بعيداً عن الزخم السياسى والصخب الإعلامى، رحلت رائدة الإعلام المصرى والعربى سهير الإتربى عن عالمنا فى هدوء تام، بعد إصابتها بجلطة دخلت على أثرها المستشفى لتتوفى بعد أسبوع واحد، تاركة وراءها رحلة طويلة من العمل الإعلامى الناجح الممتد لأكثر من 40 عاماً عبر شاشة التليفزيون المصرى. مشوار «الإتربى» مع الإعلام بدأته عقب تخرجها فى كلية الزراعة بعامين، عندما التحقت بالتليفزيون المصرى بعد افتتاحه مباشرة عام 1963، تقدمت «الإتربى»، المولودة عام 1939 بمركز البلينا محافظة سوهاج، لعمل الاختبارات ضمن 3000 متقدم، واستطاعت اجتيازها بنجاح مع 300 آخرين، وكانت السيدة الوحيدة بينهم، بدأت رحلتها مع الشاشة بعملها كمذيعة ربط فى البداية، ومع بداية فترة السبعينات قامت بتقديم العديد من البرامج التى حققت نجاحاً كبيراً، وارتبط بها المشاهد وانجذب لأسلوبها السلس فى الحوار وحديثها الهادئ، خاصة برنامجها الشهير «لو كنت مسئول»، الذى ظلت تقدمه لمدة عشرين عاماً متواصلة، وكذلك برامج «الباب المفتوح» و«فى خدمتك» و«الجديد فى بلدنا» و«مجلة الدنيا الجديدة» و«مجلة طلائع».. وغيرها، وبعد أن وصلت لسن المعاش رفضت سهير الإتربى العديد من العروض التى تلقتها من بعض الفضائيات الخاصة المصرية والعربية لتقديم برامج على شاشاتها، وكان تبرر ذلك بارتباطها بالتليفزيون المصرى الذى أسهمت فى إنشائه وعملت به منذ الساعات الأولى لبدء بث برامجه. نجاح «سهير» فى مجالها شجع شقيقتيها الصغريين «عزة» و«سامية» على اللحاق بها؛ إذ التحقتا بالتليفزيون المصرى لتعملا مقدمتى برامج، هذا على الرغم من أن والدهن الطبيب الجراح أحمد الإتربى كان بعيداً عن مجال الإعلام، كذلك زوج «سهير»، الفريق الراحل حسن أبوسعدة، أحد قادة وأبطال حرب أكتوبر المجيدة، الذى وافته المنية فى 9 مارس 2012. وإلى جانب دورها على شاشة التليفزيون، كانت سهير الإتربى تحقق نجاحات مستمرة بشكل متوازٍ على المستوى الإدارى؛ حيث شغلت العديد من المناصب، بدأتها برئاسة القناة الثانية، مروراً برئاسة القناة الفضائية المصرية، التى أسهمت فى تأسيسها، حتى صارت رئيسة التليفزيون المصرى عام 1995، لتكون بذلك أول سيدة تتولى هذا المنصب الذى ظلت به لمدة ستة أعوام، قبل أن تصبح نائب رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وخلال تلك الفترة حصدت العديد من الجوائز فى مهرجان الإعلام العربى عن برامجها التى أنتجتها بمختلف قنوات التليفزيون المصرى، كما اهتمت بشكل خاص طوال فترة رئاستها للتليفزيون وبعدها بقضية حفظ تراث التليفزيون، حتى تم تعيينها مشرفة على لجنة التراث بماسبيرو، التى ظلت تعقد اجتماعها الأسبوعى بشكل دورى حتى أسابيع قليلة ماضية، للانتهاء من إنشاء مكتبة التراث التى تضم نوادر التليفزيون المصرى منذ نشأته، هذا بالإضافة إلى مشاركتها فى العمل السياسى من خلال عضويتها فى مجلس الشعب لدورتين متتاليتين.