تغاضينا، نحن شعب الغلابة، عما فعله الفريق سامى عنان والمشير حسين طنطاوى، إكراماً للمؤسسة العسكرية، لأننا شعب لا يأخذ جيشه بجريرة اثنين من قادته، ولأننا كنا ندرك أن هذا الجيش سيأتى دوره ليقف إلى جانبنا، وقد فعل. لذلك لم نتحمس كثيراً نحن الغلابة للمطالب الثورية المشروعة بالتحقيق مع الفريق والمشير، فى حمامات الدم التى امتلأت وفاضت تحت سمعهما وبصرهما وإشرافهما وحكمهما. لكن الأكيد أن الشعب لم ينسَ صفقة الشؤم التى بمقتضاها تسلم الإخوان مصر على المفتاح، من المشير والفريق، ولم ننسَ كيف داس الاثنان على دماء الأبرياء فى 25 يناير وفى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد، لم ننسَ الفتن الطائفية والانتخابات الرئاسية المزورة، لم ننسَ كل شهيد وقتيل راح غدراً على يد الجماعة الإرهابية التى حكمتنا بمباركتهما. كان الفريق عنان فى أمريكا قبل أيام من 25 يناير، وعاد بعد اندلاع الثورة، ويزعم هو نفسه فى مذكراته أنه كان يرى القيام بانقلاب ناعم. هذا ما يقوله هو، لكن ما قالته يداه فيما بعد كان أكبر تكذيب لمذكراته، فقد ظل صامتاً طوال الوقت فيما مخطط تسليم مصر يجرى على قدم وساق، وإذا كان يعلم بذلك المخطط فتلك مصيبة، فلا يليق برئيس الأركان أن يكون شريكاً بالصمت أو بالفعل فيما يدبَّر لوطنه. وإذا لم يكن يعلم فتلك أيضاً مصيبة، فلا يليق برئيس الأركان أن يكون جاهلاً بما يدبَّر لوطنه. والآن، بعد عام من الدم تحت إرهاب الإخوان، وبعد نحو 7 أشهر من نزيف الدم بعد إزاحة الإخوان، يخطط سامى عنان لخوض الانتخابات الرئاسية. بأى وجه يا سيادة الفريق السابق ستطالب الشعب أن يمنحك صوته؟ هل تعتقد أنك حين تسرح شعرك على جانب أو حتى تفرقه من المنتصف وحين تذهب إلى أفضل كوافير رجالى فى القاهرة ليضبط الحواجب ويلمع الخدود، هل تعتقد أن صورتك ستكون جميلة حتى يسقط المصريون فى هواك ويتغاضوا عما فعلت؟ منذ اليوم الأول الذى سرّب فيه «الفريق» نبأ عزمه الترشح، عرف المصريون أنه المرشح السرى للإخوان، بعد انكشاف ورقة عبدالمنعم أبوالفتوح، بل إن الإخوان أنفسهم لم يتورعوا عن الإعلان أن عنان سيكون مرشحهم، وأنه الرجل الذى سيكمل جميله الذى بدأه معهم منذ عودته من أمريكا، فكيف تعتقد يا رجل أن الشعب سيمنح صوته لمن يدعمه قاتلو مصر؟ سيادة الفريق سامى عنان. كفانا ما أخذناه منك، وكفانا ما دفعته مصر من دم لتغسل به ما اقترفت يداك. انظر جيداً إلى يديك لعلك ترى: دم الشهداء الذى ضاع هدراً، دم الأبرياء الذين تركوا لعائلاتهم ميراث الفقر والجوع بلا عائل، دم الأطفال، نهر النيل الذى يكاد يضيع منا، حدودنا التى استباحها من سلّمت لهم بلادنا، جنودنا المقيدين وطلقات الغدر فى ظهورهم، بيوتنا وقرانا وشوارعنا ومؤسساتنا المحترقة. راجع نفسك يا رجل، فنحن قد نتغاضى، لكننا لا ننسى ولا نغفر.