منذ أيام وجدت فى أحد البرامج لواء شرطة يدعى على ما أتذكر «البسيونى».. يقول إن قانون التظاهر سينفذ بالجزمة أو يطبق بالجزمة.. كان هذا اللواء الغضنفر فى حالة من الخيلاء والغرور وهو يتحدث كأنه ملك الدنيا وما عليها.. عرفت أن هذا اللواء كان مدير أمن سابقاً، ورغم أن المذيعة حاولت إيقافه وتنبيهه فإنه أصر وحاول.. أعتقد أن هذا الرجل كان قد اختفى تماماً فى أعقاب 25 يناير ولم يستطع أن يخطو خطوة واحدة فى الشارع.. هذا الأسلوب الإرهابى الوضيع لا يختلف تماماً عن أى إرهابى يهدد بقطع الرؤوس.. بل إن جريمة هذا البسيونى تتعاظم عندما نجد أنه كان يوماً فى موقع المسئولية.. فالإرهابى قد عرفه الشعب ولفظه عندما نطق بمثل هذه الكلمات الدموية.. إن الشعب الذى رفض أن يحكَم بمجرد التهديد بالأسلوب الاستبدادى والقمعى وتقسيم الشعب يرفض أيضاً أن يحكَم بالجزمة، بل إنه يسحق من يردد هذا بالجزمة.. ومنذ أيام خرج علينا الإعلامى يوسف الحسينى ليؤكد موقفاً يندى له الجبين من ضابط شرطة فى تعامله مع أحد معدى برنامجه.. أيضاً عندما كنت فى حديث منذ فترة قريبة مع أحد الأصدقاء وأقول له إن مافيا الفساد ما قبل 25 يناير ستمهد الطريق بثورة جديدة.. فرد علىّ قائلاً: وعودة الدولة البوليسية من جديد ستعجل أيضاً بها.. الشعب المصرى لن يقبل أبداً أن يحكم بطريقة البسيونى أو بطريقة حكم القوة.. لم أرَ منظمات التمويل الأجنبى المسماة زوراً وبهتاناً بالمنظمات الحقوقية تخرج لتعترض على ما قاله البسيونى.. لم أرَ أى بيان من وزارة الداخلية يتبرأ ويلفظ ما قاله البسيونى.. إن أمثال هؤلاء هم الذين أساءوا للشرطة، وكل من يمارس أسلوب البطش والقمع.. لن يقبَل منهم من احتضن عناصر البلطجة وجاء يوم انقلب البلطجى على من ربّاه!! وقرأنا كثيراً عن أن هناك ضباطاً شرفاء سقطوا بأيدى بلطجية وعتاة المجرمين.. وأن هناك ضباطاً سقطوا فى تأدية رسالتهم للدفاع عن المواطن، وضباطاً ضحوا بأنفسهم فى سبيل إنقاذ فتاة من الاغتصاب.. وهناك من دفعوا أرواحهم دفاعاً عن حدود الوطن.. وهناك من استشهدوا مثل ضباط المطافى وغيرهم.. لكن أن يقبل الشعب مرة أخرى بضابط أو شرطى يزهق الأرواح مثل خالد سعيد وسيد بلال أو يعذب أو يقهر أو ينتهك حق آدمية الإنسان، فهذا أمر مرفوض مرفوض.. أن تعود الدولة البوليسية مرة أخرى فهذا أيضاً لن يكون إلا فى الأحلام.. تماماً مثلما سطرت منظمات حقوق الإنسان الشريفة ومنظمات العفو الدولية الفظائع والجرائم التى وقعت من قبل فى حق المواطن على أيدى الدولة البوليسية.. ولم يتحرك حينها صانعو القرار واعتمدوا على أنهم ملكوا الدنيا وما عليها.. وأن مصر ما هى إلا عزبة يتوارثون حكمها هم وأبناؤهم من بعدهم.. وأن الشعب غير مسموح له إلا بحرية الصراخ كما قالها من قبل أحد وزرائهم فى برلمانات ما قبل 25 يناير.. إن الجرائم التى وقعت تقدمنا حينها ووقتها وهم على عروشهم باستجوابات، ولكن قوة الدولة البوليسية ومافيا الفساد والاحتكار المسيطرة على البرلمان حالت دون مناقشة هذه الاستجوابات.. ولكننا كنا نتحايل لإثارتها رغم ما يقابلنا من صد وهجوم.. وكانت تتحول لجنة الدفاع والأمن القومى فى البرلمان إلى معركة بين نواب المعارضة والمستقلين من جانب وبين ميليشيات الدولة البوليسية من أعضاء المجلس الذين يدفعون بهم مع كل قضية تُعرض فى المجلس.. إذن لم يكن أمام الشعب حقاً إلا حرية الصراخ.. فتراكمت الجرائم واختنقت الصدور وكانت لحظة انفجار.. لكنها عندما جاءت لم تستطع أن تفرق بين الخبيث والطيب.. وهذا ما أخشاه.. أن يضيع الطيب بعمل السفهاء.. وحينها لن ينفع الندم.. حضرات.. أنتم لست بسادة، فالشعب هو السيد.