رجل ستيني اشتعل رأسه شيبا، يقف في قاعة 3 وفي جناح c22 بين رفوف من الكتب المستعملة من مجلدات وكتيبات في مجالات مختلفة بين العلوم والأدب والتاريخ والفلسفة والفن، خُطت بلغات عربية وإنجليزية وفرنسية وألمانية، ليطل الجناح الوحيد الذي يمكن أن تبتاع منه كتب سور الأزبكية في معرض الكتاب في يوبيله الذهبي، بعد اعتذار بائعي السور عن الحضور على خلفية مناوشات عدة بينهم وبين منظمي المعرض الذين وضعوا اشتراطات يراها البائعون تعجيزية مثل دفع 1200 جنيه اشتراك؛ للحصول على مساحات أصغر مما حصلوا عليها سابقا، وأن المشاركة تقتصر على 33 بائعا بدلا من 108 بائعين. "صابر عبده" صاحب المكان الوحيد الذي يعرض كتبا مستعملة في أرض التجمع الخامس، يروي ل"الوطن" تجربته كمغرد خارج السرب، في اليوبيل الذهبي الذي حرص على المشاركة به حبا في مصر حتى لو كلفه ذلك كل ما يملك قائلا: "لو حسبتها بزنس ومكسب وخسارة ماكنتش جيت المعرض بسبب ارتفاع سعر الاشتراك"، وبعد أن دخل المعرض ورأى المكان المخصص له والقاعات ومركز المعارض نفسه شعر بفخر شديد، وقد أصبحت مصر تنافس دول المنطقة والعالم من حيث التنظيم "المعرض السنة دي أحلى من معرض ألمانيا نفسه اللي بيبيعوا فيه الكتب على الرصيف". ويتابع عبده حديثه، ل"الوطن"، بأن ما قامت به الهيئة العامة للكتاب من تحويل تبعية بائعي السور لاتحاد الناشرين "أمر خاطئ" فالاثنين منافسين لبعضهما: "إحنا واتحاد الناشرين زي القط والفار"، ليبدي دهشته من ذلك لكنه لم يثنه عن السعي كي يتواجد في مهرجان الثقافة، فبعد محاولات كثيرة مع اتحاد الناشرين والشؤون القانونية تمكن عم صابر من المشاركة في دورة هذا العام باشتراك 950 جنيها، وهو الاشتراك نفس الذي تدفعه أي دار نشر موجودة في المعرض. "ما ضاع حق وراءه مطالب".. شعار صابر عبده حتى تمكن من الوجود حتى لو صار وحيدا، فالهيئة العامة للكتاب كانت تريد عدم مشاركة أي بائع من بائعي السور بسبب ما يقوم به البعض من تصرفات "ليست حضارية" مثل "ينادي على بضاعته"، وهو ما لا يفعله عم صابر حيث إن جمهوره يعرفه أينما كان، ويأتي إليه دون مجهود، أو بعض البائعين الذين يتاجرون في الكتب المزورة والتي لن تجدها لدى صابر والذي يرى أن بائعي الأزبكية لسيوا كلهم ووحدهم من يبتاعونها ولكن لدي اتحاد الناشرين خبراء في ذلك لو أرادوا محاربة التزوير لبدأوا بهم. "1800 عنوان" يشارك بهما "عبده" في اليوبيل الذهبي بأسعار تبدأ من 5 جنيهات حتى 750 جنيها لموسوعة "لسان العرب" بنسخة أصلية قديمة في 6 أجزاء، تبحر هو أولا في معظم هذه الكتب قبل أن يعرضها لجمهوره ليتناقش معهم حول اخيتاراتهم، ويتحدث إليهم بلغات متعددة لم يتعلمها في مدارس، وإنما من مهنته التي عمل بها منذ 50 عاما، شارك خلالها في 30 دورة من دروات المعرض، حتى أصبح وجوده حقا مكتسبا، مختتما حديثه: "أتمنى المعرض ينجح".