سأتكلم هنا عن الله ومدى حبه لنا، فهو خلق هذا الكون بإعجازاته لكي يستمتع به الإنسان، ويستفيد منه في جميع نواحي الحياة، وأنزل الأديان وأرسل لنا من خلال الأديان "القديسين والرسل والأنبياء"، لكي نسترشد بهم ولنعرف الله من خلالهم، فهم فعلوا ما عليهم وأدوا ما أوكلهم الله به على أحسن حال، فهم أصحاب فعل حقيقي، وفعلهم ما زال قائمًا ليفيد البشرية، فهم مؤثّرون بحق، ولكن هذا فعلهم هم الذي سيجازيهم الله عليه، فأين فعلك أنت الذي خُلقت من أجله؟ فأنت تكتفي بتكرار الأقوال على ما فعلوه.. فأين هو التطبيق؟ فالله عندما كلّفهم بإيصال رسائل معينة فعلوها على أكمل وجه، والله أعطاهم الحرية بأن يوصلوها بطريقتهم، وكلهم وضعوا بصمتهم الخاصة عليها، فستجد لكل منهم شخصيته وطريقته الخاصة، ولكن ليس هذا هو المهم، المهم هو الفعل نفسه، أي الرسالة نفسها، هل وصلت أم لا؟ لا أن نترك القضية الأساسية ونذهب إلى تفاصيل مادية، مثل ماذا كان يرتدي؟ وكيف كانت جلسته؟ وما الطعام المفضّل إليه؟.. إلخ، كل هذه الأشياء تخصّه هو وحده، فلا يُعقل أن يظل الله يخلق في البشر إلى الآن، ونحن نكتفي بالوقوف عند حد ما فعله الرسل والأنبياء، ونكتفي نحن بالأقوال فقط، هل أصبحنا في زمن الأقوال لا الأفعال ؟ وهل تعتقد أن ذكر الله يكون عن طريق اللسان فقط ؟ حتى لو كررتها مرارًا وتكرارًا آلاف المرات، بماذا سيفيدك هذا أو يفيد الآخرين؟ أو حتى يرضي الله في شيء. فالله سيحاسبك على أفعالك لا على أقوال بدون أفعال، فلا بد أن يكون لنا فعل مفيد ومؤثر، نظهر من خلاله روعة الله في خلقه، ولا يأتي هذا بالصوت العالي، لأن أصحاب الصوت العالي تكون حجتهم ضعيفة دائمًا، ومن المعروف أيضًا أن الذي يتكلم لا يفعل والعكس صحيح. خذوا مثال "الشجرة" الذي خلقها الله فهي تظلل علينا وتنتج الأوكسجين وتعطينا من ثمرها، هذا بجانب جمالها وروعة شكلها، فهذه الشجرة تذكرك بالله دائمًا دون أن تتحدث. وأنت أيضًا مطلوب منك ذكر الله دائمًا بعملك وليس بلسانك، فعندما تريد أن تخطو أي خطوة يكون كل همك، أن تتقي الله في كل فعل وقول وفكر، وأن ترتقي بأقوالك وأفعالك لكي تتناسب مع من خلقك وأبدعك وأعطاك كل المقومات لكي تضيف وتطور وتفيد، فهو لم يخلقك كمالة عدد أبدًا، ولم يخلقك أيضًا لتقلد الآخرين، لأن التقليد لا يرقى لخلقه على الإطلاق، وأن التقليد معناه أن الإبداع قد نفد، وهذا غير صحيح، لأن من خلقك هو المبدع الذي أبدع في كل شيء حتى أنت، فهو يريد منك الإبداع، وأن تحب ما تفعل وتفعل ما تحب، وأعطاك الحرية والمساحة لفعل ذلك. والحرية هي أن تضع أنت لنفسك القيود لا أن يضعها عليك الآخرون. ربي وإلهي أشكرك لأنك خلقتني وأبدعت في خلقي وكنت كريمًا جدًا معي، فأدعوك يا ربي بأن تساعدني كي أستثمر هذا الكرم وأنميه ليستفيد به كل من حولي.