سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مراسل «الوطن» فى مغامرة العيد داخل محطة بنزين: البلطجية يحصلون على الوقود تحت تهديد المطاوى.. ورئيس الوردية نصحنى: «ريّح الزبون» سيارات الشرطة لا تلتزم بالدور.. وتحصل على كل ما تريد من السولار والبنزين.. لهم وللحبايب
من سمع ليس كمن رأى، اخترنا أن نرى ونسمع عن قرب ونقضى العيد فى محطة بنزين لنقف على أسباب أزمة الوقود، فقررت المغامرة، والعمل فى محطة بنزين. ذهبت إلى إحدى المحطات، وبعد مفاوضات استمرت ساعة بينى وبين صاحبها ومديرها وافقوا على إجراء المغامرة، ولكن بشروط هى عدم ذكر اسم المحطة أو الإشارة لأحد عمالها.. ارتديت زى عامل البنزينة، ووقفت على طلمبة بنزين 80، وجاء رئيس الوردية وأعطانى عددا من النصائح وطالبنى بأن «أريّح الزبائن»، على حد قوله، وألا أتشاجر مع أحد وأتقبل السب بالابتسامة وأكبّر دماغى وألا أطلب «بقشيش». داخل محطة البنزين الصالح يختلط بالطالح، إذا كنت من عمال المحطة ستلعن اليوم الذى ولدتك فيه أمك لأنك لن تسمع إلا ما يغمك ويعكر صفو يومك، ستُضرب وتُسبّ. داخل المحطة لا يوجد التزام باشتراطات السلامة والأمان وقد تفاجأ وأنت تموِّن سيارتك أن النيران تحاصرك، وهذا ما تكرر كثيرا فى عدد من المحطات. وقفت بجوار زميلى فى البنزينة واسمه عماد وقلت له «الحمد لله فيه بنزين 80 النهارده»، فرد علىّ قائلا «أنا باكره أسمع اسم بنزين 80، واليوم الذى لا تصل فيه حصة المحطة يكون يوم عيد لأن هذا يرحمنى من التعامل مع البلطجية من مستقلى الدراجات البخارية دون لوحات معدنية، والذين يمطروننى بوابل من الشتائم والسباب ويصل الأمر أحيانا إلى درجة الضرب، ويجب ألا أنفعل وأصبر على رزقى». أمسكت مسدس التموين وبدأت العمل، واستفتحت بسيارة «تاكسى» كانت فارغة من البنزين تماما، ثم وجدت سائق السيارة المنتظرة بالخلف يصرخ فىّ قائلا: «اخلص يا عم الضعيف» فقلت له: « يا عم اصبر» فرد علىّ «بتبرطم تقول إيه؟»، وهنا تدخل رئيس الوردية قائلا «يا حبيبى ده أنا نصحتك من ربع ساعة!!». على يسارى بخطوات كانت هناك طلمبة لتموين بنزين 92، وشاهدت صاحب إحدى الدراجات البخارية يمسك سيجارة بالقرب منها فقلت له بصوت مرتفع «يا عم انت اطفى السيجارة» فرد على قائلا: «بالراحة يا عم الكتكوت»، فقلت له «أنا مش كتكوت»، فرد علىّ «مش عاجبك بروح أمك» فقلت «كفاية غلط»، فتدخل رئيس الوردية وقال لى «ياعم أبوس على إيديك اسمع الكلام». أثناء انشغالى بالعمل نشبت مشاجرة بين 3 سائقين بسبب عدم الالتزام بالدور فتوقف العمل بالمحطة لبضع دقائق، وفجأة شاهدت أحدهم يمسك مطواة والثانى قطعة حديد، والثالث عصا، وتدخل بقية السائقين، ونجحوا فى فض المشاجرة، وشعرت بالرعب، وسألت زميلى الذى يقف بجوارى «هو إيه اللى بيحصل؟» فرد علىّ «متاخدش فى بالك كل يوم من ده كله ضرب هنا مفيش شتيمة، وعلى العموم هنا أرحم، روح محطات البنزين على الطريق الصحراوى، وشوف بلاوى البلطجية وهم يجبرون العمال على تعبئة جراكن بنزين 80 تحت تهديد المطاوى والسنج.. دا إحنا هنا فى نعمة يا صاحبى». خلال المدة القصيرة التى قضيتها بالمحطة، حوالى ساعتين، وقعت 3 مشاجرات الأولى بين سائقين بسبب أولوية التموين، والثانية بين عامل بالمحطة وسائق دراجة بخارية كان يفرغ ما حصل عليه من بنزين فى جركن رغبة فى التموين مرة أخرى، والثالثة كانت بسبب إصرار سائق سيارة ربع نقل على تعبئة 3 جراكن بنزين 80. وداخل محطات البنزين، وفى وسط الزحام ينتشر اللصوص كالنمل بالمحطة، وعلى الجميع أن يحمى حافظة نقوده بمعرفته، حتى أن رئيس الوردية نصحنى أن أورد الإيراد له أولا بأول، وأقسَم لى أنه فى بداية اشتعال أزمة الوقود أجبر بلطجى أحد العمال على التموين له تحت تهديد مطواة. داخل المحطة لا تلتزم سيارات الشرطة بالدور ويتجاوز المجندون السيارات المنتظرة، ويجبرون عامل البنزينة على التموين لهم، والغريب أن أصحاب السيارات لا يتحدثون مع سائق سيارة الشرطة ولكن يمطرون العامل بكل أنواع السباب، وخلال ساعة تقريبا دخلت 3 سيارات شرطة المحطة من مداخل جانبية وحصلت على احتياجاتها من السولار خلال دقائق وغادرت المحطة على مرأى ومسمع من الجميع، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد فبعض المجندين طلبوا من زميلى إسحاق تعبئة جراكن لمجاملة ذويهم وأقاربهم.