في مثل هذه الساعات قبل 72 عامًا، وتحديدًا في مساء الرابع من فبراير عام 1942، زحفت عشرات الدبابات والمجنزرات الإنجليزية تجاه قصر عابدين وحاصرته للضغط على الملك فاروق للموافقة على تشكيل حكومة برئاسة مصطفى باشا النحاس. وفي يوم 3 فبراير من نفس العام، رفض مصطفى باشا النحاس طلب الملك فاروق لقادة الأحزاب السياسية بتشكيل حكومة ائتلاف وطني تحكم البلاد، وكان الملك آنذاك يخشى من انفراد حزب الوفد بتشكيل الحكومة، وعندما علمت قوات الاحتلال الإنجليزي رفض النحاس، طالبت الملك بالموافقة على رئاسة النحاس للحكومة بإنذار ينتهي موعده في السادسة مساء 4 فبراير، وبعد تأخر رد الملك، قامت قوات الاحتلال بمحاصرة قصر عابدين. كانت البداية عام 1941، حيث شهدت البلاد أزمة حادة في السلع التموينية، وكان الناس يهجمون على المخابز للحصول على الخبز، ويتخطفونه من حامليه، وأوشكت الأزمة أن تصل حد المجاعة، في هذه الأثناء وصلت قوات روميل في الصحراء الغربية إلى العلمين بجوار الإسكندرية، فخرجت المظاهرات في 2 فبراير 1942 بتدبير القصر تهتف بحياة روميل وعجز حسين سري عن مواجهة الموقف فقدم استقالته. وكانت بريطانيا لديها مخاوف من تفوق دول "المحور" أمام قوات "الحلفاء" في ميادين القتال، بصورة تقلب المائدة عليهم، وكانوا يتشككون كثيراً في ولاء الملك "فاروق" لهم، بعد أن تأكد لهم تدبير القصر للمظاهرات التي هتفت بحياة روميل. وطلب السفير البريطاني من الملك فاروق تأليف وزارة تحرص على الولاء لمعاهدة 1936 نصًا وروحًا قادرة على تنفيذها وتحظى بتأييد شعبي وأن يتم ذلك في موعد أقصاه 3 فبراير 1942. حاصرت القوات البريطانية قصر عابدين، واجتمع قائدها جنرال "ستون" بالملك الذي قبل الإنذار، ودعا لاجتماع القادة السياسيين وأعلن أنه كلف النحاس بتأليف الوزارة ورفض النحاس، بعد إلحاح ومناشدة من الملك ل"النحاس" أن ينقذ العرش ويؤلف الوزارة، وقال "النحاس" تعليقًا على إلحاح الملك قائلاً "وبعد أن ألححت عليه المرة تلو المرة والكرة بعد الكرة أن أتولى الحكم وناشدتني وطنيتي واستحلفتني حبي لبلادي من أجل هذا أنا أقبل الحكم إنقاذا للموقف منك أنت".
