وصل "علي" متأخرا عن ميعاده كعادته، يحمل الجيتار الذي أصبح رفيقا دائما لخطواته مؤخرا، ألقى التحية على "رمضان" ثم بدأ يسأل عن العمل. - هي الأغنية اللي جايبني ألحنها دي بتحكي عن إيه بقى؟. - بص يا سيدي .. هي أغنية مفرحة ودمها خفيف، وفيها أمل في بكرة كده، عايزين رتمها يبقى سريع ومبهج كده، ويا سلام بقى لو بيرقّص، عايزين نعملها نعملها مهرجان شعبي يعني . - مهرجان؟! مممم.. بس انت عارف إني مبعملش مهرجانات!. - أهو يبقى لون جديد عليك، أصلي بصراحة مش عايز حد يعملها غيرك علشان هندمج طريقتك في التلحين بالمهرجان، وكده نعمل مهرجان بطريقة جديدة. - ممممم .. طب اديني فرصة أفكر وبعدين. - لأ.. فرصة إيه بس؟.. دة أنا مجهزلك الأستوديو من بدري علشان تاخد الورقة اللي مكتوب فيها الكلمات دي، وتدخل تِفِنْ بمعرفتك، وحتى جبتلك لوحة مكتوب عليها "Don't Disturb" علشان مخليش حد من اللي داخل واللي طالع يأثر عليك ولا يقطع عليك حبل أفكارك، حاكم المزيكا دي عايزة هدوووء تاااام. - ممممم.. طيب. يأخذ "علي" ورقة الكلمات، ويتجه إلي الاستوديو، ويعلق لوحة "Don't Disturb" على مقبض الباب ثم يغلق الباب. ينتظر "رمضان" خارج الاستوديو بتوتّر شديد لما ينتابه منذ يوم ولادة زوجته، وما يصبره هو سماع صوت نغمات نشاذ تنبعث من جيتار "علي" من وقت لآخر، ولكنه سرعان ما بدأ يغضب شيئا فشيئا لعدم استخدام "علي" لباقي الآلات الموسيقية الموجودة بداخل الاستوديو من طبلة ورِق ..إلخ. وفجأة انقطع صوت الجيتار تماما.. انتظر "رمضان" وظل ينتظر وينتظر إلى أن نفد صبره عندما مرت فترة ليست بقصيرة لا يسمع سوى الصمت!. طرق "رمضان" باب الاستوديو، فلم يجب أحد .. دفع رمضان الباب بقوة، ليُصعق من هول ما رأى! فقد وجد "علي" شانق نفسه بواسطة أوتار جيتاره، أما الجيتار منعدم الأوتار فعليه ورقة الكلمات. خوف وفزع ودهشة وحزن ومشاعر أخرى مختلطة، شعر بها "رمضان" في وقت واحد، ولكن على اعتقاد منه بضرورة ترك المنتحر لرسالة ما، ألقى بنظره على أي ورقة بجانب جثة "علي"، فلم يجد إلا ورقة كلمات الأغنية المشئومة. ذلك المنظر المفزع لم يمنع "رمضان" من الشعور بالخوف من أن يكون "على" قد كتب رسالته تلك فوق كلمات الأغنية، وأضاع ملامحها! فاندفع سريعا نحو تلك الورقة، ليرى أن اعتقاده الأول والثاني كليهما صحيحان. أنا كنت مستني سبب علشان أطفش من وشّك، وأخيرا لقيت السبب ..." أنا مش بتاع مهرجانات يا رمضان.. مش بتااااع مهرجااانااااات"!!