مثلما اعتادت طوال تاريخها على أن تُمثل الذنب الذى لم يغفره الله سبحانه وتعالى حتى الآن لكل الأنظمة التى توالت لتدير أمورالبلاد يبدو أن تلك الفئة من غالبية المواطنين التى تعيش على بعد مئات الكيلو مترات من هامش اهتمامات المجتمع "منسحقة أو محدودة أو منعدمة الدخل " ستكون هى " القربان " الذى يقدمه أصحاب الائتلافات والفصائل والجماعات السياسية ومطلقوا نداءات المليونيات وأصحاب دعاوى الاجتماعت الطارئة لجمعيات نقاباتهم وأنديتهم التى تضمهم أسوارها ليكتمل مشهد الصراع والنزاع الذى اقتربت ملامحه على التجسد .! عيون تنطق بالغضب, وأخري يسكنها القلق .. قلوب استسلمت للانتقام ,وأخري سيطر عليها الخوف.. نفوس باتت مرهقة وأخرى رفعت الراية البيضاء أمام الاكتئاب والإحباط .. قوي تسعي جاهدة لإزاحة من يختلف معها , وأخري يستهويهاعرض قوتها فراحت تشهر سلاح الإقصاءوالإبعاد للآخر.. أصوات تُجهر بتكفير الآخر .. وأخرى تبادلها بالتخوين .. فضائيات تنهى برامجها بكل ما يصيب مشاهديها بالإحباط والاكتئاب كل ذلك يمثل مفردات المشهد الحالى..!! انشغل الجميع بتصفية الحسابات ونجحوا فى إقصاء جموع المواطنين - الذين انطلقت الثورة من أجلهم - وأسقطوهم من جميع حساباتهم فكانوا هم أولى ضحاياها .. أصوات تنطق باتهامات, وحناجر تهتف بإسقاط كل شيء.. مليونيات للإقصاء وأخري تدعيأنها للتوافق .. أصوات تدعو لنصوص حاكمة فى الدستور وأخري تجد في إزاحتها " للفظ " أو فى إضافتها لآخر بمثابة " حصان طروادة " لإتمام مشروعها في إقامةالدولة الدينية " الثيوقراطية " .. دولةالجلباب واللحية .. أصوات تصرخ بالتخوين.. وأخرى يحدوها الأمل فيأن تنجح الثورة, وقوى أخرى تبذل جهودا مكثفة للالتفاف عليها.. قطاعات عريضة من الشعب تنتظر ثمرةالثورة وأخري قد كفرت بها وبالثوارأنفسهم .. فالمشهد الآن ينذر بصراع لا ولن تحمدعقباه!! الجميع قد انشغل بمشروعه الخاص.. ينتظر أي خطأ من الآخر ليحوله إليخطيئة يندد بها ويلقى باتهاماته بالتكفير والتخوين على غيره .. الكل يصر دوما علي أن تكون خطوته التالية " للخلف در " دون أن ينتبهإلي ضرورة أن تكون للأمام .. الجميع يصرخبمطالبه دون أن يلتفت إلي حتمية التوحد أو علي الأقل التوافق .. أغلبنا أصبح لايستوعب أن هناك من يريد إفشال الثورة, وأن تسود الفوضي, وأن يكون الصراع فريضة عليكل مواطن.. والأقلية من دوننا تعلم أي طريق تسلك, وأي وسيلة تحقق الهدف الذي حددتهعواصم أخري تفصل بيننا وبينها خطوط الطول والعرض علي سطح الكرة الأرضية!! وإذاكان القلق تلك السمة الإنسانية قد دفع البعض للمشاركة بسلامة نية في مسيراتتنطق بالخوف علي مسار ومصير الثورة والتأكد من أن هديرها قداخترق آذان من تعمدوا إظهار إصابتهم بالصمم فإن كثيرين غيرهم قد خرجوا أيضا فى مواجهتهم لهدف آخر مناهض لذلك تماما ألا وهو حصار الثورة وتوجيهها لصالحهم وحدهم وإسقاط كل من كان ينتظر أن يقطف ثمار منها . وإذا كان من الصعوبةعلي البعض إنهاء حالة " للخلف در " التى يسعى البعض لفرضها علينا فإنه بات علينا أن نفيق لنبدأ - وعلي الفور - " خطوة تنظيم " حتيتكون خطوتنا المقبلة للأمام .. فالقضية ليست "حلم ثورة " باتت على شفا الإجهاض أو أن رومانسيتها باتت تتهدد بتصنيف وإقصاء واستئصال وتكفير وتخوين البعض للآخر ' وإنما القضية فى حقيقتها أن أهداف الثورة لم تتحقق بعد وأن الجميع أصبح منشغلا بإدارة صراعه مع الآخر ليفرض كلمته وحده على الجميع دون أن يشغل نفسه حتى فى مجرد التفكير فى أن حلم تحقيق العدالة الإجتماعية لم يلح فى الأفق بعد وأن من خرجت الثورة لانتشالهم هم أول الغرقى فى طوفان "صراع وعروض القوى " .. فهل آن الأوان لنتوضأ جميعا وندعو الله أن يغفر ذنبنا هذا أم سيظل هذا الذنب قائما ولن يغفره الله لنا ؟!