لتنظيف المجرى من التلوث.. وزير الري الأسبق يكشف أسباب فيضان النيل في مصر    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    عيار 21 يسجل 5235 جنيها.. شعبة الذهب تكشف مصير الأسعار خلال الفترة المقبلة    عند مستوى 47 جنيهًا.. اقتصادي: سعر الدولار في مصر بدأ يعود لقيمته الحقيقية    إلزام سائقي «توك توك» بتسجيل بياناتهم بمواقف السيارات في المنيا    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    البيت الأبيض: الملايين تضرروا من الإغلاق الحكومي في أمريكا    ما يقال افتراء.. وكيل جهاز المخابرات السابق: مصر لم تكن تعلم بطوفان الأقصى    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    "فوكس نيوز": البيت الأبيض يخطط لتسريح 16 ألف موظف بسبب الإغلاق الحكومي    ألونسو يعلن قائمة ريال مدريد ضد فياريال في الدوري الإسباني    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    استعدوا ل منخفض جوى.. بيان مهم بشأن تغير حالة الطقس: أمطار ودرجة الحرارة 13 ليلًا    حملة لإزالة الأسواق العشوائية والإشغالات بشارع 23 ديسمبر في بورسعيد    انطلاق مسابقات تراث أدب الخيل في الشرقية (صور)    شهد دمج «السياحة والآثار».. مسيرة ومحطات «العناني» المرشح لمنصب مدير عام اليونسكو    شهادات مؤثرة من نجوم الفن في احتفاء مهرجان الإسكندرية السينمائي ب ليلى علوي (صور)    مسلسل قيامة عثمان الموسم السابع الحلقة 195.. بداية مرحلة جديدة بعد انسحاب بوراك أوزجيفيت    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    تقييم جاهزية منشآت محافظة المنيا لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل    توقف عند تناولها في هذا التوقيت.. متى يكون الوقت الأمثل لشرب القهوة؟    اليونيفيل: إسرائيل تلقي قنابل قرب قواتنا بلبنان في انتهاك خطير    تشكيل فريق البنك الأهلي لمواجهة المصري في الدوري    أموريم: مانشستر يعيش ضغوطات كبيرة    ليلة فولكلورية أوريجينال    محافظ أسوان يتابع تطوير طريق كيما - السماد بتكلفة 155 مليون جنيه ونسبة إنجاز 93%    جامعة قناة السويس تنظم مهرجان الكليات لسباق الطريق احتفالًا بانتصارات أكتوبر    غزة مقبرة الصحفيين.. كيف تحاول إسرائيل محو تاريخ القطاع؟    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    التنمية المحلية: بدء أعمال إزالة 35 عقارا بدون ترخيص رصدتها المتغيرات المكانية في الشرقية    الحلو وثروت وهانى شاكر يحيون حفل ذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    محاكمة سارة خلفية وميدو وكروان مشاكل.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن لجنة تحكيم مسابقة "عصام السيد"    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بمحافظة الغربية ويُشيد بأداء الأطقم الطبية    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    عبدالعاطي: اعتقال النشطاء في أسطول الصمود جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الدولي    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    استشاري: أجهزة الجيم ملوثة 74 مرة أكتر من دورات المياه العادية    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : مرشح الغلابة؟    لقاء تعريفي حافل بكلية الألسن بجامعة قناة السويس للعام الأكاديمي 2025-2026    ضبط 295 قضية مخدرات و75 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    «العمل» تعلن تحرير 6185 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الطيب ب"مولد النبي": لابد أن يعلم المخدوعون أن إرهابهم شوه "الإسلام".. ومصر بلد صنعها "التاريخ"
تكفير المجتمع والناس أمر مرفوض في شريعة الإسلام جملة وتفصيلا
نشر في الوطن يوم 12 - 01 - 2014

أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أنه يجب على من يستحل دماء المواطنين التي عصمها الله ورسوله، أن يفيق من سكرته، وأن يثوب إلى رشده وأن يعودوا إلى وطنهم ومجتمعهم.
