أعلن البنك المركزي التركي مساء أمس، بعد اجتماع طارىء، له عن زيادة نسب الفائدة، في محاولة لوقف التدهور المستمر لسعر صرف الليرة، مقابل الدولار واليورو، بالرغم من معارضة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الصريحة لهذا الإجراء. ورفع البنك المركزي، نسبة الفائدة من يوم إلى آخر من 7.75% إلى 12%، ونسبة الفائدة الأسبوعية من 4.4% إلى 10 %، بحسب ما أعلن البنك في بيان. وبرر البنك المركزي قراره بأن :"التطورات الداخلية والخارجية الأخيرة، أدت إلى تراجع كبير لليرة التركية، وتفاقم واضح للمخاطر"، وأضاف: "قراراته ستبقى سارية ،حتى حدوث تغير جوهري في توقعات التضخم". وكان المحللون يأملون في صدور هذه القرارات، منذ أسابيع عديدة، بعكس رأي أردوغان، الذي عارض أمس هذا الإجراء. وصرح أردوغان للصحافة قبل صعود الطائرة، متجها إلى إيران:"أنا أعارض زيادة نسب الفائدة، كما كنت دوما، لكن ليست لدي صلاحية التدخل في هذا القرار"، وأضاف محذرا:"سيتحملون مسؤولية كل ما قد يحصل، سنرى، آمل وأصلي كي يكون القرار الذي يتخذونه القرار الصائب، من أجل فتح حقبة جديدة لعملتنا". وكان محافظ البنك المركزي أرديم باشجي، فتح منذ الصباح بوضوح الطريق لتغيير استراتيجيته ولرفع نسبة الفائدة، وقال:"يجب ألا يشكك أحد في أن البنك المركزي سيستخدم كل الوسائل المتوفرة لديه، والبنك لن يتردد في اتخاذ تدابير دائمة، لتشديد سياسته النقدية، إذا اقتضى الأمر". وفي انتظار الاجتماع، توقف تراجع العملة الوطنية منذ أول أمس ومنتصف نهار أمس، حيث بلغ سعر الليرة التركية 2.2732 للدولار و3.1013 لليورو. وكانت العملة قد بلغت مستويات تاريخية، صباح أول أمس، حيث بلغت على التوالي 2.39 و3.27، وخسرت الليرة التركية أكثر من 10%، منذ منتصف 2013. وعلى غرار عملات البلدان الأخرى الناشئة، التي تأثرت بتدابير الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تأثرت الليرة التركية، منذ أكثر من شهر، بتبعات الأزمة السياسية الناجمة عن فضيحة الفساد، التي تشوه سمعة النظام الإسلامي المحافظ، الحاكم منذ 2002. ويحاول البنك المركزي منذ أسابيع، دعم الليرة عبر ضخ كميات من السيولة عن طريق المناقصة، لكنه لم ينجح، حتى أنه تدخل الخميس الماضي مباشرة، في الأسواق للمرة الأولى منذ سنتين، لكنه لم يحقق نتيجة. وعلى رغم توافق المحللين على ضرورة رفع نسبة الفائدة، كان البنك المركزي يرفض حتى الآن اعتماد هذه الوسيلة، نتيجة ضغوط الحكومة التي تتخوف من أن يؤثر ذلك على النمو في البلاد، ويزيد من عجزها العام (أكثر من 7%). وعمد جميع الوزراء منذ أسابيع إلى، تكثيف التحذيرات من أي زيادة للنسب، مؤكدين أن:"الأزمة عابرة". وفي ما يعد مؤشرا جديدا إلى الوضع الحرج، أعلن باشجي أمس عن رفع توقعاته للتضخم لعام 2014 من 5.3% إلى 6.6%، فاقترب بذلك من توقعات معظم المحللين. وقال ويليام جاكسون من شركة كابيتال ايكونوميكس في لندن إن:"هذه التوقعات تعكس ببساطة الحقيقة، وإن التضخم في تركيا بلغ مستوى مرتفعا (6.2% في 2012 و7.4% في 2013)، وسيبقى على الأرجح قويا هذه السنة، مع ارتفاع الضرائب وضعف الليرة". وإذا ما تمسكت الحكومة التركية حتى الآن بتوقعات النمو بنسبة 4% للعام 2014، فإن معظم المحللين يتوقعون تراجعها، ويستبقون تباطؤ النشاط، حتى أن الأكثر تشاؤما، يلوحون بشبح الأزمة المالية الخطرة عامي 2000 و2001، التي استوجبت تدخلا عاجلا من صندوق النقد الدولي. وأشارت كاثلين بروكس من فوريكس دوت كوم إلى أن:"تركيا تجمع عنصرين يسهمان في انعدام الثقة، وهما أسس اقتصادية غير مستقرة، ولا سيما عجز كبير إلى جانب، مجازفة سياسية كبرى".