تبدأ فرنسا، اليوم ولأول مرة، محاكمة رواندي متهم بالتواطؤ في المجازر التي أوقعت نحو 800 ألف قتيل في رواندا، وذلك بعد مرور 20 عاما على الإبادة، التي انتقدت فرنسا مرارا لدورها فيها. ويمثل باسكال سيمبيكانجوا (54 عاما)، في هذه المحاكمة التاريخية، لستة إلى ثمانية أسابيع، أمام محكمة الجنايات في باريس، بتهمة "المساهمة عن سابق معرفة في الممارسة المكثفة والمنهجية، لعمليات إعدام خارج القضاء، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية وفي الإبادة". ويواجه سيمبيكانجوا، بحسب البيان الاتهامي، حكم بالسجن المؤبد. ويمثل هذا الكابتن السابق في الجيش الرواندي، والمتقاعد منذ 1986 في جلسات يتم تصويرها بصورة استثنائية، وهو يقر بأنه كان مقربا من سلطات الرئيس الهوتو جوفينال هابياريمانا، الذي شكل اغتياله في 6 أبريل انطلاقة لحملة الإبادة. غير أنه ينكر أن "يكون شارك أو نظم المجازر، بأي شكل من الأشكال"، وتم توجيه التهمة بالأساس إلى سيمبيكانجوا، بارتكاب إبادة وجرائم بحق الإنسانية. غير أن التحقيق لم يستبق في نهاية المطاف سوى تهمة التواطؤ، فيما اعتبرت تهمة أخرى بالتعذيب سقطت بالتقادم، وهو ما يثبت بنظر المدافعين عنه أنه "كانت هناك تهم قليلة جدا ضده، ولأنه ينبغي رغم كل شيء إحالته إلى محكمة جنايات، لم يبق سوى التواطؤ". ويعتبر الدفاع أن "هذه المحاكمة سياسية-دبلوماسية بامتياز، في وقت جرى تقارب بين كيجالي وباريس، التي اتهمتها السلطات الرواندية، المنبثقة عن التمرد السابق التوتسي، بدعم منفذي الإبادة"، وذلك بعد ثلاث سنوات من انقطاع العلاقات الدبلوماسية بينهما، بين 2006 و2009". وقال المحامون: "هناك ضغط من السلطات الرواندية على فرنسا، وضغط هائل من أطراف الحق المدني، الذين قدموا الشكوى"، مضيفين: "يتهيأ لنا أنها الذكرى ال20 لإبادة التوتسي، ويتعين بالتالي إدانة باسكال سيبمبيكانجوا، لجعله مثالا". وتابع محامو الدفاع: "سنبذل كل ما في وسعنا، حتى لا يكون كبش فداء، وننتظر من محكمة الجنايات أن تحاكم باسكال سيمبيكانجوا، مستندة إلى وقائع محددة". ويأخذ الاتهام عليه أنه أقام حواجز في كيجالي ومنطقة جيسانيي، مسقط رأسه والتي ينحدر منها أيضا الرئيس هابياريمانا، كانت تقوم بعزل المواطنين التوتسي وإعدامهم، وبأنه أعطى تعليمات وسلم أسلحة، إلى الذين كانوا يحتجزونهم. غير أنه تم التخلي عن تهمة المشاركة مباشرة في مجزرة فظيعة على تلة كيشو (محافظة جيسينيي)، بعدما أشار قضاة التحقيق إلى الطابع المتأخر والمتناقض للإفادات، التي تدينه بشأنها. ورأى سيمون فورمان محامي المجموعة، أن: "التواطؤ لا يشكل على الإطلاق، انتقاصا من المسؤولية"، معتبرا أن سيمبيكانجوا كان مفصلا، يشغل الآلة التي كان آخرون ينفذونها. ورفعت مجموعة الأطراف بالحق المدني في رواندا، الشكوى ضد باسكال سيمبيكانجوا، الذي أوقف في أكتوبر 2008 في جزيرة مايوت الفرنسية، حيث كان يعيش بهوية مختلفة منذ حوالى ثلاث سنوات، ورفض القضاء الفرنسي، كما على الدوام حتى الآن، تسليمه إلى رواندا.