وقال "الطيب" في كلمته بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والذي أقيم بقصر الاتحادية الرئاسي، إنه يجب أن يعلم هؤلاء أن وراءهم يومًا ثقيلاً "يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا".. عليهم أن يعلموا أن هذه الجرائم المنافية للدين والأخلاق والإنسانية، أساءت إلى الإسلام كثيرًا وشوهت صورته السمحة النقية، وقدمت لأعداء الإسلام والمسلمين والمتربصين صورة كريهة عن هذا الدين الحنيف: دين الرحمة والمحبة والتعارف بين الناس".
وأشار إلى أن مصر بلد عظيم وشعبها شعب عريق أصيل، ذو تاريخ ضارب في جذور الأزمان والآباد، وهي ليست بلدًا صنعته الأموال أو الأطماع في ثروات الآخرين وسرقة مقدراتهم، وإنما هي بلد صنعه التاريخ وصاغته القيم الدينية والإنسانية.
وجاء نص الكلمة على النحو الآتي:
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبِه.. فخامة الرئيس المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية "حفظه الله"، الحفل الكريم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد،،
لقد ولد سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" وولد بولادته صبح جديد، أشرق على البشرية بعد ليل طويل دامس حالك الظلمات أوشكت فيه الإنسانية أن تتردى في وهدته وإلى الأبد.. وبدا جليًا واضحًا، فيما يقول المؤرخون، أن الحضارة العظيمة التي تراكمت في ذلكم الوقت، والتي استغرق بناؤها أربعة آلاف من السنين، كانت مشرفة على الزوال، ومن المرجح أن الجنس البشري كان سيعود إلى حالة من الفوضى والهمجية تصبح في ظلالها كل قبيلة وكل طائفة عدوًا لجارتها، لا يعرفون لها نظامًا ولا يتبينون لهم قانونًا.. وأن العالم بات مفتقرًا إلى ثقافة جديدة تحل محل ثقافة العرش والنظم التي كانت تستند إلى قرابة الدم.. ويعجب المؤرخون أن تأتي الثقافة البديلة من جزيرة العرب، "وأن تجد هذه الثقافة الجديدة في مبدأ "التوحيد" ولغة "الوحي النبوي أساسًا لوحدة العالم كله".
"ظهر النور المحمدي والعالم الإنساني يعاني من الأمراض والعلل والأوبئة النفسية والعقلية والخلقية والاجتماعية، ويكابد بوائق الوثنية والجاهلية والمادية، وكانت قيادة العالم آنذاك نهيًا لإيوان كسرى في بلاد الفرس، وبلاط قيصر في بلاد الروم، وسرعان ما أعاد هذا الوليد اليتيم الذي شب وترعرع في صحراء العرب، بعد أن اختاره الله رسولًا ونبيًا.. سرعان ما أعاد للعالم توازنه وتحرره من قيود الجهالة وظلمات الوهم، وجبروت القوة.. وسوف تظل الإنسانية مدينة لنبي الإسلام بالكثير والكثير الذي أنار لها الطريق في منعطفاتها المظلمة، وسوف يظل الإنسان الغربي مدينًا بل مثقلاً بجميل لا حدود له للحضارة الإنسانية التي أرسى دعائمها هذا النبي الكريم، من تأصيل وتعميق لمعاني الرحمة والعدل والتعاون بين الناس، والكف عن العنف والإيذاء وترويع الآخر أيًا كان هذا الآخر".
"قد تعجبون أيها السادة حين تعلمون أن نبي الإسلام يُحرِّم ترويع الناس حتى لو كان على سبيل الملاعبة والمزاح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (منْ أشارَ إلى أخيه بحديدةٍ، فإنَّ الملائكةَ تلعنُهُ حتَّى ينتهيَ، وإن كان أخاه لأبيهِ وأُمِّهِ" وفي هذا الحديث نهي شديد عن ترويع الناس وتخويفهم والتعرض لهم بما يؤذيهم وإن كان التخويف هزلًا ولعبًا، أو مع أقرب الناس إليه ممن لا يظن به إلحاق الأذى والضرر، فترويع الناس جرم أيًا كان هذا الترويع".
