سهير الإتربى، صاحبة أجمل ابتسامة إعلامية، تنتمي لعائلة من الأشراف، انتقلت من الجزيرة العربية إلي مصر، وتعتبر من أكبر العائلات في المنصورة. رحلت «الإتربى» عن دنيانا مساء الخميس الماضى، تاركة تراثاً إعلامياً كبيراً، تحدت المرض وقاومت السرطان لتثبت أن الإرادة تقاوم المستحيل، تحدثت إليها منذ شهرين لإجراء حوار معها وحددت ميعاداً في منزلها بجاردن سيتي ولظروف شخصية لم أتمكن من الذهاب إليها، فغضبت مني لأنني لم أعتذر لها، وحاولت أن أهدأ من روعها، فذهبت إليها في ماسبيرو، فقابلتني بابتسامة، وقالت كنت عارفة إنك هتيجى تصالحينى، وبدأت الحديث معها، وبعد نصف ساعة أحسست بأنها تتحامل علي نفسها لتنسي هموم المرض، وطلبت أن نتقابل في يوم آخر، خاصة أنها كان شغلها الشاغل الحفاظ علي تراث التليفزيون وترميمه وترقيمه ليكون أرشيفاً يحكي تاريخ مصر الحضارى والثقافى والاجتماعى بعد أن تم إسناد المهمة لها من قبل درية شرف الدين، وزيرة الإعلام، وننشر حديثها الذي لم يكتمل: في البداية تحدثت عن مكتبة التليفزيون التي تجمع أشرطة التراث التليفزيوني والإذاعى، قالت: مصر تملك تراثاً حضارياً كبيراً، والتفريط فيه يعتبر جريمة كبرى، وعلي جميع الجهات المعنية الحفاظ عليه لأنه يعتبر ذاكرة الأمة، واتحاد الإذاعة والتليفزيون يسعي لتجميعه ونجح في أرشفة آلاف من الشرائط وتطوير المكتبة لحفظه بتقنيات حديثة، وقالت إنها تشعر بحزن شديد عندما تشاهد الأفلام الوثائقية والحوارات التليفزيونية والمسلسلات والأفلام علي الفضائيات، دون وجه حق، وطالبت بتطبيق حقوق الملكية الفكرية علي كل من يعرض أعمالاً ملك التليفزيون. وعن بدايتها التليفزيونية قالت: عام 1960 عملت مع ليلي رستم كمذيعة ربط لمدة شهر كامل، وتركت التليفزيون لعدم تعيينى، إلي أن أعلن التليفزيون عن وظائف مختلفة، وتقدم أكثر من ألفي شخص، ووقع الاختيار علي 300 فقط، وكنت واحدة منهم بعد أكثر من اختبار، وظهرت علي الشاشة بعد عام، وقدمت برامج عديدة منها «في خدمتك» و«الباب المفتوح» و«الجديد في بلدنا» و«مجلة الدنيا» و«الطلائع» والذي خاطبت فيه البراعم الجديدة، وبرنامج «لو كنت المسئول» الذي ظل 23 عاماً، وترك بصمة كبيرة فى الإعلام، واستضافت فيه الوزراء وكنت أتحيز للجمهور، وأطرح مشاكله علي المسئول، وكنا وقتها نعمل بحرية كاملة، وعشنا أزهي عصور الإعلام، وكنت سبباً في وقف رش الزرع بالمبيدات لفترة طويلة، وكشف النقاب عن خطورته علي صحة الفلاح. وحاولت عندما توليت رئاسة التليفزيون عام 1995 الاهتمام ببرامج الأطفال، لأنها تصنع جيلاً يحمى مستقبل مصر، واخترت أكفأ المذيعات لهذه البرامج، وأسست شخصيات كرتونية مثل «السندباد» و«بكار» وأدخلت فن الصلصال من خلال قصص الأنبياء. وعن تجربتها في لندن، قالت: سافرت مع زوجي حسن أبو سعدة، وكان من أوراق اعتماده أن أقابل الملكة، ونصحتني إحدي الشخصيات التي تعمل بالعلاقات العامة بألا أرتدى ملابس سوداء عند مقابلة الملكة، ولابد من وضع «برنيطة»، ورحبت بي الملكة وأول سؤال طرحته علىّ، أين تعملين؟ فقلت لها مذيعة بالتليفزيون المصرى، وقالت هل أنت سعيدة بوجودك في لندن؟ قلت: يكفى أنني قابلت الملكة وهذا أكبر دليل علي سعادتى. وأشارت «الإتربى» إلي تأسيسها القناة الفضائية عام 1992 وكانت أول قناة عربية علي القمر نايل سات، ولاقت نجاحاً كبيراً داخل وخارج مصر، وأصبحت صوت مصر في الخارج، وقدمنا عبر شاشتها برامج متنوعة، تناقش أحوال مصر وسياستها، والاهتمام بالجاليات المصرية علي مستوي العالم، لدرجة أن العالم أصبح يقيم الإعلام المصري من خلال فضائياتها التي يشاهدونها علي الأقمار الصناعية. وعابت «الإتربى» علي برامج «التوك شو» التي أصبحت برامج لتخريب العقول، والمرة الوحيدة التي نجحت فيها هي حشد الشعب المصرى لصناديق الاقتراع للاستفتاء علي الدستور.