قضبان الفتاوى تحبس الأنفاس أكثر من جدران الزنازين وعنابر العقاب، فمنذ 25 عامًا انتزعت السلطات الإيرانية، في 14 فبراير 1989 من الكاتب الإيراني سلمان رشدي، الحق في الحياة كهدية في عيد الحب، فما نطق به قلمه في كتاب "آيات شيطانية"، كان كافيًا من وجهة نظر "الخميني" آنذاك، لإهدار دمه، والدعوة الصريحة إلى كتم ما تبقى من أنفاسه، بحجة "خروجه عن الملة". في سبتمبر 1988، امتلأ العالم الإسلامي ضجيجًا بعد نشر رواية "آيات شيطانية"، لتعرضها إلى روايات صحيح البخاري المتعلقة بالناسخ والمنسوخ في القرآن، لتصدر بعدها بعدة أشهر فتوى "آية الله الخميني" بهدر دم المؤلف "سلمان رشدي" والمطالبة بإعدامه، بعدما فشلت محاولة اغتياله في لندن بواسطة "كتاب مفخخ"، انفجر في وجه منفذ العملية دون أن يتأثر "رشدي". الثمن الذي فرض على "رشدي" دفعه، بعد نشر روايته، كان العيش بعيدًا عن الأنظار، بخوف ممزوج بترقب المحاولة الجديدة لإنهاء حياته، ورغم ذلك أعلن رجل الدين الإيراني أحمد خاتمي، في 2007، أن الفتوى بهدر دم سلمان رشدي، لا تزال سارية، ليؤكد أنها ليست قابلة للتغيير أو تعديل. "تكفير التفكير في العالم الإسلامي أصبح ممارسة ممهنجة، بعد صعود الإخوان وسيطرة تياراتهم السياسية المتأسلمة، فالمسلمين يكفر بعضهم البعض، فما بالنا بتكفير المختلفين في الفكر والحكم بردتهم عن الإسلام"، بحسب الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر. ويضيف، "التكفير داء أصاب المجتمع منذ فترة طويلة والحل الأمني لا ينهي الأزمة، فمن الواجب أان يتولى أمر التوعية بالدين شيوخ وعلماء؛ للقضاء على الغزو الوهابي الذي يحاول اجتثاث الهوية الإسلامية الوسطية من المجتمع". "دار الإفتاء المصرية، هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد بنود ردة شخص ما عن دين الإسلام"، بحسب محمد عبدالخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية، متابعًا: "ترك أمر التكفير وإصدار الفتاوى بهدر دماء الأفراد بدون تقييد، يخلق فوضى في المجتمع تتنافى مع سماحة الإسلام، وأمثال سلمان رشدي، إن أساءوا للدين يتم تقديمهم للمحاكمة، بتهمة ازدراء الأديان وليس القتل".