"أما قتل الآمنين وتفجيرهم بالأسلحة الفتاكة، فما أعرف دينًا ولا قانونًا ولا نظامًا اجتماعيًا ولا حضارة، أدانته أو حذَّرت من جرمه وبشاعته وشناعته مثل الإسلام، ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يزال القرآن الكريم هو المصدر الوحيد الذي يحكم على قاتل العمد بالخلود في جهنم، إذا ما قورن بنصوص مقدسة أخرى لا ترى بأسًا من إبادة الآخرين رجالاً ونساءً وأطفالاً وحيواناً ونباتًا وجمادًا، ولا يزال هذا الفرق واضحًا بين الحضارة الإسلامية التي قامت على احترام الآخر واحترام دمه ما لم يعلن الحرب ويبدأ القتال، وبين الحضارات الأخرى التي أبادت شعوبًا بأسرها لتحل محلها، وأسَّست حضارتها في غيبة تامة عن المقومات الأخلاقية والإنسانية والدينية".
"إن المسلم الحقيقي في فلسفة الإسلام ومقاصده هو الذي يفرَّ بدينه من هذه الدماء التي عصمها الله ورسوله، وحرَّم إراقتها، وتوعد الذين يقتلون الناس بغير حق بالعقاب الأليم والعذاب المقيم في جهنم: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)".
كما جاءت تشريعاته صلى الله عليه وسلم معضدة للقرآن الكريم في هذا الشأن، في أحاديث عدة يصعب حصرها، منها قوله صلى الله عليه وسلم (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)، ومنها: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلاةُ، وأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ"، ومنها: "مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه"، ومنها:" لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِن؛ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ".
و"على الذين يشجعون القتلة ويدعمونهم بالأموال والتخطيط والفتاوى الضالة التي لا ترعى عهدًا ولا ذمة، ويدفعونهم دفعًا لقتل المواطنين، وتفجير أنفسهم بين الغافلين الأبرياء وتحويلهم إلى أشلاء ممزقة في طرفة عين، مخلفين وراءهم البؤساء واليتامى والأرامل والثكالى، على هؤلاء أن يتدبروا هذا الحديث ويأخذوه بعين الجد والاعتبار ليعلموا أن أموالهم وفتاواهم ليست بمانعتهم من الله ولا من الخلود في جهنم يوم الحساب".
و"قد ابتلينا في هذه الأيام بمن يقترفون هذه الجرائم معتقدين أنها أفعال مباحة شرعًا، انطلاقًا من آفة كبرى انطلت على عقول البعض من شبابنا المضلَّل، وهي تكفير المسلمين والاعتقاد بأن هذا مجتمعهم كافر، وقتالهم واجب عليه، ومن ثم فعليه أن يقاتل الكفار حتى وإن قتل نفسه من أجل هذه الغاية، وهذه فتنة عمياء وضلال ما بعده ضلال، وكارثة كبرى على الإسلام قبل أن تكون فاجعة للمواطنين الآمنين".
و"من تكرار القول ونافلته أن نقول: إن الإسلام الذي هو دين السلام، ورسوله الذي هو رسول الرحمة بريئان من هذه الجرائم وممن يرتكبونها، وللإسلام في هذه الجرائم أحكام وتشريعات حاسمة يطول بنا الوقت لو رحنا نفصلها، وأكتفي منها ببيان أن تكفير المجتمع والناس أمر مرفوض في شريعة الإسلام جملة وتفصيلًا، وتكفير الشخص المعين لا يجوز إلا إذا أتى هذا الشخص بفعل أو قول يخرجه صراحة من الإسلام وذلك إذا أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، كأن ينكر فرضًا من الفرائض الخمس أو يكذِّب القرآن، وفي كل الأحوال لا يجوز الحكم على شخص معين بالكفر إلا بعد التحقق والتبين وثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه".
