يترنح رئيس الوزراء التركى «رجب طيب أردوغان» تحت أقدام المتظاهرين من شعبه احتجاجاً على «أكبر فضيحة فى تاريخ الجمهورية التركية»، بحسب وصف حزب الشعب الجمهورى المعارض. المتظاهرون الأتراك ارتدوا زى «بابا نويل» وهم يطالبون «أردوغان» بالاستقالة، «بابا نويل» التركى يحمل أكياساً مليئة بصناديق الأحذية، وهى التى يرفعها الشعب التركى فى مواجهة الفساد: (فى إشارة لمدير بنك الشعب الأهلى الذى تم ضبط مبلغ 4.5 مليون دولار مخبأة فى صناديق أحذية فى غرفة نومه). وغداً سيرفع الأتراك الأحذية فى مواجهة فساد «أردوغان» نفسه! لقد فرّ «بلال رجب طيب أردوغان» من تركيا، هارباً إلى جورجيا (أو قطر.. لم لا؟)، بعد أن أصدر المدعى العام بإسطنبول أمراً بضبطه وإحضاره للاشتباه فى تورطه فى جريمة مالية فى حق الدولة.. سلِّم لى على دولة «الخلافة العثمانية»! الزلزال التركى المعنون ب«قضايا فساد ورشاوى» ليس إلا عملية كشف لتزوير الدين نفسه، وتحويله من رسالة هداية للبشر إلى غطاء سياسى للساسة ورجال الأعمال والبيروقراطيين.. (ثلاثة وزراء استقالوا من حكومة «أردوغان» للاشتباه فى تورط أبنائهم فى تزوير وفساد 28 مناقصة تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار فى تركيا). أما «أردوغان» الذى رفع علامة «رابعة» لوقف ما سماه الظلم، فلا يزال يبحث عن الأصابع الخارجية التى تلعب فى تركيا (!!). وكأن «مرسى» سلمه الراية أو أعطاه نسخة من سيناريو التضليل الركيك، الذى يحوّل الشعب الغاضب إلى فرق مخربين ومجرمين، وعصابة تتآمر على الحكومة! وبنفس منهج الخائن «مرسى» وقف «أردوغان» يطعن فى «القضاء التركى»، ويتهم القضاة الذين كشفوا الفضيحة المالية التى تهدد حكومته بالعمل مع بعض المجموعات الإجرامية.. نفس الغباء ومدرسة الإنكار التى أنهت حكم الإخوان. نفس التجبر والصلف فى مواجهة شعب لم ينعم بالرخاء ولا بالحرية، خلال حكم حزب «العدالة والتنمية»، فلم يسمع «أردوغان» نصيحة وزير البيئة «أردوغان بيركدار» الذى دعاه إلى الاستقالة أيضاً (لأن عدداً من مشاريع البناء تمت بموافقة رئيس الوزراء شخصياً).. إنهم أنصاف آلهة لا يتركون الحكم إلا بالموت أو بالسجن بينما يحدثوننا لآخر نفس عن «الشرعية»! نسخة بالكربون من «هرتلة مرسى»، ف«أردوغان» يقول: «إن من يتهمون الحكومة بالفساد هم أنفسهم فاسدون».. أما رأيه فى المدعى العام التركى «معمر آكاش»، الذى أُقيل من منصبه عقب تصريحه بأنه مُنع من التوسع فى التحقيقات الخاصة بقضايا الفساد، وهو ما اعتبره ضغطاً على سلطة القضاء.. فيخاطبه رئيس الوزراء المختل على الملأ: «لحساب مَن تعمل؟ إما أن توضح الأمر أو نكشفه».. نسى «أردوغان» ذكر «عاشور بتاع الشرقية».. و«الواد اللى بياخد 20 جنيه ويقطع الكهرباء»! كرّهتوا الناس فى الإسلام، والإسلام من أفعالكم براء، وجعلتم سحل الشعب «سُنّة»، فذوقوا قنابل «المولوتوف» التى يلقيها الشعب التركى.. ربما تتوبون إلى الله. لقد توهم «أردوغان» أنه قدّم نموذج الحكم الإسلامى الرشيد، وأنه يكفى نشر نموذجه للحكم فى المنطقة العربية، ليدخل الاتحاد الأوروبى متوَّجاً بتاج ملوَّثاً بدماء النزاعات العرقية والطائفية.. ويصبح بعدها «المندوب السامى» للغرب فى أوطاننا.. ويعيد أمجاد «الباب العالى فى إسطنبول».. لكنه سقط. أسقطه غروره، وتدخله الأعمى فى شئوننا، وعمالته للغرب الذى لا يعرف من يسقطون ولا يصافح إلا من يحكمون.. سقط فى أعين شعبه وغداً يسقط من سماء أحلامه التى صوّرته رئيساً لتركيا. «الاتحاد الأوروبى» أول من أبدى قلقه بشأن قضايا الفساد فى تركيا، وطالب بمعالجة الأمر «بشفافية وحياد»، الاتحاد الأوروبى أيّد موقف القضاة الأتراك فى مواجهة «أردوغان».. فضاع الرجل الذى وضع ساقاً فى الشرق وأخرى فى الغرب! ويكفى أن الشعب التركى يرفع صورة «السيسى» فى مظاهراته، فلم يتبقَّ إلا أن يفتح «بابا نويل» كيسه ويقذف هديته «اللميع» فى وجه العميل الذى أفسد دينه ووطنه «أردوغان».