السيسي يلقي كلمة مهمة للمصريين بعد قليل    بعد الفصل، كيف تحمي حقوقك التأمينية دون خسارة سنوات عملك؟    إنقاذ مئات السياح بعد عاصفة ثلجية في جبل إيفرست    الانتقال إلى دولة عربية وعدم الغناء في لبنان، تفاصيل تسوية وضع فضل شاكر قبل محاكمته    لماذا يتصدر المصري جدول الدوري رغم تساويه مع الزمالك والأهلي؟    موعد مباراة مصر وجيبوتي في تصفيات كأس العالم والقناة الناقلة    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية في إمبابة    نظير عياد يتفقد إدارة الفتوى الإلكترونية ويوصي بضرورة رصد الظواهر والمسائل الغريبة    رئيس وزراء باكستان يتطلع إلى تعزيز العلاقات مع ماليزيا    تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية اليوم 6 أكتوبر 2025    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي لمكانه الطبيعي    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    طقس اليوم .. أجواء خريفية اليوم وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 30 درجة والصغرى 21    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    «الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    اليوم.. الفصل في المنافسة المصرية الكونغولية على رئاسة «اليونسكو»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6اكتوبر 2025في المنيا.. تعرف على مواعيد الأذان    حاكمان ديمقراطيان يتعهدان بمعركة قضائية بعد إرسال ترامب حرس كاليفورنيا الوطني إلى أوريجون    بعد 64 عامًا.. «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس من السينما والدراما إلى خشبة المسرح    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 بعد آخر ارتفاع.. حديد عز بكام؟    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    استبدليه بالبيض والفول والجبن فورا، استشاري يحذر من اللانشون في ساندويتشات المدرسة    «أزمة مع النحاس؟».. وليد صلاح الدين يكشف حقيقة عرض أفشة للبيع (خاص)    قناة عبرية: ناشطة من أسطول الصمود تعض موظفة في أحد السجون الإسرائيلية    ترامب: لم يتبق أي قوارب قبالة فنزويلا بعد الضربات الأمريكية    مزيج بين الجريمة والدراما.. موعد عرض مسلسل المحتالون التركي الحلقة 1    مدحت صالح يتألق في حفل قصر عابدين بأجمل أغانيه    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    حبس المتهمين بإدارة نادٍ صحي لاستغلاله في ممارسة الأعمال المنافية للآداب بمدينة نصر    لجنة الشكاوى ب"الأعلى للإعلام" تستدعي الممثل القانوني لموقع "الموقع" وتحقق في شكوى هالة صدقي    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    «لا أعرف لماذا أنت سلبي بهذا الشكل اللعين.. ماذا دار في مكالمة ترامب ونتنياهو؟    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    من غير غسيل.. خطوات تنظيف المراتب من البقع والأتربة    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    قرار من النيابة ضد المتهم بالتعدي على آخر في حدائق القبة وبحوزته سلاحان ناري وأبيض    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    الجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة يطلقان النسخة الرابعة من محاكاة قمة المناخ COP30    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    وزارة الحج والعمرة: جميع أنواع التأشيرات تتيح أداء مناسك العمرة    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    سعر السمك البلطى والكابوريا والجمبرى في الأسواق اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    ترقي وإعادة تعيين المعلمين 2025.. «الأكاديمية» تحدد مواعيد جديدة لاختبارات الصلاحية    أسعار الذهب في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 6 أكتوبر 2025    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    بدر محمد بطل فيلم ضي في أول حوار تلفزيوني: الاختلاف قد يكون ميزة    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    أمين الإفتاء: الصبر على الزوجة والتحمل والاجتهاد في الموعظة له أجر وثواب من الله    تعرف على مواقيت الصلاة غد الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زايد.. الوحدوى!!
نشر في الوطن يوم 06 - 12 - 2013

أطلق حلم «اتحاد الإمارات» منذ 42 عاماً وكان يقول «الأصل هو الوحدة والتجزئة هى الاستثناء»
كان يرفض استخدام القوة فى تحقيق الحلم الوحدوى ويؤمن بالحوار وسيلة
أوصى أبناءه بمصر قبل الرحيل فكانوا خير الأوفياء لمصر ولوصية والدهم
كان رجل الأفعال قال فصدق وأطلق مقولة «النفط العربى ليس أغلى من الدم العربى»
كان قائداً وحدوياً، لم يتردد فى تحقيق الحلم. أدرك حقيقة الواقع، وحذر من خطورة الفرقة. كان واسع الآفاق، سعى إلى الحوار بين أشقائه، واستطاع فى فترة سنوات معدودة، أن يضع إطاراً وحدوياً، أطلق عليه اسم «الاتحاد» لتنطلق الدولة الفتية وتصبح الآن ملء السمع والبصر، فتحقق أعلى المعدلات وتقدم نماذج تُحتذى، وتفوز -دوناً عن غيرها- باستضافة «إكسبو» الدولى لعام 2020، فتهزم الجميع بالضربة القاضية ويختار العالم مدينة دبى لتكون بذلك أول مدينة فى المنطقة تحتضن هذه التظاهرة التجارية الدولية، بعد حصولها على 116 صوتاً من أصوات 168 دولة شاركت فى التصويت، ولتتغلب بذلك على روسيا وتركيا والبرازيل.
