دافع وزير الخارجية اللبناني، عدنان منصور، عن تدخل حزب الله العسكري في سوريا، منتقدا في الوقت ذاته التدخل الخارجي المباشر وغير المباشر في شؤون سوريا الداخلية. وحذر أنه سيدخلها لوقت طويل في نفق مظلم وسيستدرج تدخلات أخرى ويكبدها خسائر فادحة في الأرواح ويلحق بها الخراب والدمار والتهجير والنزوح. وقال وزير الخارجية اللبناني- في كلمته أمام مؤتمر "جنيف- 2" الذي عقد في مدينة مونترو السويسرية اليوم: إن الذين يدعون أن ما يجري في سوريا من اقتتال نتيجة مشاركة حزب الله وهو الحزب اللبناني المقاوم للاحتلال الإسرائيلي إنما يريدون صرف الأنظار عن الوقائع وتغطية الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية التي تتغلغل وتتغذى من أفكار تكفيرية متطرفة غريبة عن عادات وتقاليد وثقافات المجتمعات العربية. واعتبر منصور، أن تداعيات دورة العنف في سوريا لم تقتصر عليها وحدها بل امتد لهيبها إلى دول الجوار حيث أصبحت المنطقة ساحة يتحرك فيها الإرهاب ليصبح جزءا واقعا من الاقتتال الدائر في سوريا وعاملا في تعقيد أزمتها. ولفت المسؤول اللبناني، في كلمته التي نشرت في بيروت إلى أن لبنان الذي نأى بنفسه عن الأحداث، إلا أن هذه الأحداث في سوريا ودورة العنف فيها لم تنأَ بنفسها بالكامل عنه وتسارعت التداعيات الخطيرة على الساحة اللبنانية بشكل كبير لتلقي ظلالها من خلال مخاطر عديدة شكلت تحديا مباشرا للبنان طالت أمنه واستقراره واقتصاده وديموجرافيته، موضحا أن من أبرز هذه المخاطر الإرهاب الذي يضرب لبنان متسلحا بأفكار متطرفة تكفيرية رافضة للآخر لم تعرف المنطقة ولبنان سابقة لها. وأكد عدنان منصور، أهمية العمل المشترك للمجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب واستئصاله وتجفيف منابعه وكشف المحرض والممول والداعم والمنظر ضمانا للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم. ونبه إلى أن التحدي الآخر الذي يواجهه لبنان يتمثل بالعبء الكبير الذي تحمله نتيجة العنف في سوريا الذي تسبب بتدفق مئات الآلاف من النازحين السوريين ليصل عددهم إلى ربع سكان لبنان في عبء فاق طاقاته وإمكاناته وترك تداعياته الإنسانية والمعيشية والصحية والأمنية على الوضع العام. وناشد المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته وواجباته حيال هذا الوضع الإنساني الصعب، مشيرا إلى أن لبنان البلد الأصغر في المنطقة تحمل العبء الأكبر ولم يتخل عن واجباته حيال الأشقاء إنطلاقا من مسؤوليته الوطنية والإنسانية ومن خصوصية العلاقات الأخوية اللبنانية السورية. ووصف منصور مؤتمر "جنيف- 2" بأنه فرصة ذهبية للدخول في مسار الحل السياسي والمخرج الوحيد للأزمة السورية وضرورة لوقف نزف الدم السوري وتدمير سوريا وعودة النازحين إلى بلداتهم ومدنهم وإعادة إعمار سوريا، ودعا إلى أن يكون المؤتمر انطلاقا للحوار بين السوريين فيما بينهم للحفاظ على وحدة سوريا بكل أطيافها ومكوناتها وتقرير مستقبلها بعيدا عن التأثيرات والتجاذبات والتدخلات التي لا تزيد الأوضاع إلا تعقيدا.