"هذا في تكفير شخص واحد معين فما بالنا بتكفير المجتمع والحكم عليه بالخروج من الإسلام واستحلال دماء المواطنين التي عصمها الله ورسوله وحرَّمها إلا بحقها. إن على هؤلاء المخدوعين أن يفيقوا من سكرتهم، وأن يثوبوا إلى رشدهم ويعودوا إلى وطنهم ومجتمعهم، فإن من وراءهم يومًا ثقيلاً "يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا".. عليهم أن يعلموا أن هذه الجرائم المنافية للدين والأخلاق والإنسانية، أساءت إلى الإسلام كثيرًا وشوهت صورته السمحة النقية، وقدمت لأعداء الإسلام والمسلمين والمتربصين صورة كريهة عن هذا الدين الحنيف: دين الرحمة والمحبة والتعارف بين الناس".
"كم شوهت هذه المجازفات اللاأخلاقية من صورة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في أعين أعدائه وشانئيه، وأمدهم بأخيلة مريضة، صورته في صورة الإرهابي المتعطش لسفك الدماء والقتل والتخريب، هذا النبي الذي قال عن نفسه: "إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ" حمل إلى الناس كتابًا إلهيًا ترددت فيه كلمة الرحمة ومشتقاتها مائتين وثمانين مرة، وهذا التكثيف لمعنى الرحمة لا نعرفه إلا للقرآن الكريم، وإلا لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي لم تقف رحمته عند حد أتباعه من المسلمين؛ بل شملت الضعفاء من أعدائه، حين نهى نهيًا صريحًا قاطعًا عن قتل نساء الكفار المحاربين وصبيانهم وشيوخهم وأطفالهم وقال: "لاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلاَ طِفْلاً، وَلاَ صَغِيرًا، وَلاَ امْرَأَةً " كما نهى عن قتل الأعمى في جيش الأعداء وعن قتل الذرية والإماء والعبيد والأجراء والمدنيين الذين لم يشتركوا في قتال، كما نهى عن قتل الرهبان واقتحام الأديرة وأماكن العبادة".
"لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتال كل هؤلاء رغم وجودهم في جيش العدو ورغم كفرهم، لسبب بسيط هو أن هؤلاء ضعفاء ولا يحملون السلاح، ولا ينطبق عليهم وصف "الاعتداء" فلا يجوز قتالهم بحال من الأحوال، ومن هنا حرَّم الإسلام قتل مقطوع اليدين في جيش العدو، ما يدلك على أسباب القتال وموجباتها في الإسلام ليست هي كفر الآخرين، بل هي "الاعتداء" والعدوان وحمل السلاح بل إن رحمته صلى الله عليه وسلم تخطت عالم الإنسان الكافر لتبسط رداءها حنانًا على عوالم الحيوان والنبات والجماد في جيش العدو، فحرَّم على جيوش المسلمين ذبح الحيوانات في معسكر عدوهم وقطع شجرهم المثمر وهدم مبانيهم وتخريبها، وحرَّم التمثيل بجثث القتلى من الكفار، وأمر بدفن قتلاهم ونهى عن التعرض لمن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، حتى لو قالها خوفًا وتعوذًا واتقاء للقتل".
"يروي الواقدي في مغازيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو متجه في جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل، نظر في طريق الجيش إلى كلبة تحن على أولادها، وهم حولها يرضعونها، فأمر رجلًا من أصحابه يقال له: جُعيْل بن سُراقة أن يقوم حذاءها، حتى لا يعرض لها أحد من الجيش ولا لأولادها".
"كل هذا، أيها السادة الفضلاء، مصداق قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" أي أرسلناك رحمة لعوالم الكون كلها، عالم: الإنسان والحيوان والنبات والجماد".