بدأ الحلم عام 1968 عندما قررت الحكومة البريطانية إنهاء جميع المعاهدات الخاصة بحماية الإمارات الخليجية، وتوعدت بالانسحاب منها مع نهاية عام 1971، قرر أن يتوجه الشيخ زايد إلى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوب حاكم دبى، التقيا فى «السمحة» على الحدود بين أبوظبى ودبى، ووافقا فى 18 فبراير 1968 على دمج إمارتيهما فى اتحاد واحد والتواصل مع بقية الإمارات لإعلان الاتحاد فيها بينها فى أعقاب الانسحاب البريطانى من كل الإمارات.
كان الاتفاق منذ البداية يقضى بالمشاركة معاً فى إدارة الشئون الخارجية والدفاع والأمن والخدمات الاجتماعية وأيضاً الاتفاق على تبنى سياسة مشتركة لشئون الهجرة فى البلاد، أما المسائل المحلية فقد تم تركها إلى السلطات المحلية فى الإمارات.
تواصلت الاجتماعات منذ هذا الوقت، واتفق حكام الإمارات على ضرورات الوحدة وبدأوا على الفور فى اتخاذ الخطوات الإجرائية التى قدروا لها الانتهاء فى نحو ثلاث سنوات قادمة.
كان الشيخ زايد يقول لرفاقه من حكام الإمارات «إن الاتحاد هو طريق القوة وطريق العزة وطريق المنعة والخير المشترك، وإن الفرقة لا ينتج عنها إلا الضعف وإن الكيانات الهزيلة لا مكان لها فى عالم اليوم».
فى الثامن عشر من يوليو 1971 قرر حكام ست إمارات، وهى أبوظبى ودبى والشارقة وعجمان وأم القوين والفجيرة تكوين الاتحاد، بينما طلبت «رأس الخيمة» تأجيل انضمامها إلى وقت لاحق. بدأت الصياغات النهائية لمشروع الاتحاد. كان الشيخ زايد يسعى إلى ضم كل من البحرين وقطر اللتين حصلتا على استقلالهما فى أغسطس وسبتمبر من عام 1971، إلا أنه لم يستطع فى ذلك الوقت.
فى الثانى من ديسمبر 1971، كان الاجتماع الحاسم، لقد تم إنجاز المهمة، ولم يبق سوى الإعلان، اجتمع حكام الإمارات وأعلنوا رسمياً عن تأسيس دولة مستقلة ذات سيادة، ثم سرعان ما انضمت إليها رأس الخيمة فى 10 فبراير 1972. جرى الاتفاق على مؤسسات الدولة المختلفة التى تضمنها الدستور المؤقت الذى تحول فى 20 مايو 1996 إلى دستور دائم، وأصبح المجلس الأعلى المكون من الحكام السبعة هو المؤسسة الرئيسية التى تمتلك القوة الشرعية والتنفيذية.
لقد استطاع الشيخ زايد بن سلطان أن يقود السفينة فى هذا الوقت بعد أن انتخبه حكام الإمارات رئيساً للدولة مدة خمس سنوات، كان يجرى تجديدها بإعادة انتخابه حتى رحيله رحمة الله عليه.
لم يكن الشيخ زايد من هؤلاء الحكام الذين يسعون إلى إثارة الفتن والنعرات، أو الديكتاتورية فى إصدار القرار. كان حكيماً، عروبياً، لديه إيمان عميق بالوحدة، وكانت مواقفه تعكس ذلك، حتى أطلق عليه «حكيم العرب» لدوره البارز فى رأب الصدع الذى كان يطرأ على العلاقات العربية -العربية.
لم يكن من هؤلاء الذين يؤمنون باستخدام القوة فى تحقيق الحلم الوحدوى، وعندما أعرب عن رغبته فى ضم قطر والبحرين إلى مشروع الاتحاد قال يومها: «إننى لا أفرض الوحدة على أحد قط، هذا استبداد، كل منا له رأى مختلف ومغاير لرأى الآخر، نتبادل هذه الآراء ونصهرها فى بوتقة واحدة ونستخلص منها الجوهر، هذه هى ديمقراطيتنا وديمقراطية الوحدة».
كان الشيخ زايد «رحمة الله عليه» يرى أن الاتحاد هو جزء من دولة الوحدة القومية التى يأمل فى تحقيقها بين جميع البلدان العربية، لقد كان يقول دوماً فى خطبه: «الأصل هو الوحدة، أما التجزئة فهى الاستثناء المؤقت وغير الدائم».
