فيلم وثائقي خفيف بيتكلم عن الBody language كان جايب مشهد كده بيحللوه كان فيه بيل كلينتون وياسر عرفات، وإيهود باراك، يوم توقيع اتفاق أو معاهدة ما.. كان الثلاثة المفروض هيدخلوا قاعة أو مكتب، التصوير كان من برة القاعة لهم أثناء دخولهم.. دخل كلينتون، و جه الدور على عرفات أو باراك.. كل واحد منهم ماسك التاني و بيشاور له بترحيب شديد "مفتعل طبعًا" إنه التاني يدخل قبله، وإصرار من كل واحد فيهم إن التاني هو اللي يدخل الأول.. مشاورات باليد ثم بالذراع على الأكتاف، ودفع ثم تراجع كامل من عرفات خلف باراك، ليدفعه شخصيًا ثم وضع ذراعين كاملين من باراك على عرفات فسيطر عليه ثم دفع جسده بهزار دفعًا داخل القاعة ليلحق به باراك.. طبعًا كلينتون لما لقاهم لم يدخلوا وراه خرج تاني بضحكة سمجة يشوف فيه إيه.. فيه إيه يا ولاد.. المحللين في الفيلم مسكوا المشهد ده وانبهروا بيه كونه يحمل دلالات جسدية صارخة، وقالوا إن معروف إن آخر واحد بيدخل من الباب بيكون هو اللي مسيطر وصاحب الشخصية الأقوى.. بناءً عليه قامت المعركة السريعة دي بخصوص مين اللي يدخل أخيرًا. طبعًا دا كلام خاطئ تمامًا وبالكامل.. الbody language بتتقري في سياق، والأهم إن لازم مراعاة البعد الثقافي والموروثات عند الشعوب المختلفة. زي علامة القبضة المضمومة مع رفع الإبهام للأعلى، اللي هي "لايك".. معظم العالم بيعملها للمعنى المعروف ده.. بس لو عملتها في اليابان هيبقى قصدك رقم "خمسة".. و لو عملتها في اليونان لواحد ممكن يقتلك أو يضربك لغاية ماتجيب دم، من مدى الإهانة اللي فيها. علامة تانية لما بتهز رأسك من فوق لتحت إن "أيوة" و يمين شمال إن "لأ"، بعض الدول الإسكندنافية عندها العكس تمامًا.. أيوة لأ و لأ أيوة. علامة ثالثة لما بتجمع أطراف صوابعك مع بعض وتهز إيدك فوق وتحت.. هنا معناها "بهدوء" أو "بشويش" أو تهديد "صبرك عليا هوريك".. الحركة دي في الهند لو عملتها هيجيبولك أكل لأن معناها إنك جعان، والأصابع بتمثل إنك ماسك لقمة عايز تأكلها.. بس لو عملت الحركة دي في إيطاليا هيعملوا فيك اللي اتعمل فيك في اليونان، كونها إهانة صريحة وإشارة خارجة.. كان دايمًا جوزيه مورينيو، المعروف بضغطه على حكام ماتشاته، لما الحكم يأخذ ضد فريقه قرار محل جدل، كان مورينيو بيقوم من على الدكة ويشاور الإشارة دي بوضوح، اللي يظهر إنه عارف إن الفيفا مش بيعاقب عليها لأنها مش معروفة ومحلية إيطالية تمامًا، ومورينيو مش إيطالي أصلًا.. والشيء بالشيء يذكر هاني رمزي بتاع الكورة في ماتش أجنبي مش فاكره، عمل بذراعه وإيده إشارة للحكم إن فيه لمسة يد إنت محسبتهاش، لقى الكارت الأصفر طالع في وشه وهو مش فاهم فيه أيه وحس بظلم رهيب.. مخدش باله إن عمل إشارة خارجة معروفة. ابتعدت أميال عن الموضوع.. عودة لعرفات وباراك.. كلنا لما بنكون في الوضع ده، بنتعازم على بعض إن التاني هو اللي يدخل الأول، اتفضل.. اتفضل إنت الأول.. ميصحش.. عيب دانتا كبيرنا.. اتفضل يا