لست أدرى من أى بئر ينضح هذا «المظهر شاهين».. هل من بئر السياسة أم الإعلام أم الدين؟ أقول ذلك بمناسبة كلامه فى أحد البرامج التليفزيونية عن ضرورة أن يقوم الزوج بتطليق زوجته إذا اكتشف أنها إخوانية، فكيف يتردد رجل -على حد تعبيره- فى إتيان هذه الخطوة، بعد أن اكتشف أن هناك «خلية نايمة» على سريره أو قنبلة «نايمة» فى غرفة نومه. الزوج مطالب فى هذه الحالة بترجيح مصلحة بلده على مصلحته الشخصية، وذلك مما يقع فى إطار ما سماه الشيخ أو الأستاذ أو الأفندى -سمِّه ما شئت- فقه الأولويات، فالعاقل من يضحى بمراته فى سبيل مصر.. وبين قوسين أسأل (أخبار المجلس القومى للمرأة إيه بمناسبة هذا الكلام؟). لعلكم تذكرون أن «صبحى صالح» خرج علينا ذات يوم بحديث عكسى، قال فيه إن الإخوانى لا بد أن يتزوج إخوانية، وإلا تعرضت الجماعة لأزمة عنوسة، يومها قامت الدنيا ولم تقعد، وسخرنا جميعاً من هذا الكلام الساذج الذى ردده الكادر الإخوانى المعروف. وقد ظننت وقتها أن هذا الكلام لا يجول سوى بعقل تعوّد على إنتاج أفكاره فى «الغائط»، لكن ها نحن أولاء أمام كادر جديد يشنف آذاننا بكلام عكسى، يقول فيه إن الشخص الطبيعى يجب ألا يُبقى على إخوانية زوجة له، وكذلك الطبيعية يجب ألا ترضى بأن يكون «إخوانى» زوجاً لها. إننى أستطيع أن أتفهم أن يحاول «مظهر شاهين» إرضاء السلطة الحالية بما يشتهيه من طرق. الحياة صعبة، والمعايش تتعقد يوماً بعد يوم، لكن ليس بإمكانى على وجه الإطلاق أن أستوعب خروج رجل -يصنفه الناس ضمن زمرة علماء الدين- ليحدثنا بمثل هذا اللغو. فالطلاق فى الإسلام أمر جلل، وليس أدل على ذلك من أن الله تعالى أنزل سورة فى القرآن الكريم بهذا الاسم: «سورة الطلاق»، وتبدأ بقول الله تعالى: «يا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً». والنبى صلى الله عليه وسلم وصف الطلاق بأنه أبغض الحلال، حتى يرد المسلم عنه كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً. والسؤال: هل من العقل أن يبلغ عشق السلطة والرغبة فى الدفاع عنها هذا المبلغ، فيندفع رجل المفروض فيه العلم بالدين إلى اللكلكة الفارغة بهذا الكلام؟ إننى أتصور أننا ثُرنا ضد حكم الإخوان، لأننا نرفض هذه الطرق المريضة فى التفكير والنظر إلى الأشياء، وأبينا أن يدير الأمر فى بلادنا مجموعة من الفشلة والمدعين. الكارثة الكبرى التى اكتشفناها بعد موجة الثورة فى 30 يونيو أن الكثير من رافضى الإخوان وأعدائهم يفكرون بنفس الطريقة التى تفكر بها «الجماعة». وكأن عدوى «الهلوسة بالكلام» انتقلت إلى الجميع.. فيه إيه.. انتو كلكو إخوان ولّا إيه؟!.