كان الشيخ زايد يدرك تماماً أن الهدف من الوحدة ليس فقط القضاء على التجزئة التى لم يستفد منها سوى المعادون للأمة، وإنما كان يدرك أن الوحدة هى هدف للقضاء على مشاكل الفقر وتراجع التنمية واختلال التكامل. استطاع أن يوظف الثروة النفطية لتحقيق التطور التنموى وتحقيق أعلى معدلات للدخل فى المنطقة، ثم فى العالم.
كان يقول دوماً لا نفع للمال إذا لم يسخر لخدمة الشعب وفى الذكرى الخامسة والعشرين للاتحاد قال «رحمة الله عليه»: «إن كل ما تم إنجازه قد فاق توقعاتنا، وإن ذلك قد تم بمساعدة من الله سبحانه وتعالى أولاً، ثم بعزم وقوة وإرادة صادقة، وإنه ليس هناك شىء لا يمكن تحقيقه لخدمة الشعب ما دام العزم ثابتاً وقوياً، وما دامت النوايا صادقة».
واستطاع الشيخ زايد بن سلطان بالتعاون مع أشقائه، خصوصاً حاكم دبى أن يبنى مؤسسات لدولة حديثة ورثها الأبناء وقاموا بتطويرها واستخدموا كل أساليب التقدم التكنولوجى لتحقيقها فكانت مدينة دبى، جنباً إلى جنب مع أبوظبى، تقدم نموذجاً أبهر العالم بفعل الرؤية التى طرحها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فى عصرنة المدينة وجعلها قبلة للتجارة والتقدم فى العالم العربى.
وكان الشيخ زايد صادقاً مع نفسه ومع شعاراته. كان يرى أن مصر حجر الزاوية، وأن نهوضها هو نهوض للأمة، لقد وقف بكل جسارة فى حرب أكتوبر 73، ذهب إلى لندن ليقترض من البنوك البريطانية لصالح هذه الحرب، كان جريئاً فى مواقفه العروبية. قال مقولته الشهيرة عندما أصدر قراره مع شقيقه الملك فيصل وحكام الأمة الآخرين بقطع النفط عن أمريكا والغرب: «إن النفط العربى ليس أغلى من الدم العربى».
كان يقدم المساعدات الاقتصادية إلى مصر، فانتشرت مشروعاته التنموية والمدن التى حملت اسمه والمشروعات الخيرية فى جميع أنحاء البلاد. لقد قال: «إن نهضة مصر نهضة للعرب كلهم، وقد أوصيت أبنائى بأن يكونوا دوماً إلى جانب مصر». كان يقول: «لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود دون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأى حال أن تستغنى عن الأمة العربية».
أخلص أبناؤه للرسالة. كانت الإمارات قيادة وشعباً تتابع التطورات التى شهدتها -ولا تزال تشهدها- مصر، وكأنها فى قلب الحدث المصرى، كان لهم موقفهم من جماعة الإخوان منذ البداية، لقد عرفهم الشيخ زايد جيداً، فتح لهم الأبواب فتآمروا عليه. منحهم المشروعية فانقلبوا عليها. كانوا يقولون كلاماً فى مجلسه، ثم ينقضونه فى الخفاء؛ ولذلك ازداد قلق الإماراتيين مع وصول الإخوان إلى السلطة فى مصر، كان لهم موقفهم الواضح دون مزايدة، لكن الأبناء كانوا يدركون أن الإخوان إلى زوال، ولذلك حرصوا على العمالة المصرية لديهم، وانتظروا اللحظة.
عندما سقط الإخوان تجسدت كلمات الشيخ زايد فى أبنائه وفى حكام وشعب الإمارات جميعاً، لقد أعطى الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، التعليمات لجميع أجهزة الدولة بالوقوف إلى جانب مصر بكل ما تملك الإمارات من إمكانات، وكان للشيخ محمد بن راشد وقفاته، وللشيخ الدكتور سلطان القاسمى حاكم الشارقة، دعمه المستمر، وكانت كلمة الشيخ محمد بن زايد التى أطلقها فى مصر تجسيداً لكل هذا المعانى عندما قال: «سوف نقتسم رغيف العيش مع مصر».
اليوم ودولة الإمارات تحتفل بالذكرى الثانية والأربعين لتأسيس «الاتحاد»، يتجسد حلم الشيخ زايد والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم فى أبهى صوره، تبدو الإمارات كعروس فى منطقة تموج بالمشاكل والأزمات، يتجسد الحلم الوحدوى ويتدعم فى وقت تتفكك فيه الأوطان، إنها حكمة الوحدوى المؤمن بعروبته، الإنسان الذى ظل يعطى الوطن والأمة حتى اللحظة الأخيرة من حياته.
التحية لروح رجل أخلص للإمارات وللأمة، فخلد اسمه فى صفحات التاريخ، وأعطى نموذجاً يُحتذى فى الوفاء والصدق والإخلاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.