لست بعالم كى أحكم على الاختراع الذى يتبناه أحد أبناء المؤسسة العسكرية، والمتمثل فى ابتكار جهاز يعالج الفيروس الكبدى «سى»، بالإضافة إلى علاج فيروس تدمير جهاز المناعة المعروف باسم مرض «الإيدز».. ولا أعرف خطوات البحث العلمى كى أدلى بقولى فى مسألة علاقتى بها قد تكون أعقد من محاولتى التحدث باللغة الصينية.. ولكنى أشاهد سيركا ومولدا وفيروسات مجتمعية تحتاج إلى علاج كى يستقيم حال هذا البلد، أشاهد ساقية من الجهل وسوقا من التخوين فى جهة، ويرد عليه بالتشكيك والسفالة من جهة أخرى، انفلات فى الثقة بالنفس فى جهة، يقابله تضخم فى الإحساس بالثقة بما يجافى الواقع.. وفى هذا المورستان نحيا ووسط هذه الفيروسات نعيش. لا أملك علم الدكتور عصام حجى لكى أقوم بالرد عليه ولكن أحكم على كلامه كمسئول سياسى بصفته مستشارا لرئيس الجمهورية، حين أطلق تصريحاته النارية والتى هاجم فيها الاختراع ووصفه بالفضيحة، وهى تصريحات تعكس عدم التقدير السياسى لمسئول فى مؤسسة الرئاسة ما كان يجب أبدا أن تخرج بهذا الشكل، تقديرا لمسئولية وحساسية الموقع الوظيفى لصاحبه. وفى المقابل كنا ننتظر أن يخرج صاحب الاختراع بنظريته البحثية ليفند كل ادعاء ويرد على كل استفسار أو اتهام علمى، وأن يكون العلم أمام العلم والحجة أمام الحجة، ولكننا نعيش الآن فى بحر من الاتهامات ولا أحد يطرح معلومة، حتى أطباء الكبد المتخصصين فى مصر لا يملكون معلومة يتمكنون من خلالها من الرد على استفسارات المرضى بخصوص الاكتشاف الجديد. أثق فى بلدى ثقة مطلقة، وأعرف أن جيش بلدى سبق وحقق المستحيل عندما حارب وعبر فى ست ساعات فى وقت كانت تحصينات العدو تجعل من العبور أمنية من الصعب تحقيقها على أرض الواقع، وحطم خط بارليف بابتكار هندسى من قلب المؤسسة العسكرية المصرية، ولو كان أيامها خرج أحدهم وقال إننا سنحطم خط بارليف بخراطيم المياه لم يكن ليصدق أحد والجيش المصرى قادر على تحقيق معجزات جديدة. وأثق فى جهاز المخابرات العامة المصرية وأعرف وأحفظ بطولاته عن ظهر قلب، هذا الجهاز الذى تمكن رجاله من تفجير الحفار الإسرائيلى فى أبيدجان قبل أن يصل إلى سيناء لينهب بترولنا، والذى زرع رفعت الجمال 18 عاما فى دوائر صنع القرار الإسرائيلى، والكثير من الأمثلة والبطولات قادر هو الآخر على تحقيق معجزات تدهش وتفاجئ العالم. أتمنى بكل قطرة فى دمى أن تدهش مصر العالم باكتشافها وأن يكون هذا الاكتشاف نصرا مصريا جديدا ليس فقط كونه يعالج ألماً قومياً متمثلا فى القضاء على فيروس «سى» والذى تتجرع من مرارته كل العائلات المصرية، وعلى المستوى الشخصى كلما سمعت اسم هذا الفيروس تذكرت أنه كان سببا فى حرمانى من والدى رحمه الله، ولكن أن يكون هذا الاكتشاف بداية لوضعية مصرية على ساحة البحث العلمى العالمية وهو أمر يعنى نقلنا من عالم إلى آخر، وسيجعلنا نعيش مع العالم المتقدم على نفس الكوكب الذى يعيشون عليه، لأنه حينها سيكون لنا إسهامنا فى العلم وفى الإنسانية وأننا تركنا موقعنا كعالة تعيش على اختراعات واكتشافات الغرب فى كل شىء. أما إذا لم تثبت صحة ما تم إعلانه فوقتها ستكون انتكاسة كبيرة لمصر وسمعتها أمام العالم، وحينها علينا أن نطالب بمحاسبة المسئول عنها. ولكنى متفائل، فمصر وطن عظيم وقادر على فعل المستحيل متى أراد، ورسم الواقع الذى يريده إذا أراد.