سلمت بريطانيا السلطات الجزائرية، أمس، رجل الأعمال السابق عبدالمؤمن رفيق خليفة، اللاجئ في لندن منذ 2003 والذي ينتظر أن يمثل أمام القضاء بتهم اختلاس أموال وتزوير. ووصل "خليفة" بعد السادسة مساءً إلى مطار "هواري بومدين" الدولي بالعاصمة الجزائرية، تحت حراسة في رحلة عادية للخطوط الجزائرية. ولجأ "خليفة" إلى بريطانيا بعد أكبر فضيحة مالية بالجزائر والتي حكم عليه بعدها غيابيا بالسجن المؤبد في 2007 بعد إدانته بتهم اختلاس وتزوير. ومن جانبها، قالت وزارة العدل الجزائرية إن تسليم "خليفة" تم وفقا للإجراءات القانونية وأحكام الاتفاقية القضائية بين الجزائروبريطانيا. وأضاف بيان "العدل" الجزائرية: "تبعا لاستنفاذ كافة إجراءات الطعن المتعلقة بتسليم السيد عبدالمومن رفيق خليفة أمام قضاء المملكة المتحدة والقضاء الأوروبي، فقد استكملت كافة اجراءات الاستلام من قبل الفريق الجزائري الذي انتقل الأحد الماضي إلى لندن لتسلم المعني بالأمر". وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان قد رفضت، في 19 ديسمبر الجاري، تظلما أخيرا قدمه "خليفة" ضد تسليمه، فيما صرح في اليوم ذاته وزير العدل الجزائري الطيب لوح أن بلاده اتخذت إجراءات لتسلم "خليفة" وتضمن محاكمة منصفة له. وأكد "لوح" أنه وفقا للآجال المقررة بالنسبة لقوانين بريطانيا، فمن المفترض أن يقع التسليم قبل 31 ديسمبر إذا لم يكن هناك طعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وكانت المحكمة العليا في الجزائر نقضت في 2012 الحكم الصادر في 2007، وبذلك فإنه سيتاح لخليفة و50 متهما آخر الخضوع لمحاكمة جديدة. وعزز النجاح الهائل ل"خليفة" قبل سقوطه المدوي، شائعات بشأن مصدر أمواله التي أتاحت له في سنوات قليلة إقامة إمبراطورية شملت استثمارات في المصارف والنقل الجوي والعقار والتلفزيون وتأجير السيارات الفاخرة. وأعلنت مجموعته في أوج ازدهارها عن رقم أعمال بقيمة مليار دولار مع عائد صاف نسبته 20%. وكان "خليفة"، وهو نجل قائد سابق للمخابرات ووزير، يؤكد أنه المساهم الوحيد في المجموعة وكان يقدم باعتباره رجل الأعمال الأول في الجزائر. وكان رجل الأعمال السابق يحتفى رسميا بنجاحه، ويقدم كمثال للجيل الشاب الخارج لتوه من عشرية حرب أهلية. وفي تأكيد للصعود الخارق، وقع رجل الأعمال الشاب في 2001 مع فريق كرة القدم أولمبيك مرسيليا عقد رعاية منحه شهرة خارج دائرة رجال الأعمال بالعاصمة الجزائرية. وكان "خليفة"، الذي كان لديه الكثير من المشاريع التي يريد إنجازها، يقطع مسافات كثيرة بطائرته الخاصة وجعل من منطقة الخليج هدفا لاستثماراته ومن باريس "الحديقة الخلفية" لإمبراطوريته. وبدأت نكساته في نوفمبر 2002 عندما تم تجميد عمليات "خليفة بنك"، ووُضع تحت الوصاية الإدارية إثر اكتشاف السلطات لعمليات اختلاس. وتأكد انحداره في فبراير 2003 مع توقيف ثلاثة من معاونيه في مطار الجزائر وهم يحاولون إخراج حقيبة تحوي مليوني يورو. ولجأ "خليفة" إلى لندن، حيث تم توقيفه في مارس 2007 إثر مذكرة توقيف أوروبية صادرة عن فرنسا، حيث يلاحق بتهمة الإفلاس واختلاس أموال فيما بقي في الأراضي البريطانية بعد عمليات استئناف وطعن عديدة. وتسبب إفلاس مجموعته التي كانت توظف 20 ألف شخص في الجزائر وأوروبا في أضرار قدرها محامون بما بين 1,5 وخمسة مليارات دولار للدولة وللمودعين. وفي سيرة نشرت في 2001 قبل انهيار إمبراطوريته بعنوان "قصة إقلاع"، وصف خليفة نفسه بأنه نتاج الثورة الاقتصادية والثقافية التي فتحت الجزائر على اقتصاد السوق في ثمانينات القرن الماضي.