تتكون داخل كل إنسان منا، العديد من الرؤى والأفكار، التي تتحكم في رسم الإطار العام لرد الفعل تجاه المواقف والأحداث المختلفة، كما تظهر واضحة في طبيعة شخصية ذلك الإنسان، وكيفية قيامه بمعالجة أمور حياته، وطبقًا لأي قواعد.. فإذا ما تحكمت فيه طبيعة بعينها، تصبح النتيجة، التصرف والتفكير بما يتوافق مع تلك الطبيعة وما تطرحها من أفكار. بناءً على ذلك، ومن خلال نظرة عامة لأحوال المصريين، وبعيدًا عن النظريات والحسابات التقليدية، الاحظ أن الميول السلبية والأفكار المتطرفة وجدت طريقها؛ لتقبض على أرواح الوطن، وتجذبه بعيدًا عما كان عليه من نقاء وفطرة سليمة، ولا شك أن التركيبة النفسية للمصريين طرأ عليها خلل، تسبب بدوره في تغييرات مجتمعية مختلفة، مثل تدني الإحساس بالأمان وانتشار العنف بكافة أشكاله، وتنامي المخاطر التي تصيب الشعوب، فضلًا عن الخوف، ذلك الشبح الذي طالما يلاحقنا أينما توجهنا، فأصبحنا نراه في عيون الجميع، يسكن قلوب أغلب أفراد ذلك الشعب. خوف وترقب، جاءا بعد فرحة عارمة بثورة يعلق عليها الكثيرين طموحات وآمال الوطن، ما يدق ناقوس الخطر بمدى التحدي الواقعين فيه، فقديمًا قالوا: الأيادي المرتعشة لا تستطيع البناء والجبناء لا يكتبون التاريخ. علينا جميعًا مواجهة أنفسنا بحقيقة التحدي الواقعين فيه، فالترقب الممزوج بالخوف خالط أفكارنا وخيالنا للمستقبل، وذلك أكبر عائق يمكن أن يواجه شعب، كما أنه مريض يحتاج إرادة الحياة، فالخوف أول أعداء الوطن، بل أهم حائل يمنع الأفكار والأنظار أن تعبر إلى الآفاق البعيدة، وما يعمق الإحساس بالخطر، تعدي الخوف حدوده، فصار في أوقات كثيرة مرضيًا، وبصورة متطرفة تستدعي الصدام، فتركنا الخوف على مقدرات الوطن وغرقنا في المخاوف من بعضنا. السير قدمًا تجاه العمل الحقيقي، والسعي خلف تحقيق التغيير المقابل بما يرسخ حالة الأمل والإيجابية، من أجل رأب الصدع وانقاذ الوطن من محارق الهلاك، أولى خطوات الحل، وذلك يتطلب بيئة صالحة قادرة على وضع كافة الأمور والقواعد في نصابها الصحيح؛ لتكون النتيجة المرجوة نشر روح الإرادة والانتصار لقيمة الوطن، والابتعاد عن فلسفة خطف المكاسب وصراعات المناصب، أو التطوع لإرادة الآخرين، وذلك يجب أن يكون في إطار الحفاظ على مفهوم الدولة، أينما كانت خطانا بعيدة عن مؤامرات الطامعين.. فتعتبر قوة قرار الدولة، هي الخطوة الأولى لبناء حياة راقية للمواطن، يتبعها سيطرة القانون ونشر الحريات العامة، بما يضمن للمجتمع توازنًا هو في آمس الحجاة إليه. بلادنا غارقة في مستنقع من التناقضات والارتباك، فتجد العقول حائرة والأبصار زائغة، وهذه البيئة قادرة بلا شك، أن تهدم أسس أي دولة تتمكن من اختراق تكوينها الفكري أو الإنساني. طوق النجاه يكمن داخلنا نحن المصريون، ولا مجال للحديث عن يأس واقع أو أمل ضائع، فكل تلك المؤثرات يحاولون زرعها بيننا؛ من أجل أن يحصدوا رقابنا وأرواحنا لهم.. ولن يتمكنوا بإذن الله، ثم بإرادة الشعب وصلابة جذوره الممتدة لأعماق التاريخ والحضارة، فقد صار يفصح عما بداخله بطرق مختلفة، ليرسخ الأمل فينا بأن هذه الأرض طيبة لا تنبت إلا طيبًا. الألم والخوف، كلاهما سيحترقون ويرحلوا دون عودة كمن سبقهم من أعداء الوطنن الذي يحفر بالدم تاريخ نضال وكفاح مشرف، ضد كل محاولات إذلاله، والحقيقة الساطعة تؤكد أن الوطن العظيم باقي وكل الآخرين سيكونون في طي النسيان. الأمل والعمل، والتوجه للبحث عن مكان تحت شمس التطوير والحداثة، وسط عالم تتسارع إيقاعاته باستمرار، واستعداد العقلاء أن يراجعوا ما لديهم من أفكار ورؤى، كل تلك الكلمات يمكن أن تكون ترياقًا قادرًا على قهر لعنة الخوف، قبل أن تتمكن منا؛ ليعاود الوطن مسيرته وانطلاقة من جديد نحو استعادة مكانته.