لا يختلف أحد على الشعبية الجارفة للمشير عبدالفتاح السيسى، ولا يختلف أحد على أن انحياز الرجل والجيش المصرى لإرادة شعب مصر فى الثلاثين من يونيو موقف من المواقف الوطنية التى لم تكن غريبة على جيش مصر الوطنى الذى طالما ينحاز لتراب هذا الوطن وشعبه، ولا ينحاز لحاكم أو سلطان، وهذا الموقف ثمّنه الشعب المصرى وأصبح بشكل فطرى (فى أغلبه) منحازاً على طول الخط للجيش المصرى ولقائده عبدالفتاح السيسى.. الساعات القادمة ربما تشهد وبشكل رسمى إعلان المشير السيسى ترشحه، وذلك بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على هذا الترشح وترك الموضوع للسيسى لاتخاذ قراره.. على الجانب الآخر ألمح استعداداً لانطلاق ماراثون للطبل والزمر وتأليف الأغانى للمشير من قِبل بعض العائدين من الماضى والذين لا يملكون مستقبلاً غير ممارسة دورهم التاريخى فى حمل المباخر وضبط بوصلتهم على قبلة الحكم. هناك حقائق دامغة يجب أن يتعامل معها المشير السيسى، وهى أن هناك ثورتين قامتا ضد الاستبداد والظلم والقهر وطالبتا بالحرية والعدالة الاجتماعية، وأن الشعب المصرى أصبح فى أمس الحاجة إلى حاكم عادل يتعامل مع الجميع على قدم المساواة.. يؤسس لدولة ديمقراطية حديثة يكون فيها رئيس الدولة مجرد حاكم للدولة وليس فرعوناً.. يسعى فيها رئيس الدولة لسماع كلمة (لا) بإنصات، وتقبل النقد بارتياح والتعامل مع معارضيه على أنهم مرايا تكشف سلبيات الحكم وليسوا أعداء أو عملاء لمؤامرة على الوطن. السيسى الذى عرفته عبر لقاءات عابرة وهو مدير للمخابرات الحربية خلال عدد من الاجتماعات مع المجلس العسكرى، يكره بشدة النفاق الرخيص وعبارات الغزل السياسى والتملق والمجاملة التى عادة ما يدمنها بعض الطبالين والباحثين لأنفسهم عن دور فى مستقبل لا يتسع إلا للأحرار ويلفظ بشدة سلوكيات العبيد والكهنة.. الغريب أن البعض ممن تربوا على النفاق ولا يجيدون إلا آلياته انطلقوا بحثاً عن اختراعات نفاقية جديدة ومبتكرة تميزهم عن الآخرين غير مدركين أن مساعيهم مصيرها بائس وفاشل، لأن هناك هواءً نقياً أصبحت مصر تتنفسه الآن لا مكان فيه للتلوث، هناك جيل جديد من الشباب ولد مع ثورة 25 يناير ونضج فى ثورة 30 يونيو.. هناك شعب أصبح حاضراً وجاهزاً ليس فى حاجة إلى وسطاء أو وكلاء للتعبير عن إرادته والمزايدة بها، وهذا الشعب منجذب ومحب للسيسى بشكل تلقائى وفطرى ليس فى انتظار مزايدين على هذا الحب ومستغلين له. لكل ما سبق أثق فى أن المشير عبدالفتاح السيسى إذا انتهى لاتخاذ قرار الترشح للرئاسة أن يعتمد على الشعب المصرى وأن يتقدم إلينا ببرنامج وطنى شامل وجامع.. برنامج به رؤية وحلول واقعية لكل المشاكل التى تعانى منها مصر، برنامج يحمل إرادة حقيقية لتنفيذ محتواه ومكاشفة ومصارحة الناس بالواقع وحجم المشكلات والتعهد بتنفيذ ما يمكن تنفيذه دون مبالغة لمغازلة مشاعر الناس ورفع سقف طموحاتهم.. على المشير السيسى أن يتقدم بخطاب يضمن انجذاب عقول الجماهير إليه مثلما نجح فى أن يجذب قلوبهم وعواطفهم، فليس بالحب فقط تبنى الأمم، ولكن تبنى بالمنطق والعقل والرغبة الجادة فى البناء بالأيدى والعمل وليس بالأغانى والعزف.. فإذا كانت الدول الكبرى تبنى بالأغانى، فنحن أكبر بلد يؤلف كل يوم ألف أغنية.. لذا فعلى كل من يحب السيسى حباً حقيقياً ويحب هذا البلد قبل السيسى حباً فعلياً عليه أن يعمل وينتج ويحترم القانون ويشارك بتحمل المسئولية فى صناعة مستقبل يستحقه هذا الشعب.. أخيراً أتمنى أن يحمل برنامج المشير السيسى إرادة حقيقية لتمكين الشباب بإعداده وتأهيله للمشاركة فى قيادة المستقبل.