أعترف أننى كنت شغوفة بما يقدمه الإعلامى «يسرى فودة»، منذ أن كان يقدم «سرى للغاية» على شاشة «الجزيرة» قبل أن يثبت أنها عميلة للإخوان والأمريكان. وأننى لم أتبنَّ يوماً «نظرية المؤامرة» التى تربط الصحفيين بأجهزة المخابرات العالمية، ولا تلك التى حامت حول حلقة الفريق «أحمد شفيق» على قناة «On tv»، التى استقال على أثرها «شفيق» من رئاسة الوزارة. أدرك تماماً أننا فى زمن لا يعرف «الحياد الإعلامى»، لأن الإعلام إحدى أهم القوى المؤثرة فى حركة الشعوب وثوراتها ومسيرتها.. ومن هنا فأنا «منحازة» لقناة «On tv» لأنها قناة «صاحبة موقف» مهما سدد مالكها المهندس «نجيب ساويرس» ثمناً لهذا الموقف. اقتربت قليلاً من رئيس القناة «ألبرت شفيق» وأعرف أنه لا يفرض رأياً ولا خطاً سياسياً على أحد.. وهو ما يتسق مع ليبرالية «ساويرس».. لكن ما هذا الذى يفعله «يسرى فوده»؟! لقد هرب «فودة» من الجمهور وغاب عن الشاشة خلال ثورة 30 يونيو متعللاً بحالة «مرض سياسى»، لكنه خلال غيابه لم ينسَ الكشف عن موقفه، والهتاف على صفحته على «الفيس بوك» معلقاً على حادث «المنصة»: «طول ما الدم المصرى رخيص يسقط يسقط أى رئيس».. فهل يتساوى دم الإرهابى بدم العزل الأبرياء؟! «فودة» دان -أيضاً- الأداء الإعلامى بما فى ذلك القناة التى يعمل بها.. «خير مالك»؟. ثم عاد «يسرى» إلى الشاشة، وكانت إطلالته الأولى للدفاع عمن سمّاهم «اللاجئين السوريين»، رغم أننا لسنا من دول الجوار مع سوريا لينزح إلينا اللاجئون، ورغم علمنا جميعاً أنهم مأجورون جاءوا بالطائرات، وانخرطوا فى صفوف إرهاب الإخوان وقتلوا المصريين، وشاركوا فى الاعتصامات المسلحة.. عدا القليل منهم!. ألم يرَ «يسرى» شهداء الجيش والشرطة؟.. ألم يرَ تخريب الجامعات والمنشآت العامة وقطع الطرق؟!.. لا، وهذا هو «الانحياز الإعلامى» بعينه. فإن شئت أن تناصر «قضية ما» يكفى أن تجمع ضيوفاً يؤمنون بها وتنتقى طرفاً ضعيف الحجة من الجانب الآخر وتدير الحوار.. وهذا ما فعله «فودة» تماماً، خلال مناقشة عنف ووحشية طلبة الإخوان فى الجامعات. لم يرَ «فودة» زجاجات المولوتوف التى يلقيها الطلبة على قوات الأمن، ولم يشاهد تخريب الجامعات، ولا سمع بحصار الأساتذة من المؤمنين بثورة 30 يونيو.. وقيام أساتذة تنظيم الإخوان بإدخال الأسلحة البيضاء داخل الجامعات!!. إنها «معجنة» فعلاً كما قال «يسرى»، لكنها «معجنة إعلامية» يجازف خلالها الإعلامى القدير بمصداقيته وجماهيريته. عُد إلى «الجزيرة» يا «يسرى» لتصبح فى حالة اتساق مع نفسك ومع قناعتك.. أو عُد إلى نفسك فنحن تعز علينا خسارتك. فى الحلقة الأولى يستضيف عز الدين شكرى فشير، مقرر لجنة حماية المسار الديمقراطى بمجلس الوزراء، الأديب والدبلوماسى السابق كما قدمه يسرى فودة بحفاوة هائلة وتكرار التقديم بكل تلك الصفات، وهو صاحب مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية تتضمن إعلان «مرسى» تنحيه عن منصبه وحل جماعة الإخوان المسلمين والسماح لأعضائها غير المتهمين بالعنف بممارسة السياسة، وتنص أيضاً على الإفراج عن أعضاء «الجماعة» المحبوسين ممن يثبت عدم تورطهم فى أعمال قتل أو عنف أو تحريض وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، بحيث يتضمن عقوبة الحرمان من مباشرة العمل السياسى لكل من يدعو لعدم المساواة أو الإخلال بحقوق المواطنين الأساسية.. ويسمح لأعضاء جماعة الإخوان المفرج عنهم، طبقاً لتعديلات القانون الجديد التى يقترح «فشير» إجراءها، بمزاولة العمل السياسى بحرية بعد صدورها.