سيادة الرئيس! الحفل الكريم
"تعلمون وتعلم الدنيا بأسرها أن مصر بلد عظيم وشعبها شعب عريق أصيل، ذو تاريخ ضارب في جذور الأزمان والآباد، عرَك التاريخ، وعركته القرون، وصمد للغزاة والطغاة، وقبرهم في ترابه ومياه نيله، وكم تحطمت على صخوره العاتية من مؤامرات حاكتها يد الغدر والخيانة والتربص، وتعلمون أيضًا أن مصر ليست بلدًا صنعته الأموال أو الأطماع في ثروات الآخرين وسرقة مقدراتهم، وإنما هي بلد صنعه التاريخ وصاغته القيم الدينية والإنسانية، وحضارة الشعب المصري ليست حضارة تعدّ بعشرات السنين أو بمئاتها، بل هي حضارة 7 آلاف عام أو تزيد، والمصريين هم أول من قرأوا وكتبوا وحسبوا وتفلسفوا وسادوا في وقت كان الناس فيه في ظلام دامس".
"في مصر شعر الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، والمصريون الذين عاشوا في عصر ما قبل التاريخ يصفهم المؤرخ الأمريكي المنصف: هنري بريستيد بأنهم (كانوا أقدم مجتمع عظيم على الأرض استطاع أن يضمن لنفسه غذاءً ثابتًا من النبات والحيوان، وتغلّبهم على المعادن، وتقدمهم في اختراع أقدم نظام كتابي على وجه الأرض قد جعل في أيديهم السيطرة على طريق التقدم الطويل نحو الحضارة الإنسانية)، ولا ينبغي بحال من الأحوال أن نهوّن من شأن هذا الموروث الحضاري الكامن في تراب مصر والساري في عروق أبنائها أو نظن أنه تبدد وتلاش لغير رجعة لموروث موجود وجاهز ومستعد للعودة وللتجلّي ثانية إذا ما توفر له العمل تحت جوّ من ظلال الحرية والعدل والأمن والاستقرار.
الحفل الكريم!
"إن مصر التي قال عنها الله تعالى (ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ) والتي أوصى بها صاحب الذكرى العطرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال (فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا) وأوصى بأقباطها خيرًا فقال (الله الله في قبطِ مِصرَ؛ فإنَّكم ستظهرونَ عليهم، ويكونُون لكم عُدَّةً وأعواناً).
ومصر التي اختصها الله بالأزهر الشريف الذي حافظ على علوم القرآن وعلوم السنة واللغة العربية وآدابها، وتراث المسلمين: المنقول والمعقول، ونشر كل ذلك، ولايزال ينشره، صحيحًا خالصًا على الدنيا كلها، واستمر أكثر من ألف عام، وسيظل إن شاء الله، منارة للعالم العربي والإسلامي كله، ومرجعًا أصيلًا لوسطية الإسلام وسماحته أقول: إن مصر هذه تستحق من كل الشرفاء والعقلاء والأصلاء في الداخل والخارج أن تتلقى منهم الدعم والتأييد، والتصدي لدعاة العنف والتكفير وشق الصف وترويع الآمنين، فالمصريون أولى الأمم قاطبة وأجدرها بأن يعيشوا في أمن وأمان، وأن يتمتعوا بالاستقرار والتقدم ومن حقهم، بل من واجبهم، أن يوفروا كل ذلك من أجل رخاء البلاد والعباد، وأن ينظروا لمصلحة الوطن والمواطنين، غير غائبين ولا مكترثين بهذه الأصوات التي يرسلها البغاة والطغاة والمستكبرون بين الحين والآخر، فقدرة الله فوق قدرتهم، ومكرُ الله أشد من مكرهم، والله أكبر منهم وهو غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وانطلاقًا من مسؤولية الأزهر الوطنية، وفي هذا الوقت الذي يحاول فيه الواهمون في الداخل والخارج أن يوقفوا مسيرة شعب مصر، ويقفزوا على إرادته وآماله وتطلعاته، نؤكد لشعب مصر كله أن مشروع الدستور الذي ستخرجون للاستفتاء عليه بعد غد إن شاء الله دستور شارك الأزهر، بمجموعة من علمائه، في صنعه وصياغته، واطمأن الأزهر إلى أنه جاء تحقيقًا لآمال الشعب في الحفاظ على الشريعة الإسلامية، والثوابت الدينية وصون الحقوق والحريات، وكفالة العدل والمساواة وكل ما يحقق تطلعات المصريين وأحلامهم في عيش كريم وحياة مستقرة بإذن الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.