العقلاء المستقيمون بينهم قلة لأنهم تعودوا على الظلام، فالنور يفضحهم، والمباشرة والوضوح يجرحهم، والمواربة والمناورة مسلكهم، وقد ظنوا أنهم قادرون عليها لكنها تعصى على أولى القوة والعصبة رغم رئيس وديوان وتأسيسية ومكتب إرشاد وإمارة خليجية وجماعة أممية، وإذا دام الكذب حينا فإنه يزول مثل كلام الليل الذى يتلاشى فى نهار مشمس. وإذا رفعت الجماعة شعار الإصلاح والنهضة والخير لمصر فإننا نضع أمامها تجارب حكم سقطت لأنها ظنت أن الاستحواذ هو الطريق إلى الاستدامة على الكراسى والتنفذ فى دواوين الحكم والسيطرة على مقدرات الأوطان، فالمستحوذون على مر العصور لاحت لهم الفرص للتعقل والإدراك لقيمة التواضع والركون إلى فضيلة تقبل الآخر لكنهم لم يروها وتناسوها فى زحمة الإقصاء والاستبعاد والكراهية والاستبداد، فالاستحواذ يعمى الأبصار كما تعمى القلوب بين الضلوع، وأصحاب القلوب العمياء كثر هذه الأيام خاصة بين قيادات الجماعة الفيل، لا يفقهون شيئا ولا يعقلون ولا يدركون، فقط يصرحون ويصرخون ويستعلون وينتقمون وينخدعون بالمشهد الذى دان لهم لأيام ودان لآخرين سنين! لكنه الغباء السياسى الذى أورثه السمع والطاعة فى المنشط والمكره. قيمة الإصلاح لا تستقيم مع الاستحواذ ولنا عبرة فيما فعله جمال مبارك وحاشيته فى أروقة الحزب الوطنى المنحل من تغييرات بدافع السيطرة على مفاصل الدولة مع الترديد بأنها إصلاحية فى آلات الكذب الموالية، فزالت دولة مبارك وابنه فى 18 يوما لأن عقيدتها الاستحواذ وقبلها دول هتلر ونابليون وغيرهما. من لا يتعلم من التاريخ «جاهل»، وننتظر من مهرجى البلاط الإخوانى أن يدفعوا إلى قادتهم ورئيسهم أن المخاطر جمة، ومن ثم فالتذكرة تنفع المؤمنين، الغضب كامن وجذوته قد تشتعل وفورته بلا ترتيب، فالناس متأهبة والكراهية تحت الجلد وهناك ملايين رافضة وآخرون أكرهوا على الاختيار، والجميع ينتظرون التغيير بلا شروح أو تفاصيل، فقط يريدون ترجمته فى حياتهم لتكون «آمنة مستقرة هانئة». الجماعة الفيل تتحرك بصعوبة لأنها مربوطة إلى الأرض البور، أرض الظلام، أما أرض النور فهى مختلفة ففيها شعب وموارد ومستقبل وأمن قومى وأزمات ومشاكل وجوعى ومتحفزون، الفيل لا يمشى مستقيما بل يناور فى المكان ليخطو، والخطوة متثاقلة بسبب الحجم، حجم الإرث وغياب الكفاءة ورعونة التفكير ووهم الانتماء. الجماعة الفيل لن تتقدم فى الخطى كما تظن لأنها تثبت يوما بعد يوم فقدانها للبوصلة لأنها تريد أن تزرع وتحصد قبل أن تعد التربة وتروى الأرض وتحسن الاختيار. وفى الختام، كلما قرأت خبرا عن اختيارات الإخوان فى مؤسسات الدولة، أرى باولو كويلهو يخاطبهم قائلا: «أسوأ الناس أولئك الذين لا يعرفون أنهم مجانين لأن كل ما يفعلونه هو تكرار لما يأمرهم به الآخرون!». سؤال أخير: من الآخرون الذين يأمرون الإخوان؟ أنتظر إجاباتكم على بريدى القطرى! محمود يا خليل، «أرجو ترك إيميلى الخاص وعدم استخدام إيميل «الوطن» فى المقال وشكرا».