في اليوم 21 فبراير.. خرج الطلاب من جامعة القاهرة تنديدًا بمعاهدة صدقي باشا وجلاء الاحتلال الإنجليزي، وما أن وصلوا إلى كوبري عباس، حتى قامت الشرطة بأمر من وزير الداخلية وقتها، محمود فهمي النقراشي، بفتح الكوبري أثناء سير الطلاب عليه، ما أدى ذلك لتساقطهم في نهر النيل واستشهاد العشرات منهم غرقًا، وإلقاء القبض على من نجا منهم، ما أدى إلى احتجاجات عارمة في جميع أنحاء الجمهورية.. كان ذلك في عام 1946، حفرت تلك الأحداث على جدران التاريخ الإنساني علامة عز وإكبار؛ تؤهل الحدث لأن يتحول لذكرى، لا تمحوها الحوادث، ولا تغيرها السنين، معلنة إياها يومًا عالميًا للطالب. في هذا العام، يأتي يوم الطالب العالمي بالتزامن مع المظاهرات الإخوانية الأسبوعية، حيث أحداث العنف التي يشعلوها في أيام الجمعة منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، عقب مظاهرات تخرج ضد الجيش والشرطة لتجوب المدن والقرى والشوارع الرئيسية، فيما يعرف لديهم ب"الصمود"، ملوحين بإشارتهم الصفراء. لم يترك الإخوان مناسبة كهذه دون تأجيج للشارع المصري بالمظاهرات والحرق وتدمير ممتلكات الدولة، فاأصدروا بيانًا أطلقوا فيه على مظاهراتهم عنوان "الشباب طليعة الثورة" لاستغلال المناسبة لصالح الجماعة، التي نشرت رسالة من مرشدها السابق محمد مهدي عاكف، لإحياء الذكرى. "أولئك الذين يرون أن وحدة مجتمعاتهم أولى دعائم القوة والعافية لأمتهم، ويعرفون للوطن والوطنية حقهما فيرون في الآخر الديني شقيق وطن، ويرون في الآخر السياسي رفيق درب تغيير، وإصلاح والكل يده ممدودة لحمل راية الوطن، ولدفع عجلة التغيير فيه نحو غد حر يحرر الأمة من سارقي أحلامها وقوت بنيها، وتتخلص فيه من أصفاد التبعية والديكتاتورية وحكم الفرد"، رسالة للمرشد السابق مهدي عاكف توضح رؤية الإخوان للشباب، وتتناقض تمامًا مع ما مارسته الجماعة، خلال فترة تولي حكمها العام الماضي في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي. مفارقات غريبة بين واقع وخيال الإخوان.. مبادئ سامية ينشرونها في رسائلهم لا تتناسب مع ما يفعلونه في الشارع المصري من عنف وإرهاب، ففي ذلك الحين من العام الماضي، خلق الرئيس المعزول حالة شرخ بين أبناء الوطن الواحد بقراراته، ووسع ساحة الخلاف بينه وبين الرفيق الآخر السياسي "المعارضة"، ودفع عجلة التغيير نحو غد أسوأ من عهود مبارك بأزمات عامه المشؤوم. تجاهل مرسي شهداء الطلاب الذين سقطوا منذ ثورة يناير والأحداث التي تلتها، وحول الاحتفال بيوم الطالب العالمي في عهده، إلى هجوم ضده وحكومته، ووزارة الشباب الإخوانية.. "67 عاما وما زال الطالب المصري مقهورا، مذلولا، ومقتولا.. إنه يوم نكسة الطالب المصري" لافتات رفعها الطلاب في عهد المعزول"، واليوم، الإخوان يطالبون بإحياء تلك الذكرى مستغلين التعامل الأمني العنيف مع الطلاب. "دائمًا يحولون المناسبات والاحتفالات إلي مأدبة من الدم".. بهذه الجملة علق الدكتور أحمد دراج، القيادي بجبهة الإنقاذ وأحد مؤسسي حزب الدستور على استغلال جماعة الإخوان لذكرى يوم الطالب العالمي، مضيفًا أن الجماعة تحاول سرقة احتفالات فئات الشعب وإفسادها لتحقيق أهدافهم المشبوهة. وأضاف دراج ل"الوطن"، أن "الطلاب هم وقود أي ثورات، لذلك فهم يسعون دائما إلى مداعبة هؤلاء الشباب والمتاجرة بقضيتهم، وإفساد عيدهم الذي من المفترض أن يكون يوم تكريم لهم وليس يومًا للرقص على جثثهم، وتوريطهم في أعمال عنف مع رجال الأمن".