تمر ثورة الخامس والعشرين من يناير في الوقت الراهن بواحد من أخطر منعطفاتها, إن لم يكن الأخطر علي الإطلاق بعد أن قامت الثورة بمشاركة كل فصائل الشعب من مسلمين ومسيحيين, ومن جميع الفصائل والقوي السياسية من الليبراليين واليساريين والاسلاميين باختلاف تنويعاتهم, ونجحت في إزاحة الطغيان والديكتاتورية عندما توحد الجميع علي الأهداف النبيلة والمشروعة. والآن وبعد هذا النجاح المبهر, فإن الثورة تعاني أعراضا تشكل خطرا حقيقيا علي اكتمالها وتحقيق مكتسباتها, ومن بينها البطء الذي يبدو متعمدا في التغيير والإصلاح, خاصة فيما يتعلق بإقصاء الرموز الفاسدة القديمة وتغيير السياسات التي قامت الثورة ضدها, وكذلك النخبة التي بدأت تتصارع علي مكاسب ضيقة, وتتنازع علي تحقيق مصالح حزبية أو ذاتية حتي وصل الأمر إلي درجة التخوين, والتكفير المتبادل, والمزايدات العلنية. ولن يتم علاج كل هذه الظواهر إلا بالعودة إلي حالة التوافق التي عاشها المصريون أيام الثورة مرة أخري, وذلك من خلال الامتناع عن إقامة أي مسيرات أو احتجاجات أو اعتصامات يقررها فريق واحد بعينه, وإنما يلزم أن يكون ذلك بتوافق الجميع ليكون المصريون يدا واحدة كما كانوا خلال أيام الثورة. ولنبدأ الآن وفورا في تصحيح مسار الثورة وتنقية صفوف الثوار من المغامرين أو الدخلاء, لأنه لا سبيل إلي الاستقرار والبناء إلا بذلك.