يأتى كل عام جديد ونبحث فيه عن الحظ والمستقبل وندور ونسأل كل العرافين ونقرأ الطالع ونحاول فهم الفلك وأرقامه وحساباته بينما حظنا من صنعنا، فلا أحد يحالفه الحظ بشكل عشوائى ولا أحد سيأتيه الحظ وهو «محلك سر» عليه، ولا يمتلك سوى مقدرة الهدم ولا يعرف كيف يكون البناء، ولا يمتلك إرادة التخطيط والإصرار. والشعوب كما الأفراد، عندما تريد النجاح عليها أن تضع أهدافاً واقعية يمكن تحقيقها وبناء ما يعرف فى علم النفس ب«القوة الذهنية»، وهى القدرة على إدارة الأفكار والتصرف بإيجابية بصرف النظر عن الظروف، وامتلاك الجرأة والإمكانيات الكافية لتحقيق الأهداف. الإرادة وحدها لا تكفى وإنما لا بد أن يتزامن معها عمل جاد والتزام، خاصة فى المواقف والظروف الصعبة. نحن كشعب بارعون فى عدم الإبداع، فى عدم التطوير، وعدم التنفيذ. وفى اللحظة الراهنة الأكثر تعقيداً وصعوبة، ينشغل الكثيرون بإهدار «طاقة الإبداع» والتفكير فى أمور سلبية وينشغل الأعداء باستنزاف الوطن والبشر، والبعض يستجيب بالاكتئاب أو اللامبالاة لهذا الاستنزاف. نحن لا نبذل جهداً واعياً للبناء كما لو كنا بارعين فى الإبقاء على الأفكار السلبية رغم أننا جميعاً ندرك أهمية امتلاك الوعى السليم الذى يؤدى إلى اتخاذ القرار السليم ومن ثم البناء والتقدم والتحرر. نحن أحوج ما نكون لاستبدال الأفكار السلبية بأفكار متحضرة أكثر إنتاجية وإيجابية، وتغير الأفكار يبدأ بامتلاك العلم، وامتلاك العلم يعنى القدرة على المراقبة والتحكم فى تغيير العادات والأفكار السلبية الهدامة، العلم قوة. نحن أحوج ما نكون كمجتمع إلى تحدى أنفسنا والإبداع فى التفكير وتطوير الثروات التى نمتلكها ونهدرها، والبحث عن طرق جديدة لاكتساب ثروات أخرى. وطبيعة اللحظة الراهنة فى مصر تفرض علينا أن نؤذن فى الناس كل لحظة «حى على العمل، حى على جهاد الشر»، تفرض علينا ترتيب الأفكار وإعادة النظر فى كل معنى. الوطن، الشهيد، النجاح، المظاهرات، الرفض، الطموح، الإرادة، التغيير، العمل، كل هذه المعانى تحتاج الآن إلى إعادة تعريف. مصر تحتاج إلى «فلترة الشر» والتخلص من الجهل بأقصى سرعة. وخبراء التنمية البشرية يرفعون شعار (restart) أو إعادة الفتح، وهذا ما تحتاج إليه مصر، إغلاق كل منافذ الإحباط والاستنزاف واحتقار العمل واللامبالاة والإحباط وعدم القدرة على الإبداع والدقة والإنجاز. نحتاج إلى إعادة فتح مصر بطرق مختلفة؛ بجيوش ترفع راية العلم والعمل، بقيم حضارة سبعة آلاف عام، بولاء وأخلاق للوطن، بقدرة ومقدرة وإبداع فى التقدم والبناء، وإرادة أن نكون وأن نصل إلى موقع يليق بنا. إعادة فتح مصر تحت شعار «انسف شرك القديم، فسادك، جهلك، أمراضك النفسية»، وابنِ خيراً تجد مصر، فهى تعشق البناء وتعشق كل جميل، ووُجدت كى تكون فى المقدمة.