مع اقتراب السابع من فبراير الذي كان يفترض أن يكون آخر يوم من حياة البرلمان، يثير قرار المؤتمر العام الوطني تمديد ولايته، توترا في ليبيا ودعوات للتظاهر ما ينذر باضطرابات في خضم مرحلة انتقالية تعمها الفوضى. وأوكلت للمؤتمر العام الوطني المنتخب في يوليو 2012، في أول انتخابات حرة في البلاد بعد أكثر من أربعة عقود من دكتاتورية معمر القذافي، مهمة إعداد انتخاب مجلس دستوري وتنظيم انتخابات عامة خلال 18 شهرا. وينص هذا الجدول الزمني الذي حدده بيان دستوري أي دستور موقت مصغر ينظم المرحلة الانتقالية لما بعد القذافي، على أن ولاية المؤتمر تنتهي في السابع من فبراير. لكن المؤتمر العام الوطني أقر مساء الاثنين، تمديد ولايته حتى ديسمبر 2014، معلنا تعديلات دستورية رغم معارضة فئات عدة من الشعب الذي ينتقد عجز المؤتمر على استتباب الأمن ووضع حد للفوضى. واعتمد المؤتمر أيضا "خارطة طريق" تنص على احتمالين: الأول يتمثل في انتخابات عامة نهاية السنة إذا انتهت اللجنة الدستورية من المصادقة على الدستور خلال أربعة أشهر من انتخابها المقرر في العشرين من فبراير. وإذا اعتبرت اللجنة الدستورية عاجزة على إنهاء أعمالها خلال ستين يوما من بداية مهامها، فإن "الخطة البديلة" تنص على أن يدعو المؤتمر العام الوطني حينها إلى انتخابات رئاسية وتشريعية لفترة انتقالية جديدة من 18 شهرا. وقد أعربت منظمات من المجتمع المدني وقسم من الطبقة السياسية مرارا عن معارضتها أي فكرة تمديد ولاية المؤتمر العام الوطني وخرجت عدة تظاهرات، احتجاجا على ذلك في عدة مدن. حتى أن حركة شعارها "لا للتمديد" تأسست في بنغازي (شرق) مع تفرعات في عدة مدن تطالب بحل المؤتمر. ويتوقع خروج تظاهرات أخرى الجمعة المقبلة، ما يثير مخاوف من اضطرابات خصوصا بوجود مجموعات مسلحة متناحرة. ودعمت غرفة العمليات الثورية في ليبيا وهي ميليشيا موالية للإسلاميين تعمل تحت لواء الجيش بشكل غير رسمي، "شرعية" المؤتمر على غرار المجموعات المسلحة القوية في مصراته (غرب) التي شددت على أن "المؤتمر العام الوطني خط أحمر" لا يجب تجاوزه. من جانبها، أعلنت عدوتها المجموعات المسلحة في مدينة الزنتان التي تعتبر من الأكثر نفوذا أنها ستحمي كل حركة شعبية في وجه المؤتمر. كذلك تسبب تمديد ولاية المؤتمر العام الوطني في اختلافات داخل الطبقة السياسية. وأعلن تحالف القوى الوطنية (ليبرالي) وهي أكبر قوة سياسية في البلاد، رفضه هذا القرار بينما يدافع عنه الإسلاميون. واعتبر التحالف في بيان أن هذا التمديد "غير ديموقراطي"، مؤكدا أن هذا النوع من القرارات يقتضي "اجماعا شاملا أو استفتاء". لكن موقف التحالف يثير الحيرة لأن نوابه صوتوا على تمديد ولايتهم. وبعد الإقرار بأن للمواطنين "الحق في التعبير عن آرائهم عبر حركة احتجاج"، قال الناطق باسم المؤتمر العام الوطني عمر حميدان، إن تلك "المطالب لا تخدم مصالح البلاد في المرحلة الراهنة". وأضاف أن "حل المؤتمر دون بديل سيخلق شغورا في السلطة ويتسبب في فراغ أمني". لكن الناشط السياسي أبو بكر البدري اتهم المؤتمر بتنظيم "مسرحية تهدف إلى تمديد ولايته بشكل غير مباشر"، مؤكدا أن "المؤتمر مصمم على عدم التنحي عن السلطة". وقال إن "أربعين مبادرة خروج من الأزمة طرحت خلال الأيام الأخيرة في المؤتمر لكنه لم يعبأ بها". من جانبه، تحدث المحلل السياسي يونس المجبري عن "مأزق"، معتبرا أن ولاية المؤتمر العام الوطني تنتهي بدون الأعداد لتسليم السلطة. وتطفو هذه الخلافات السياسية في حين ما زال مصير رئيس الوزراء علي زيدان غير واضح على الرغم من فشل عريضة حجب الثقة في الإطاحة بحكومته. وأعلن منتقدو رئيس الوزراء هذا الأسبوع أن كتلا برلمانية اتفقت على اختيار خليفة لزيدان في ظرف أسبوعين.