخطط يهدد وحدة السعودية وقد يطال مصر بمحاولة سلخ النوبة عنها، وجرى تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم. ووفقاً لهذا المخطط، فإن الغرب سيعهد إلى جماعات الإسلام السياسى بحكم المنطقة. ويمكنك أن تلمس هذا فى دعم الإخوان والصعود المفاجئ والغامض لجماعات مثل «داعش» و«النصرة» التى لا يعرف أحد من يقف وراءها ومن أين تأتى بأموالها. وفى هذا السياق تسعى واشنطن وحلفاؤها لتحقيق ثلاثة أهداف: 1. عدم التعرض للمصالح الغربية داخل حدودها، أى تأمن شر العمليات الإرهابية لهذه التيارات الإسلامية المتشددة بتمكينها من الحكم هنا. 2. ألا تفكر هذه الجماعات مجرد تفكير فى التعرض لإسرائيل وإلا ستفقد دعم الغرب. 3. عدم التعرض لمصالح الغرب فى المنطقة، خصوصاً البترول والغاز. ■ لكن اهتمام أمريكا بالنفط العربى الذى تشير إليه يتناقض مع ما نسمعه عن اكتفاء واشنطن من الطاقة بعد الاكتشافات الكبيرة للزيت الصخرى فى أراضيها. - لا يوجد تناقض، فالكلام عن استقلال أمريكا فى مجال الطاقة يتعلق بحاجاتها الخاصة، لكنها ما زالت مهتمة بموارد المنطقة لسد حاجات حلفائها الضخمة من الطاقة، مثل اليابان والهند من ناحية وللضغط على الصين التى تحتاج لنفط المنطقة من ناحية أخرى. وحتى نفهم كل هذه التفاصيل يجب أن نضعها فى سياقها الأكبر وهو تجهيز واشنطن وحلفائها للمسرح الدولى ل30 عاماً قادمة للمواجهة الكبرى مع الصينوروسيا. وفى هذا السياق، يمكن أن نفهم سياسات أمريكا فى المنطقة وإعادة الانتشار الأمريكى فى المحيط الهادى وما يحدث فى شبه جزيرة القرم وأوكرانيا وتطورات الموقف فى إيران، إن اللعبة أكبر كثيراً من الشرق الأوسط. ■ عندما كنت تتحدث عن هذه المؤامرة فى 2009 هل كنت ترصد فى هذا الوقت المبكر اتصالات جماعة الإخوان بالأمريكان؟ -طبعاً، لكن لم أكن أعتبرها جزءاً من المؤامرة. وبالمناسبة الأمريكان ضغطوا فى وقت مبكر علينا لإشراك الإخوان فى الحكم، وقالوا لى نصاً أثناء إحدى زيارتى لواشنطن فى عام 2005 أن التغيير قادم ويجب أن نتغير ونقود التغيير فى العالم العربى و«الرئيس السورى لازم يمشى»، بعد هذه الزيارة استشعر الرئيس مبارك القلق فأرسل الدكتور أحمد نظيف، رئيس الحكومة حينها، والتقى الرئيس «بوش» الابن، الذى أعاد له التأكيد على ضرورة التعامل مع تنظيم الإخوان وإعطاء حرية الحركة لهم، مضيفاً: «مع علمنا أن الجماعة ذات خلفيات إرهابية»، ومن الغريب جداً أنهم يعترضون الآن حين نصفها ب«الإرهابية». وهذه الضغوط تفسر حصول الإخوان على 88 مقعداً فى الانتخابات البرلمانية التى جرت فى عام 2005. وفى نفس الإطار ضغطت واشنطن وحلفاؤها لتوجيه جزء من مساعداتها الاقتصادية للمنطقة للمنظمات غير الحكومية بعيداً عن رقابة الحكومات، وهو ما اعترضنا عليه بشدة عند طرحه فى اجتماع وزارى فى البحرين فى أكتوبر 2009، وهاجمنا الإعلام المصرى بشدة ونالنى شخصياً نصيب وافر من هذا الهجوم، وقتها لم يستوعب عدد من قادة الرأى العام أننا كنا ندافع عن احترام القانون المصرى الذى يقضى بضرورة أن تقوم هذه الجمعيات والمنظمات بالإبلاغ عن مصادر تمويلها. والواقع أننى أدرك الآن أن كل ما جرى قبيل وأثناء وبعد ما سمى ب«الربيع العربى» كان أكبر من الشباب المصرى ورغبته فى التغيير، وهذا لا ينفى أن لهؤلاء الشباب قضية ومطالب عادلة، ولكن تم استخدامهم لتهديد الدولة المصرية. ■ كيف رأيت قرار كل من السعودية والإمارات والبحرين بسحب بسفرائهم من الدوحة مؤخراً وإعلان الرياض جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً؟ - هذه الدول استشعرت خطر تحركات الدوحة المريبة ورأت أموالهم تشعل النيران فى كل مكان، فى ليبيا التى شاركت بشكل رئيسى فى تدميرها، وفى سوريا وفى دعم الحوثيين فى اليمن، والإخوان فى مصر وحماس فى غزة. ولكن يبقى شىء مهم وهو كيف ستتجاوب الدول الغربية مع هذا القرار الذى تتفهمه روسيا لأنها تعتبر جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً. وسبق أن رفض الرئيس الروسى فلاديمير بوتين طلباً من الرئيس المعزول محمد مرسى أثناء زيارته لموسكو بإعادة النظر فى هذا الموقف لكن «بوتين» رفض. ■ كيف يمكن للرئيس القادم أن يواجه قطر؟ - يجب أن يكون حاسماً جداً إذا لم تمتنع عن التدخل فى شئوننا الداخلية. وإذا استمروا فى غيهم فلتقطع العلاقات معهم، ونعلن الحرب الباردة عليهم. والصواب أن نبدأ فى مواجهتهم الآن ولا ننتظر قدوم الرئيس الجديد. وعلى المستوى الشخصى كنت أستغرب أن مصر لم تأخذ مواقف حازمة تجاه هذه الدولة حتى فى أيام مبارك، وتقديرى أنه بالغ فى حكمته، كما أن القطريين خدعوه إذ كثيراً ما كانوا يأتون إليه ويقولون له «هناك من يصورنا يا سيادة الرئيس على أننا نمثل تهديداً لكم، أين نحن يا فخامة الرئيس من دولة كبيرة مثلكم»! ■ هناك من يتخوف أن تقوم قطر بطرد العمالة المصرية؟ - وليكن، 50 ألفاً لن يتسببوا فى إذلال 90 مليوناً. والسعودية وباقى دول الخليج يمكن أن تستعين بهذه العمالة. ويمكن لبلدهم أن يستقبلهم، خصوصا أن هذا حدث من قبل فى عام 1997 عندما حدث الصدام الكبير بين أمير قطر والرئيس مبارك فى عام 1997 ولم تكن نهاية العالم. ■ هل كنتم ترصدون تحركات قطر ضد مصالحنا واتصالاتهم بالإخوان؟ - طبعا والداخلية والمخابرات المصرية لديهما رصد كامل بكل هذه الاتصالات والتحركات وموثقة فى ملفات كاملة. ■ ولماذا لم تواجه السلطات المصرية القطريين بهذه الملفات؟ - لا أعلم، والمجلس العسكرى بقيادة المشير طنطاوى كان أيضاً على علم كامل بهذه الاتصالات، ولكنه لم يواجه القطريين بها أيضاً، وأنا لا أعلم السبب رغم كونى وزيراً للخارجية. ■ مع كل هذا التوتر الذى تشهده المنطقة إلى أين تتجه أوضاعنا؟ - لا أستطيع أن أقول لك ماذا سيحدث، لكن المؤشرات خطيرة، لأن قرار دولة مثل السعودية بحظر جماعات الإخوان سيخلق تناقضاً رئيسياً داخل دول مجلس التعاون الخليجى، إذ كيف تستضيف دولة مثل قطر أعضاء جماعة تعتبرهم الرياض إرهابيين؟ لاحظ أيضاً أن الغضب السعودى لا يقتصر على تحركات قطر المريبة فى المنطقة، وإنما يمتد لسبب آخر وهو الانفتاح الأمريكى على إيران، ومن هنا أوصى الرئيس القادم بأن يضع كل قدرات مصر بالكامل فى خدمة دول مجلس التعاون الخليجى إذا ما دعت الضرورة. والمناورات المصرية الآن بين قواتنا والقوات الإمارتية لا تتم بمعزل عن هذه الصورة، فمصر هى العمق الاستراتيجى لأشقائنا فى الخليج. ■ كيف يمكن للرئيس القادم أن يواجه تجاوزات رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان؟ - دعنى أسألك: ومن هى تركيا أصلاً؟ يجب أن نتعامل معهم بنفس الحزم الذى أوصى به فى مواجهة القطريين ونستطيع أن نعاملهم بالمثل تماماً، وإذا تحركوا ضد مصالحنا يمكننا أيضاً أن نتحرك ضدهم، كما يمكننا العمل على كثير من النقاط المؤلمة لتركيا خارجياً وداخلياً ولكن لا نبغى أن نذهب إلى هذا الحد. ■ كيف ترى مستقبل أردوغان؟ - مستقبل غير براق، لأن قائمة الاتهامات الداخلية ضده طويلة ويصعب علىَّ أن أتصور نجاحه فى الانتخابات القادمة بعد أن فقد الكثير من التعاطف والجاذبية داخلياً وخارجياً. فالرجل الذى قدم نفسه على أنه نموذج يمكن لباقى العالم العربى أن يقتدى به يتحدث الآن عن حجب مواقع التواصل الاجتماعى فى بلده. ■ وما الرد المناسب على استفزاز حماس وتهديدها لحدودنا الشرقية؟ - يجب أن تعود حماس لرشدها، لأن سلوكها الحالى قد يصيبها فى مقتل، فالأنفاق التى يهددون أمننا من خلالها لها مدخلان وليس مدخلاً واحداً ويجب ألا يأخذونا بعيداً فى الرد عليهم! ■ هل فقد الإخوان دورهم فى هذه المرحلة لواشنطن؟ - واشنطن ما زالت تتصور أن لهذه الجماعات تأثيراً فى المجتمع، وسوف يستمرون فى دعمهم، ولذلك والسنوات القادمة ستكون صعبة ولذلك يجب أن تفتح مصر نوافذ مع كل القوى الدولية مثل الصين والهند، والاستمرار فى الانفتاح على روسيا بشرط ألا تتحول مصر إلى «بيدق» على رقعة شطرنج فى لعبة الصراع بين موسكووواشنطن، ونتجنب هذا الخطأ الذى ارتكبه عبدالناصر والسادات وقبلهما على بك الكبير ومحمد على باشا. ■ وماذا تقترح على الرئيس القادم بخصوص إيران؟ - أنصحه بإقامة علاقة صداقة وتعاون مع الإيرانيين طالما ابتعدوا عن مفهوم «التقية» أى أن يقولوا شيئاً ويبطنون شيئاً آخر. وإن كنت أتشكك من إمكانية تحقيق هذا التعاون، لأن النزاع الشيعى والسنى الذين يساهمون فيه يباعد من احتمالات التقارب بيننا. ■ وكيف ستتعامل واشنطن خصوصاً فيما تبقى من فترة حكم أوباما مع المشير السيسى لو جاء رئيساً؟ - الرئيس المقبل هو السيسى وسوف أناصره، وواشنطن مضطرة للتعاون معه، لأنه سيأتى من خلال انتخابات شفافة، وأتوقع أن يدعوه أوباما لزيارة واشنطن وأرجو أن ينجح الرئيس القادم فى إقناع الأمريكان بأن القاهرة راغبة فى الدفاع عن مصالحها الوطنية والإقليمية وليس الافتراق عن واشنطن كما أمل أن تعى واشنطن من خلال موقفى مصر والسعودية من الإخوان أن الإسلاميين ليسوا هم الشريك المناسب. ■ وماذا عن إسرائيل التى انحسر الشعور بخطرها بل وتحولت من عدو العرب الأول إلى «حبيبة الجميع»؟ - هذه هى المأساة الكبرى، فقد سقطت دول كبرى فى الفوضى بعد أن تم تدمير العراق وسوريا، ومصر فى موقف لا تحسد عليه مع اهتزاز علاقاتها مع الدول الغربية وازدياد خصومها على حدودنا، ولذلك تعيش إسرائيل «شهر عسل» ممتداً بل وأحلى فترات حياتها بعد أن انتهت ضغوط القضية الفلسطينية وتفرغوا للقضاء على الخطر النووى الإيرانى وقد اقتربوا من تحقيق ذلك، وأن تنتهى التهديدات لتعيش تل أبيب فى سلام واستقرار وتمضى فى ابتلاع الأرض الفلسطينية بعد أن تم تدمير المشرق العربى، وفى ظل خلاقات عربية - عربية تتجاوز أسوأ فترات الخلاف فى مرحلة الصراع بين عبدالناصر والنظم التى كانت تسمى وقتها «القوى الرجعية». والقضية الفلسطينية إما تُحسم كما يرغبون أو تبقى مجمدة مع قضم أراضيهم بهدوء حتى تتلاشى القضية. ■ وما الذى أدى إلى هذا التطور الدرامى؟ - ساهم فى تحقيق ذلك ما أسميه ثورات «التدمير العربى» وليس «الربيع العربى» وسبقه التدمير الفلسطينى فى صورة الديمقراطية الفلسطينية وحق الاختيار فى 2006 و2007. وعندما كنا نحذر من ذلك ونحثهم على المصالحة ولم الشمل، كنا نُتهم بأننا ندافع عن المتعاونين مع إسرائيل والغرب، وحقيقة الأمر أننا كنا نعلم بالوثائق أن حماس لن تواجه إسرائيل فى صراع مسلح، لأنها تعلم أنها لو فعلت ذلك، فسوف يٌقضى عليها، فهى محصورة بين البحر وحدود إسرائيل. ■ وماذا كانت استراتيجية حماس؟ - حماس وجدت نفسها على رأس السلطة فى غزة ولكنها تدرك أنها لا تستطيع مواجهة إسرائيل وبالتالى فهى فى حاجة إلى قاعدة استراتيجية وإدارية ترتكز عليها فى مقاومتها لإسرائيل. كيف يتحقق هذا؟ بإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل عام 1977 أى ما قبل اتفاقية السلام. فكان التفكير أن تخلق توتراً متصاعداً على الحدود المشتركة بيننا ما يجبرنا أولاً على الاعتراف بهم وفتح الحدود بمفاهيم حماس ليستخدموا أراضينا لمهاجمة إسرائيل، ثم اللجوء إلينا تحاشياً لأى رد إسرائيلى، أى تدمير معاهدة السلام. وكانت هناك محاولات فجة لجرنا لهذا المخطط الذى تصدينا له فى 2008 و2009. وهاجمنا الكثيرون من مختلف الاتجاهات وانتقدوا الدولة المصرية واتهمونا بخيانة القومية العربية لعدم إدراكهم خطورة منهج حماس وعدم جدواه، مع أنهم لو أحسنوا الفهم لأدركوا أن خطواتنا كانت تعكس ولاء للقومية وحرصاً على حقوق الفلسطينيين فى استرداد أراضيهم بشكل عملى وليس من خلال المقاومة العشوائية. وأنت لا تستطيع هزيمة إسرائيل بمنهج المقاومة العشوائية فالصاروخ الفلسطينى يسقط فى صحارٍ وترد إسرائيل بقتل 1500 شهيد. وقد أثبت الإخوان وهم أكثر من انتقدونا دفاعاً عن حق حماس فى المقاومة أنهم كاذبون. وعندما جاءوا للسلطة رعوا اتفاقاً بين حماس وإسرائيل يقضى بألا تقوم حماس أو غيرها من جماعات المقاومة فى غزة بإطلاق نيرانها على إسرائيل! مشكلة قادة حماس أنهم يتمسكون بمنهج خاطئ، ولا يدركون أنه لا وجه للمقارنة بين موازين القوة بينهم وبين تل أبيب، ف 30 ألف بندقية لا يمكنها هزيمة 3 آلاف دبابة فى أرض مسطحة. الأمر الثانى أنهم جعلوا من أنفسهم أداة فى يد طهران لتحقيق مصالحها وليس مصالحهم ومصالحنا. فبعد انهيار العراق، توحش الإيرانيون فى الدفاع عن مصالحهم فى المنطقة، خصوصاً السعى لامتلاك سلاح نووى، واستخدموا القوى المناضلة ضد إسرائيل خصوصا حزب الله وحماس أسوأ استخدام لمصالحهم، فسقط نتيجة ذلك شهداء ضحايا لبنانيون وفلسطينيون دون أن يعود ذلك بشىء عليهم. ■ ربما عذرهم فى ذلك أن إيران الإسلامية التى تسعى لامتلاك سلاح نووى سوف تمثل ردعاً لإسرائيل وتحقق توازناً يصب فى صالحهم؟ - هذا وهم كبير لأن إيران سوف تستخدم قوتها النووية لخدمة مصالحها وليس مصالحنا. ■ هل انتهت القضية الفلسطينية؟ - ما زال لدينا أمل فى أن نستعيد الحق الأدنى من حقوقنا، وهو 22% من الأراضى، لكن إذا ظل الوضع على ما هو عليه فسوف يتم تصفية القضية، وستتفرغ إسرائيل بعد ابتلاع كامل الأراضى الفلسطينية لإشعال حرب سنية - شيعية تستمر لمدة عام قادمة وتعيش هى فى استقرار وهناء. ■ وكيف انعكس كل ذلك على الوضع فى سيناء؟ - الوضع فى سيناء ممتع لإسرائيل، فهى قريرة العين وهى ترى ملايين من قطع السلاح تدخل من حدودنا الغربية والجيش الذى كان يحاربها مشتبكاً فى حرب عصابات تستنزفه. وهل هناك ما هو أكثر تهديداً لنا من السفينة المحملة بالصواريخ التى ضبطت مؤخراً فى إيلات، أين كان سيتم تفريغ هذه الصواريخ؟ بالقطع على أراضينا ثم تأخد طريقها لغزة عبر الأنفاق أو تبقى فى سيناء لتهديد إسرائيل أو تهديد حركة الملاحة فى قناة السويس. ■ وما مصلحتهم فى تهديد قناة السويس والإضرار بأمننا؟ - كانت هناك محاولات متعددة لتهديد الملاحة فى قناة السويس وقد سبق ورصدنا ذلك فى عامى 2008 و2009 خصوصاً عندما اخترقت أعداد غفيرة حدودنا فى فبراير ومارس من عام 2008، كما ضبطت المخابرات العامة خلية ل«حزب الله» ومحاولات لاستئجار وحدات سكنية تطل على القناة. والهدف من هذه المحاولات هو أحد أمرين، الضغط على مصر لإجبارها على تبنى بعض وجهات نظرهم، والأمر الثانى هو إرسال رسالة للغرب فحواها أن أمن مجرى قناة السويس فى أيدينا، وبالتالى يجب أن تتحدثوا معنا نحن الإسلاميين وتسمعوا لنا وقد وصلت الرسالة للغرب وصدقها ودعم الإسلاميين بقوة بعد 25 يناير، ولذلك أقول أن الخطة التى استهدفت المنطقة كانت أكبر من قدرات الدولة المصرية بكثير. ■ وأين كانت الدولة المصرية من كل ذلك؟ - كانت قد وهنت وضعفت فى نهاية حكم «مبارك» بسبب شيخوخة قياداتها، مما أثر سلباً على قدراتنا على المواجهة والضبط والإحكام. وهذا ما يتغير الآن، لكن لكى يتحقق الاستقرار السياسى يجب أن ننجح اقتصادياً، ولذلك أتفهم تماماً رسالة المشير السيسى حين تحدث عن أهمية العمل للخروج من عنق الزجاجة. وهذا يقودنى إلى أمر آخر، هو أن السيسى إذا تُرك بمفرده اعتماداً على شعبيته، فإن هذه الشعبية ستتآكل شيئاً فشيئاً والحل أن يطلق الرئيس طاقات الشعب من خلال المؤسسات وتعاون البرلمان والحكومة، ومن هنا أتفهم جداً، بل أدعو بكل حماس لأن يفكر «السيسى» فى أن يكون لديه حزب أو ائتلاف سياسى قادر على تحقيق أغلبية فى البرلمان تمكنه فى تشكيل الحكومة، كما فعل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وقبله الرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف، حتى لا يجد نفسه وحيداً وبلا سند داخل البرلمان، ولا ينبغى أن يعدل عن هذه الفكرة تحت انتقادات بعض الرافضين لهذه الفكرة، إما لأنهم خائفون من تكرار تجربة الحزب الوطنى، أو طامعون فى السيطرة على البرلمان، وبالتالى تشكيل الحكومة وتهميش الرئيس.