باشا.. لغاية ميدخلوا مع بعض و يتحشروا سوا في الباب.. يبقى عرفات، وغالبًا باراك كمان، كان بيعمل كده من باب الود والترحيب، مش سعيًا للسيطرة اللي قالوا عليها اللي فاكرين نفسهم عايشين في ال"كَوكَو" لوحدهم. فيه كتاب بيتكلم عن النقطة دي تحديدا اسمه "Don't they know it's Friday" بس مش موضوعنا برضو.. أنا بأتكلم عن ياسر عرفات.. الراجل اللي فضلت طول عمري فاكر إنه عميل وخاين.. عشان قضيته مبتتحركش لقدام أبدًا.. بالإضافة لبعض الأعمال الصبيانية الطائشة اللي عملها في شبابه.. لغاية ما شفت الفيديو ده، و صورة له مع مبارك جالسًا وعرفات واقف موطي على رأسه بيبوسها مع أطنان من الود المفتعل أو الطبيعي، وافتكرت منظره وهو مسنّ لما كان متحاصر وإسرائيل بتضرب البيت اللي فيه بالصواريخ والنار وهو مولع شمعة جوه، ولما تأكد خبر إنه مات مسموم، ولما افتكرت حوار ليا مع شاب بريطاني 25 سنة اسمه ديفيد في نويبع سنة 2010، مختصره كالتالي: - و أنت بتشتغل أيه يا ديفيد؟ - ناشط - أيوة يعني اللي هو أيه يعني؟ - "بهزة كتف مستغربًا من استغرابي".. ناشط - "هرشت" و جاي تنشط في نويبع ليه؟ - ضاحكًا: لأ أنا جاي من فلسطين.. بقالي سنتين هناك، و راجع لندن من القاهرة. - إحم.. أنت شخص جميل يا ديفيد ربنا يبارك لك.. دا كان واجب علينا إحنا اللي نعمل كدة - "يهزّ رأسه متفهِّما ومحرجا" متشغلش بالك، أنا "بابسبوري" هو مصدري قوتي، محدش هيعرف يعمل لي حاجة عشان بلدي هتبهدلهم في المقابل، بناءً عليه عارف أساعد الفلسطينيين هناك. "دورت جنبي على أي سيف مصدّي انتحر بيه ملقتش"، قلت أغير الموضوع، سألته: - وعجبك أكلنا؟ أكلهم يعني؟ أكلنا يعني؟ - وهو بيصب الشاي: "المجلوبة لما كانوا بيعملوها كانوا بينبسطوا جدًا".. حاجات قليلة أوي بتبسط الناس الغلابة اللي هناك اللي محدش سائل فيهم. و"بص جنبه ملقانيش"، قعد يتلفت وينده عليا، لقاني وقعت من النخلة اللي كنا ساندين عليها مدلدل من حبل في محاولة فاشلة للانتحار شنقًا.. فسألته مشنوقا: - ورأيك إيه في ياسر عرفات؟ - محدش يقدر يحكم على حد في السياسة، إحنا مش عارفين أيه اللي بيدور في الغرف المغلقة.. اللي يعنيني هو وصل لأيه و صورته الشخصية السياسية عاملة إزاي.. عرفات أيقونة عالمية للنضال.. ضئيل الحجم هو لكنه هائل التأثير. افتكرت كل اللي فات دة.. وقارنت وضع القضية الفلسطينية أيامه، ووضعها دلوقتي.. وارتباطها باسمين من أقذر الأسماء في الشرق الأوسط دلوقتي.. حماس وأنصار بيت المقدس ال..."ضع مكان النقط كل ما تحب أن تضعه".. اللي هما شخصيًا سابوا قضيتهم، وغالبًا نسيوها أو مش فارقة معاهم، و"مالهمش أي صوت ولا خبر إلا بالخراب في المشهد المصري"، والتفت للجيل اللي بيتشكل معرفيًا دلوقتي، وأتخيل مستقبلهم ومستقبل دماغهم.. ومستقبل فلسطين اللي غالبًا – و الله أعلم - خلاص كده. فبعد كل دا لا يسعني إلا إني أنا اللي أبوس رأس ياسر عرفات، واعتذر له من كل قلبي.. وادعي له بالرحمة والمغفرة.