انتقد مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ال30، الذى انطلق اليوم بالقاهرة، تحت عنوان «فقه بناء الدول.. رؤية فقهية عصرية» تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، بمشاركة 57 دولة و500 عالم دين منهم 50 وزيراً ومفتياً ورئيساً للمجالس الإسلامية العليا، جماعات الإسلام السياسى، وجماعة الإخوان الإرهابية على وجه الخصوص، بشدة. وحذر المجتمعون من خطورة الجماعة الإرهابية، لأن أفكارها الضالة جنت على الإسلام والمجتمعات الإسلامية، مشددين على أهمية مناقشة فقه بناء الدول بعد تعرضه لتشويه من قبل الجماعات المنحرفة التى صنعت التشدد والتطرّف باسم الدين ومارست أبشع الجرائم الإرهابية وتبنت تفسيرات مغلوطة للقرآن والسنة وقسمت العالم لدار إسلام ودار كفر، وأطلقت شعارات «الحاكمية والولاء والبراء» ونشرت التطرّف والتمرد الدينى فى المجتمعات وكفَّرت وقتلت من يختلف معها، ونشرت الخوف والرعب ضمن استراتيجية التوحش، وأحيت الرق وسبى النساء وتدمير الدول الوطنية واختطاف الأطفال وتجنيدهم والاستعانة بمرتزقة العالم فى التدمير. "الأوقاف": الاستقرار يبدأ من دعم الحاكم العادل وأكدت وزارة الأوقاف أن الوقوف خلف الحاكم العادل مطلب شرعى ووطنى لا يستقر أمر الوطن إلا به، لأن بناء الدول ليس كما تدعى الجماعات التى لا خبرة لها فى إدارة الدولة قضية هواية، مضيفة أن بناء الدول عملية شاقة شديدة التعقيد تحتاج إلى خبرات تراكمية كبيرة وإرادة صلبة وعمل دؤوب ورؤية ثاقبة تعزز قوة الدولة فى مختلف المجالات. وشددت الوزارة، خلال فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، على ضرورة قراءة العالم وفهم تحدياته وفك شفراته وحل طلاسمه والتعامل معه على أسس علمية ومنطقية فى ضوء الخبرات المتراكمة، مؤكدة أن الأمم لا تُبنى إلا بالعلم والعمل الجاد والجهد والعرق، لأن الأمم التى لا تنتج مقوماتها الأساسية تكون عالة ولا تملك كلمتها أو استقلال قرارها. وأضافت: «لهذا كان بناء الدولة مطلباً شرعياً ووطنياً وحياتياً لجميع أبنائها، وبقدر إيمان كل منهم بحق الوطن وقوة إيمانه به تكون قوة الوطن، وبقدر اختلال هذا الانتماء أو ضعف ذلك العطاء والنكوص عن التضحية بالنفس أو المال فى سبيل الوطن يكون ضعف الدول أو سقوطها أو تمزقها». ووجه الدكتور محمد الكعبى، رئيس الهيئة العامة للشئون الإسلامية بالإمارات، الشكر لمصر على فتح ملف فقه بناء الدول، مشيراً إلى أن الدين يتضمن فى منهجه الاجتهادات المتجددة التى تخضع لتغيرات الزمان والمكان لتحقيق المقاصد الإنسانية الكبرى فى حفظ الوطن والنسل والدين. وأضاف «الكعبى» أن فقه بناء الدول تعرض لتشويه من قبل جماعات منحرفة صنعت التشدد والتطرّف باسم الدين ومارست أبشع الجرائم الإرهابية وتبنت تفسيرات مغلوطة للقرآن والسنة، موضحاً أن فقه بناء الدولة يظهر فى تجربة الإمارات حينما بنى الشيخ زايد آل نهيان دولة عصرية حديثة قوية الأركان تسخر إمكانياتها لبناء الإنسان وتستند فى دستورها على فهم حقيقى للدين قائم على احترام الإنسان. وطالب «الكعبى» بإعداد دراسات لإنتاج الفقه الإسلامى الحضارى وتصحيح التشوهات التى ألحقت به نتيجة طرق التفكير المتطرفة والممارسات الخاصة بالإسلام السياسى. وقال الدكتور عبداللطيف دريان، مفتى لبنان، إن فقه بناء الدولة موضوع شديد الأهمية، ويهم الدولة العربية والإسلامية، لأن مهمة أهل العلم والدين الإسهام فى بناء دولة النمو والنهوض والاستقرار والإدارة الرشيدة، فليس هناك انفصال بين الدين والدولة، ومهمتنا الدينية تقضى دعم الأمن والأمان والاستقرار، مضيفاً أن مسئوليتنا فى البناء السياسى للدول مثل البناء الدينى. وتابع مفتى لبنان: «تقع على عاتقنا مسئوليات عديدة لاستعادة الزمام لبناء الدولة الوطنية بجهودنا، فالدولة هى التى تحرس الدين وتنظم علاقتنا بالعالم والمجتمع الدولى ولذلك علينا الاهتمام ببنائها أولاً». وأكد الدكتور السيد محمود الشريف، نقيب الأشراف ووكيل أول مجلس النواب، فى كلمته، إن مجلس النواب سيتبنى توصيات مؤتمر الأوقاف الدولى ويعمل على الإسهام فى تحويلها إلى برامج عمل أو مشاريع قانونية، مشيراً إلى أن المؤتمر يعد ذا أهمية كبيرة فى ظل الظروف التى تمر بها الدول، وشدد على ضرورة الحث على نشر القيم والأخلاق لتحقيق الاستقرار ومواجهة الفوضى فى المجتمعات. وأضاف أنه لا يمكن أن تقوم حضارة بغير أخلاق وآداب سليمة، فغذاء الروح وصلاح البشر يكون بالأخلاق ولذا اهتم الإسلام بالأخلاق عناية بالغة ووردت النصوص عنها فى القرآن والسنة، مؤكداً أن المجتمع لو أصيب فى أخلاقه فلن ينهض. شيخ الأزهر: المتطرفون يدَّعون زوراً أنهم يمثلون الإسلام الصحيح وقال الدكتور نظير محمد عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، فى كلمته التى ألقاها نيابة عن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن هذا اللقاء يأتى لتعزيز المفاهيم الصحيحة التى تؤسس لبناء الدول الآمنة، والمستقرة، والمتقدمة، ويفند مفاهيم الجماعات المتطرفة التى تهدف إلى الإرهاب، وعدم الاستقرار، والتأخر عن الركب الحضارى، وصولاً إلى تفكيك الدول، وهدم الأوطان. وأوضح أن الإسلام أسس للتعايش المشترك من خلال عدة أسس محكمة، أهمها الوحدة الإنسانية، وحرية الاعتقاد، والعدالة والمساواة فى الحقوق والواجبات، والسلام العالمى اللامحدود بين الجميع، مشيراً إلى أن الجماعات المتطرفة تغض الطرف عن هذا المفهوم، متشبثة بضرورة الصراع والصدام مع الآخر، وتقدم نفسها على أنها وحدها تمثل الفهم الصحيح للإسلام، والواقع.