عيون تنطق بالغضب.. وأخرى يسكنها القلق.. قلوب استسلمت للانتقام، وأخرى سيطر عليها الخوف.. نفوس باتت مرهقة وأخرى رفعت الراية البيضاء أمام الاكتئاب «لانشغال» وزير الداخلية عن تنفيذ تعهده بإنهاء ما يحدث بالجامعات فى 3 دقائق.. بشر كفروا باستكانة وتردد وخنوع وارتعاش أيادى من حملوهم إلى مقاعد الحكومة.. قوى ترفض الاعتراف بالواقع ويستهويها وهم «عروض قوتها» فراحت تشهر سلاح التخريب والإحراق والتدمير.. وأخرى وجدت -فى الاعتراض على محاولة استرداد هيبة الدولة وإخضاع الجميع لسيادة القانون- «حصان طروادة» للعودة إلى سابق مواقعها فى صدارة المشهد السياسى!! ما تشهده جامعات مصر من جانب طلاب «جماعة الإخوان الفوضويين» إنما يؤكد أن أباطرة التخريب وأثرياء الدم من قيادات الجماعة لا يزالون غارقين فى «وَهْم» أن بإمكانهم إرباك المشهد السياسى وتعطيل الاستحقاقات الدستورية أملاً فى إمكان العودة إلى ما كانوا عليه قبل نحو عام، حتى وإن كلفهم ذلك إسالة دماء شباب «مُختطف ذهنياً» -من غير أبناء قياداتهم- باعتبارهم «ملح الأرض»!! ويعتقد عدد ممن يعتبرون أنفسهم «طليعة قوى الثورة» فى أن اختراقهم قانون تنظيم التظاهر وتعمدهم الخروج فى استعراض «للقوة» دون إخطار الداخلية مسبقاً ومحاولتهم التحالف مع «قوى الشر الإخوانية» سيعيدهم مرة أخرى إلى مقاعد برامج «التوك شو» التليفزيونية وبالتالى سيفتح أمامهم أبواب منظمات المجتمع المدنى الدولية التى تعد «مغارة على بابا» ليغترفوا منها ما قد يشبع شبقهم للمال الحرام!! انشغل الجميع بتصفية الحسابات وبتحالفاتهم أو -بالأصح- مؤامراتهم، ونجحوا فى إقصاء جموع المواطنين -الذين انطلقت الثورة من أجلهم- وأسقطوهم من جميع حساباتهم، فكانوا هم أولى ضحاياها وعادوا إلى مواقعهم -التى اعتادوها- على بُعد مئات الكيلومترات من هامش اهتمامات المجتمع «منسحقين.. محدودى أو منعدمى الدخل» ليشكلوا مجدداً ذنباً لم يغفره الله سبحانه وتعالى لكل الأنظمة التى حكمت مصر، وقرباناً يقدمه أصحاب الائتلافات والتحالفات والمؤامرات ل «إله» الفساد والاستغلال وتحقيق المصالح الضيقة على حساب الملايين..!! فئتان انشغلتا بمشروعهما الخاص.. الأولى تصر على إفشال ثورة 30 يونيو ونشر الفوضى، فربما تستطيع إتمام مشروعها فى إقامة الدولة الدينية «الثيوقراطية».. دولة المرشد «الجلباب واللحية».. والثانية مصممة على أن تكون خطوتها التالية «للخلف دُر» أملاً فى أن تنجح فى تنفيذ الهدف الذى حددته عواصم أخرى تفصل بيننا وبينها خطوط الطول والعرض على سطح الكرة الأرضية.. بينما قطاعات عريضة من الشعب تنتظر ثمرة الثورة وقد بدأ صبرها ينفد!! أغلبنا أصبح يستوعب أن هناك من يريد إفشال الثورة، وأن تسود الفوضى، وأن يكون الصراع فريضة على كل مواطن.. وإذا كان القلق -تلك السمة الإنسانية- قد دفع البعض للمشاركة بسلامة نية فى مسيرات تنطق بالخوف على مسار ومصير الثورة والتأكد من أن هديرها قد اخترق آذان من تعمدوا إظهار إصابتهم بالصمم، فإن كثيرين غيرهم قد خرجوا أيضاً فى مواجهتهم لهدف آخر مناهض لذلك تماماً، ألا وهو حصار الثورة وتوجيهها لصالحهم وحدهم وإسقاط كل من كان ينتظر أن يقطف ثماراً منها.!! فريقان يصر كل منهما دوماً على أن تكون خطوته التالية «للخلف دُر» دون أن ينتبه أى منهما إلى أن الشعب قد ركلهم إلى خارج اهتماماته وأصر على ضرورة أن تكون خطوته المقبلة للأمام.. فالإخوان الشياطين يستهدفون تحقيق الشقيق الرابع ل «الغول والعنقاء والخل الوفى» ب«إسكان» مندوب لهم فى القصر الجمهورى مرة أخرى.. أما أصحاب التوكيلات الحصرية للثورة فإنهم يخططون لاسترداد صورتهم الثورية التى أوهموا بها المواطنين.! ولأن تحقيق «المصلحة» على حساب الوطن وملايينه هو الخيط الرفيع الذى يجمع بين هذين الفريقين، فهل حان الوقت لأن تفيق الدولة من سباتها وتقطع ذلك الخيط ب«سكين» القانون وتُوقف «غزوة الجامعات» وأن تُحطم «حصان طروادة الثورة».. وأن تتوضأ الحكومة وتدعو الله سبحانه وتعالى أن يغفر لها ذلك «الذنب» الذى يمثله لها ملايين المواطنين؟!